سبوتنيك: إذا أردنا حصر التحديات التي تواجه مشروع المفاعل النووي مع "روس أتوم"، فما هو أبرز تحد؟
المسألة الاقتصادية بالدرجة الأولى.
سبوتنيك: ألا يوجد معوقات أخرى للمشروع؟
هناك معوقات تواجهنا في مكان إنشاء المفاعل النووي، لكن أود القول إن المشاكل التقنية يمكن حلها لكن المعوقات الاقتصادية هي الأساس، إذ أن سعر الفائدة المقدم لنا في الأردن من "روس أتوم" هو ثلاث أضعاف سعر الفائدة المقدم إلى مصر، فنسبة الفائدة في العرض المقدم إلى مصر هو 3% بينما للأردن 8%.
سبوتنيك: هل تقصد أنه يتم التعامل مع المشروع الأردني وكأنه مشروع تجاري، وليس مشروعاً بين حكومتين؟
أساس المشروع هو اتفاق بين حكومتين والغطاء للمشروع هو اتفاق حكومي، ولكن العرض تجاري بحت.
سبوتنيك: لكن تم الحديث قبل فترة قريبة بأن هنالك اتفاق قريب على الموضوع الاقتصادي بما يخص المشروع؟
الآن أجرينا دراسات اقتصادية، وقدمنا لهم التصور الاقتصادي للمشروع، ومشكلتنا هي بما يخص القرض التجاري، وكنا قد عرضنا على "روس أتوم" أن تكون صيغة القرض؛ قرض شريك (shareholder lone)، فالمشكلة في الأردن أن الحكومة لا يمكنها تحمل مديونية أكبر.
سبوتنيك: وبعد أن قدمتم وجهة نظركم بالموضوع الاقتصادي، هل وصلكم رد؟
نحن ننتظر رداً من الحكومة الروسية. آخر اجتماع مع "روس أتوم" لمسنا خلاله أنهم حاولوا تحسين العرض، لكن لم يكن الفرق على سعر الفائدة كبير جداً بين العرض الأول والثاني. ونحن نسعى لأن يكون القرض حكومياً وليس تجارياً، ولغاية اليوم القرض ما زال بمنظور تجاري. ونود الإشارة إلى أننا طلبنا أن يكون سعر الفائدة على المشروع 5,5%، بدلاً من 8%.
سبوتنيك: لكن تبقى نسبة (5.5%) أكبر من النسبة المقدمة لمصر وهي 3%؟
نعم، نحن عندما قدمنا طلبنا هذا فإننا نقدمه بواقعية، لأننا نعلم جيداً أنهم يتحملون التأمين على المخاطر، أعتقد أن النسبة التي طلبناها واقعية.
سبوتنيك: هنالك حديث أن "روس أتوم" نظرا لتراجع الطلب على المفاعلات النووية في العالم، تحاول رفع سعر المفاعلات النووية، فما تعليقكم؟
هذا الكلام غير دقيق، فالمنطقي أن التعامل مع تراجع الطلب على المفاعلات النووية في العالم يتم بتخفيض السعر وليس رفعه.
سبوتنيك: هل هنالك خطط قادمة بما يخص روسيا، إلى جانب مشروع المفاعل النووي الكبير ومفاعلات الوحدات الصغيرة الأربعة التي تنتجها روس أتوم، والتي تم توقيع مذكرة تفاهم بشأنها قبل أيام؟
المشروع الكبير الذي نتحدث عنه هو مفاعلان نوويان، وبالتوازي مع هذا المشروع سنقوم ببناء مفاعلات صغيرة وهي التي تم توقيع مذكرة التفاهم بشأنها قبل أيام، لكن بعد أن ننتهي من المفاعل الكبير.
سبوتنيك: متى نتوقع الانتهاء من بناء المفاعل النووي الكبير؟
يبدأ في 2021، والنهاية 2027. وبعد الانتهاء منذ ذلك سنبدأ العمل على المفاعلات الصغيرة.
سبوتنيك: هل هنالك اتفاقيات أخرى يمكن أن تجمع الأردن وروسيا في مجال المفاعلات النووية؟
بعد المفاعلات الكبيرة سنبدأ بالمفاعلات الصغيرة، ممكن أن يكون هنالك اتجاه للمفاعلات الصغيرة لتغطية نمو الطلب على الكهرباء، لكن الكبيرة فقط اثنين، ومن الممكن أن يكون هنالك اثنان، من الممكن أن يتم إنشاء مفاعلين صغيرين كل 4 أو 5 سنوات، لكن أود الإشارة إلى أن النمو الكهربائي في الأردن بطيء.
سبوتنيك: في المحصلة وبعد استعراض هذه التحديات، هل ثمة أفق للمشروع مع الروس؟
من منظور سياسي قطعا روسيا والصين بالنسبة للأردن هما خياران مفضلان. ومن جهة أخرى ليس لدينا اتفاقية تعاون نووي مع أمريكا، والاتفاقية إنما هي اتفاقية للدراسات…ووقعنا الاتفاقية بالحروف الأولى مع أمريكا في عام 2008 لكنهم تراجعوا عنها، مطالبين بإدخال تعديل يمنع القيام بالتخصيب في الأردن، ونحن من جانبنا رفضنا بطبيعة الحال على اعتبار أن هذا حقنا المشروع. وقد يكون السبب أن أمريكا لا تريد تكنولوجيا نووية في الشرق الأوسط، ولم يسبق لهم أن ساعدوا أي دولة عربية على تأسيس مثل هذه التكنولوجيا.
