ويتحمّل مرضى العلاج الكيماويّ آلام العلاج ومشقّة السفر، الذي قد يستمرّ، في كثيرٍ من الأحيان، يوماً كاملاً. وتحصل قلة قليلة منهم على العلاج مجاناً، تبعاً لحالتهم الصحية، أو (الواسطة) التي يأتون بها ويضطرّ آخرون إلى شراء العلاج من خارج المشفى، بالرغم من الأسعار المرتفعة لهذا النوع من الأدوية.
يتوافر علاج الأورام في أماكن محدودةٍ جداً في سوريا، ويعدّ مشفى البيروني في دمشق أكبر المراكز المتخصّصة في علاج الأورام في البلاد، مقارنةً بباقي المراكز. وتشير مصادر إدارية من داخل المشفى إلى أن 80% من مرضى السرطان السوريين مضطرّون إلى التوجّه إليه مرّةً واحدةً على الأقلّ، لإجراء الفحوصات التشخيصية الدقيقة، فيما يتلقّى أكثر من 50% من المرضى علاجهم كاملاً فيه
يتحدث دكتور حسين لمراسل "سبوتنيك"، وهو طبيبٌ متخصّصٌ في علاج الأورام: "مرضى المشفى يأتون اليوم من جميع المحافظات السورية، لإجراء الفحوص وتلقّي العلاج. يصل إلينا بعض المرضى منهكين وغير مؤهّلين لبدء العلاج، بسبب صعوبات السفر الطويل، مع هذا لا يستطيع الكثير من المرضى التوجّه إلى دمشق لاعتباراتٍ عديدة، منها قيود أمنية بسبب وجودهم في مناطق تحت سيطرة المعارضة، أو لاعتبارات مادّية، وفي حين كنا نستقبل أكثر من 400 مريضٍ في المتوسّط، خلال سنواتٍ سابقة، نستقبل الآن ما لا يتجاوز الـ300 مريض، بالرغم من أن المشفى بات يتفرّد اليوم بإجراء بعض الفحوصات، بسبب تعطّل المراكز الأخرى
ويكمل الطبيب: "لدينا نقص كمية العلاجات الكيماوية التي يحصل عليها المشفى، نسبةً إلى عدد المرضى. فالكثير من المرضى لا يحصلون إلا على الأدوية السامّة للخلايا السرطانية، كما يسبّب التوافر غير المنتظم للتيار الكهربائيّ خللاً في تقديم العلاج الشعاعيّ، بما فيه العلاج الشعاعيّ الموضعيّ. أما العلاج بوحدة الكوبالت فلا يعمل دون وجود مصدر بديل للطاقة".
يضطرّ معظم المرضى، اليوم، إلى شراء العلاج بأنفسهم قبل التوجّه إلى المشفى. ويقتصر توافر العلاج على صيدليةٍ واحدةٍ فقط في كلٍّ من حلب واللاذقية ودمشق. وفيما تعدّ تكاليف الأدوية السرطانية باهظةً جداً، لا يجد الفقراء من المرضى حلاً سوى انتظار دورهم للحصول على الدواء المجانيّ من المشفى، أو اللجوء إلى علاجاتٍ تقليديةٍ تعدّ عديمة الفائدة، من وجهة نظرٍ طبية.
اعتمدت سوريا، فيما مضى، على الأدوية السرطانية المستوردة، إلا أن كلاً من العقوبات الاقتصادية، أدّى إلى نقصٍ كبيرٍ في توافر الأدوية السرطانية في البلاد.
يقول أحمد الحجّي، وهو صيدلاني ومدير أحد المستودعات الدوائية: "ليست هناك أية بدائل محلية الصنع لأدوية السرطان. وقد حظرت قوانين جديدة تأمين هذه الأدوية من أية جهةٍ لا تنتمي إلى ما سمّي بالدول الصديقة لسوريا، ما تسبّب بمشاكل قانونيةٍ للعديد من المستودعات التي استوردت الأدوية في وقتٍ سابق، بهدف سدّ الحاجة المتزايدة وإنقاذ المرضى
ويعدّ مرضى السرطان الموجودون في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة الإرهابية الأسوأ حالاً، في ظلّ غياب جهةٍ معنيّةٍ بتقديم العلاج لهم في مناطقهم، ما يضطرّهم إلى السفر إلى دولٍ أخرى ويرجّح الأطباء زيادةً مستقبليةً في عدد مرضى السرطان السوريين. والسبب، هو التأثير الطويل الأمد لمخلّفات الحرب، كالتلوّث بالمواد الكيماوية والعضوية والمعدنية.