لافتا إلى أنه — ومن جهة ثانية — في الوقوف عند لحظة تاريخية محددة لا يملكون القدرة على مغادرتها سواء لقناعات شخصية تتداخل مع عقلية ثأرية قاتلة، أم امتثال أعمى لأوامر خارجية صادرة عن أمراء حرب إقليميين ودوليين استثمروا بمستقبلهم السياسي في "إدارة التوحش" الذي مارسته زبانيتهم في المأساة السورية، بما يحول دون دعمهم عملية الانتقال الجدي والمطلوب من وضعية الحرب وسفك الدماء إلى وضعية السلام وبدء مرحلة إعادة الإعمار، على حد قول الكاتب حسن.
وأضاف: بالطبع فإن مبعث الشكوك الجدية تمثّل، تحديدا، في الملابسات التي رافقت إعادة إنتاج "وفد الرياض" بحلته الجديدة شكلا والقديمة مضمونا، فإذا كان بعض المتفائلين بإعادة الإنتاج هذه قد عول على ابتعاد، أو إبعاد، بعض الرؤوس الحامية وإضافة ممثلي "منصات" معارضة أخرى إلى الوفد، إلا أن روح "منصة الرياض"، وعلى ما يبدو من البيان الختامي للاجتماع الأخير، كانت هي المسيطرة هناك، وكان أصحابها يحتاجون، ومن كتب شروطهم المسبقة، إلى من يقرأ ويفسر لهم في القانون أولا مضمون القرار "2254"، ولمن يقرأ لهم في السياسة ثانيا أن "الرياض" ذاتها خرجت بصورة كبيرة من اللعبة، وأن الاعتماد عليها لم يعد مجديا.
واستدرك قائلا:
بالتالي كان من الأفضل، للوفد ورعاته، الاعتماد على الوقائع الساطعة للتغيرات التي أنتجها الميدان السوري، والتي فهمها لاعبون إقليميون ودوليون.
وخلص الكاتب في مقاله إلى أنه
بهذا المعنى قد لا يكون جنيف الحالي، إذا استمر البعض في تعنته، سوى "مجرّد مهرجان احتفالي"، لا يمكن فيه "طي صفحة الماضي…والتعامل من الآن فصاعدا مع كل المسائل، في إطار المسار السياسي"، كما تمنى دي ميستورا، ونحن معه في ذلك.
ولكن لأن السياسة لا تعترف إلا بالحقائق الباردة، فيبدو أن الإنتاج الحقيقي- مع التأكيد مرة أخرى على الجملة الشرطية "إذا استمر البعض في تعنته"- سينتظر "سوتشي" الجامعة لمعنيين حقيقيين بوقف سفك الدم السوري، وهو نتاج لا نستبعد أن يحتاج أولا إلى أكثر من جولة واحدة، وثانيا إلى أن ينتظر لتظهيره "جنيفا" جديدا مراعاة للياقات سياسية ودبلوماسية دولية تحفظ ماء وجه الدول وتجعل من إمكانية تجرعهم للهزيمة التي تكبدوها على الأرض السورية أفضل وأكثر سهولة.