وكشف المسؤولون في تصريحات خاصة إلى "رويترز" أن الرياض تشارك ضمن استراتيجية أمريكية واسعة النطاق، في سبيل إرساء خطة سلام إسرائيلية فلسطينية، لم تزل في مراحلها الأولى.
صفقة كبرى
وقال أربعة مسؤولين فلسطينيين، طلبوا عدم ذكر أسمائهم، إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ناقش مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن، تفاصيل صفقة كبرى سيكشف عنها ترامب وصهرع جاريد كوشنر بحلول النصف الأول من العام المقبل.
وأوضح أحدهم أن ولي العهد طلب من أبو مازن دعم جهود السلام التي تبذلها الإدارة الأمريكية عندما التقيا في العاصمة السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني، فيما قال مسؤول آخر إن الأمير محمد قال لعباس: "اصبر، ستسمع أنباءًسارة، ستمضي عملية السلام".
اتفاق نهائي
وبحسب التقرير، يخشى مسؤولون فلسطينيون، وكثير من المسؤولين العرب، أن يتبع إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، منح الفلسطينيين حكماً ذاتياً محدوداً داخل مناطق متفرقة بالضفة الغربية، دون حق العودة للاجئين الذين شردوا في حربي 1948، و1967.
وقال المسؤولون الفلسطينيون إنهم يخشون من أن يكون الاقتراح الذي نقله الأمير محمد إلى عباس، ويقال إنه من كوشنر، هو نفسه هذا السيناريو.
وقال مسؤول فلسطيني ثالث إنه وفقًا لما قيل لعباس، فإن المقترح يشمل تأسيس "كيان فلسطيني" في غزة وثلاث مناطق إدارية بالضفة الغربية في المنطقة "أ" والمنطقة "ب" و10 في المئة من المنطقة "ج"، التي تضم مستوطنات يهودية، موضحًا أن المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية ستظل كما هي، ولن يحصل الفلسطينيون على حق العودة، فيما تستمر مسؤولية إسرائيل عن الحدود.
ورغم أن هذا المقترح يختلف قليلًا عن الترتيبات الحالية في الضفة الغربية، إذ يوسع نطاق سيطرة الفلسطينيين، لكنه يقل كثيراً عن مطالبهم الوطنية. وقال المسؤول إن الفلسطينيين رفضوا ذلك، مؤكدًا أن أبو مازن شرح الموقف وخطورته على القضية الفلسطينية، وأن السعودية تفهمت الأمر.
لكن مسؤولا في البيت الأبيض نفى أن يكون كوشنر نقل هذه التفاصيل إلى الأمير محمد بن سلمان، قائلا إنها "لا تعكس بدقة أي جزء من المحادثة"، مضيفًا أن كوشنر لم يطلب من ولي العهد التحدث مع عباس بشأن الخطة، في حين لم يرد الديوان الملكي السعودي على طلبات للتعليق من رويترز.
ويضيف التقرير أنه في محاولة لتخفيف أثر الصدمة التي أحدثها إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، اتصل ترامب بعباس يوم الثلاثاء، وأخبره بأن الفلسطينيين سيستفيدون من الخطة التي أعدها كوشنر ومبعوث الشرق الأوسط بالإدارة الأمريكية جيسون غرينبلات.
وبحسب تقرير "رويترز" يقول المسؤول الفلسطيني إن الرئيس ترامب قال لعباس "لديّ بعض المقتراحات التي ستعجبك"، وتابع المسؤول: "أبو مازن مزيدًا من التفاصيل، لكن ترامب لم يعطه أي تفاصيل"
ورجح مصدر سعودي، طلب عدم نشر اسمه نظراً لحساسية الموضوع، أن تظهر التفاهمات بشأن السلام في الأسابيع المقبلة، مضيفًا: "لا ينبغي أن تقلل من مهارات رجل الأعمال في ترامب، لقد وصفها دائما بالصفقة النهائية".
وأضاف المصدر: "لا أعتقد أن حكومتنا سوف تقبل بذلك، ما لم يكن لدى الملك سلمان وولي العهد، شيء جيد يقدمانه للعالم العربي في مقابل ذلك، وهو أن يحصل الفلسطينيون على دولتهم".
خط أحمر
ويصر الأردن، الحليف للولايات المتحدة، الذي لعب دورا أساسيا في عملية السلام منذ توقيع اتفاقه الثنائي مع إسرائيل في 1994، على أنه لا يمكن تحقيق سلام دون القدس.
وقال المحلل السياسي الأردني عريب الرنتاوي، الذي تحدث مع العاهل الأردني الملك عبد الله بعدما اجتماعه مع مسؤولين أمريكيين كبار الأسبوع الماضي، إن عمان قلقة من أن يتم تجاوزها لصالح السعودية.
وأضاف: "هناك رغبة في تقديم صفقة غير عادلة للفلسطينيين مقابل الحصول على دعم أمريكي وتمهيد الطريق للتعاون الخليجي الإسرائيلي لمواجهة إيران".
أمر مستبعد
وقال شادي حميد الباحث لدى معهد بروكينجز في واشنطن إنه "من المستبعد أن تعترض أغلب الدول العربية على إعلان ترامب لأنها تجد نفسها أكثر انسجامًا مع إسرائيل منها في أي وقت سابق، لاسيما فيما يتعلق بمواجهة إيران".
وقال في مقال نشر في مجلة ذا أتلانتك "لو كان السعوديون، بمن فيهم ولي العهد نفسه، مهتمون بشكل خاص بوضع القدس، لاستخدموا وضعهم المميز كحليف كبير لترامب وضغطوا عليه للامتناع عن مثل هذه الخطوة المسمومة التي لا داعي لها، فقد كان من المستبعد أن يمضي ترامب قدماً لو رسم السعوديون شيئاً يشبه الخط الأحمر".
كان وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز أبلغ إذاعة الجيش الإسرائيلي في نوفمبر/تشرين الثاني بأن إسرائيل أجرت اتصالات سرية مع السعودية ليكشف عن تعاملات سرية بين البلدين طالما كانت محوراً للشائعات، لكن السعودية نفت تلك التقارير.
وتقول المملكة إن تطبيع العلاقات يتوقف على انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها في حرب العام 1967، لكن المصلحة المشتركة قد تدفع السعودية وإسرائيل للعمل معاً في ظل اعتبار البلدين إيران تهديداً رئيسياً في الشرق الأوسط، على ما يذكر التقرير.
لكن دبلوماسيًا في المنطقة يقول: "لقد حصلوا على دعم غير مسبوق من واشنطن في الوقت الحالي، ويبدو أنهم يسعون للاستفادة منه استفادةً قصوى، إنهم ليسوا على استعداد للمجازفة بذلك".