وقال مصدر سياسي مطّلع على المشاورات لوكالة "سبوتنيك": "إن اتصالات مكثفة جرت خلال الساعات الماضية على مستوى الرئاسات الثلاث لوضع التفاصيل النهائية بشأن وثيقة المبائ، ما أفضى إلى التوافق، ليل أمس، على تحديد موعد الجلسة الحكومية المرتقبة".
وأضاف المصدر أن وثيقة المبادئ قد تصدر على شكل "بيان وزاري مصغّر" يتضمن التأكيد على التفاهمات الوطنية التي من شأنها إنهاء الأزمة السياسة واستعادة انتظام العمل الحكومي.
وأشار إلى أن البيان يتمحور حول أربع نقاط أساسية، هي "النأي بالنفس" عن الصراعات الإقليمية، و"عدم المس بالعلاقات العربية-العربية"، إلى جانب التشديد على ضرورة الالتزام باتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان (1975-1990) ويشكل ميثاقاً وطنياً بين اللبنانيين، إلى جانب التعهد بوقف الحملات الإعلامية المتبادلة.
ومن غير الواضح بعد ما إذا كانت هذه الصيغة التوافقية سترضي كل القوى المتمثلة في الحكومة اللبنانية، خصوصاً أن ثمة أحزاب تطالب بموقف أكثر تشدداً تجاه تدخل "حزب الله" في بعض الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط (سوريا، اليمن، العراق)، كما أنها تشدد على ضرورة فتح النقاش حول سلاح الحزب.
ومن أبرز تلك الأطراف حزب "القوات اللبنانية"، الذي سبق أن لوّح رئيسه سمير جعجع بامكانية الانسحاب من الحكومة اللبنانية، احتجاجاً على دور "حزب الله" في الصراعات الإقليمية، بالإضافة إلى حزب "الكتائب اللبنانية" وأطراف سياسية أخرى غير ممثلة في الحكومة الحالية.
وتأتي تلك التطورات بعد شهر واحد من إعلان الحريري استقالته المفاجئة، بعد ساعات من وصوله إلى الرياض، يوم الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، في خطوة أثارت أزمة سياسية خطيرة في البلاد. وما زالت ملابسات إعلان الاستقالة غير واضحة خصوصاً بعدما تحدّث رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون عن احتمال أن يكون الحريري قد أُرغم من قبل السعودية على تقديم استقالته، في ظل "احتجاز قسري" محتمل في الرياض، وهو ما نفاه رئيس الحكومة المستقيل، واصفاً ما قام به بأنه "صدمة إيجابية".
وخاضت الدبلوماسية اللبنانية، بإشراف مباشر من عون، خلال 18 يوماً، حملة دولية انتهت بسفر الحريري إلى باريس، ومن ثم إلى القاهرة، قبل عودته إلى بيروت عشية عيد الاستقلال في الثاني والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر، حيث أعلن "التريّث" في تقديم الاستقالة رسمياً، فاتحاً الباب أمام مشاورات سياسية لتكريس سياسة "النأي بالنفس"، التي تشكل، وفق ما قال، شرطاً أساسياً لضمان استقرار لبنان.
وفي حال مضت التسوية الحكومية على نحو إيجابي، فستكون عنصراً دافعاً باتجاه حصول لبنان على غطاء دولي لضمان استقراره السياسي والاقتصادي، في الاجتماع المرتقب لمجموعة الدعم الدولية التي ستعقد اجتماعاً لها في باريس على مستوى وزراء الخارجية.وتضم المجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، بريطانيا، والصين)، بالاضافة إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، فيما يتوقع مشاركة مصر، التي غالباً ما تقوم بدور الوساطة في الأزمات السياسية في لبنان. ومن المتوقع أن يرأس الحريري الوفد اللبناني إلى هذا الاجتماع، الذي غالباً ما تعوّل عليه الحكومة اللبنانية لتأمين الدعم الدولي للاستقرار الاقتصادي والسياسي في البلاد.