سبوتنيك: مستقبل المشاريع النووية في المملكة هي مع من بالمحصلة؟
روسيا أو الصين أو بريطانيا أو كوريا الجنوبية.
سبوتنيك: وكيف تتم المفاضلة بين هذه الدول؟
عملية المفاضلة بين العروض والتقنيات تخضع لعشر معايير رئيسية و140 معيارا فرعيا، فهي ليست عملية سهلة أو بسيطة ولا تتعلق فقط بالتكنولوجيا بحد ذاتها، فالتمويل عامل مهم، وأيضا نقل المعرفة عامل مهم جداً ويشكل لنا فائدة كأردن وبالتالي نحن نختار ما يناسبنا في الأردن ويحقق لنا الفائدة الأكبر.
سبوتنيك: هل لنا أن نشرح أكثر ما يخص جانب نقل المعرفة؟
من المعوقات في المشروع النووي أننا نلمس عدم رغبة الروس في نقل المعرفة، لدينا على سبيل المثال مفاعل عمره 60 عاماً، سيقوم عليه بداية وخلال العشر سنوات الأولى علماء روس إلى جانب الأردنيين، لكن في النهاية هذا مفاعل نووي للأردن، ونحن بحاجة لمعرفة كيفية تشغيله. ثمة مشكلة لدى روسيا منذ زمن الاتحاد السوفييتي إذ تعتبر المعلومات النووية لديهم سرية. فطلابنا في روسيا لا يدخلون المختبرات أو المؤسسات النووية الروسية، ودراستهم بالمجمل نظرية، وهم من الناحية التقنية ليسوا بمستوى خريجي فرنسا وكوريا الجنوبية، وهذا الموضوع رفعناه إلى الروس.
ونحن في الأردن لا يهمنا فقط شراء المفاعلات النووية، يهمنا بناء المعرفة، وما ينتج عن ذلك من فرص ممكنة للاقتصاد الوطني، هذا المتوقع من الطاقة النووية بالنسبة لنا، من منظور اقتصادي بحت اللجوء لخيارات تقليدية أخرى قد يكون أقل كلفة من إنشاء مفاعلين نوويين، ولكن المعرفة والموارد البشرية التي سيكتسبها الأردن في مجال الطاقة النووية قد تجعله في وضع يتيح له في المستقبل تقديم خدمات للدول المحيطة في مجال الطاقة النووية، ومن هنا جاء مثلاً تأسيس المفاعل البحثي، الذي لا علاقة له بمشروع المفاعلين وإنما ببناء المعرفة.
سبوتنيك: هناك حديث عن تعاون أردني مع الصين في إقامة مفاعل نووي، فهل هذا صحيح؟
منذ عام ونصف تمت المفاوضات مع الجانب الصيني للدخول كشريك، والصين تقوم بتمويل للجانب غير النووي بنفس المفاعل النووي مع روس أتوم، الروس سيتولون موضوع بناء الجزيرة النووية أما التوربينات والكهرباء والأجزاء غير النووية للمفاعل فستتولى أمرها الصين.
سبوتنيك: السفير الصيني تحدث عن 5-6 مليار لدعم المفاعل النووي، فهل هذا يعني أن ثمة اتفاق؟
كان هنالك عرض لأن تقوم الصين ببناء مفاعلين نوويين للأردن لكن في مكان آخر. ومنذ زمن قمنا بتوقيع اتفاقية مع الصين منذ العام 2007 ولدينا علاقات قديمة مع الصين، لكن في العام 2009 —2010 تبين أن المفاعل الصيني قديم، فكان أفضل مفاعلين هما الروسي أو الفرنسي، واتجهنا نحو الروس.
سبوتنيك: نعود إلى الكلفة المالية للمفاعل النووي الأردني الذي ستنشئه روس أتوم بناء على العرض المالي من روس أتوم فما هي تفاصيلها؟
الاتفاق المبدئي بيننا وبين الروس أن يكون 5 مليار دولار للمفاعل الواحد بقدرة 1000 ميغاواط كحد أعلى، ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار بأن هذا المبلغ عرضة للزيادة سواء بسبب فروقات سعر العملة بين وقت توقيع الاتفاقية وبين وقت البدء بالتنفيذ وكذلك التضخم وخدمة الدين (الفائدة) على مدى سنوات تنفيذ المشروع. في المحصلة لو قبلنا بالعرض الروسي الأول بسعر الفائدة 8%، سيترتب علينا إضافة إلى المبلغ الأساس 150 مليون دولار سنوياً كمبلغ إضافي. وهذا المبلغ ليس سهلاً بالنسبة للأردن. وبالنظر إلى كلفة المشروع على مدى 10 سنوات فإن الزيادة المالية على المبلغ الأصلي ستكون 2 مليار دولار لمفاعل واحد فقط.
والتواصل مستمر بيننا وبين روس أتوم، لكن لا نستطيع الانتظار طويلاً، نحن نتواصل مع الجانب الصيني، لا نتحدث عن ذات المشروع، لكن نتحدث عن مشروع آخر في مكان آخر من الأردن، ويتم التواصل، الجانب الصيني مستعد أن يقوم ببناء مفاعل في منطقة أخرى في الأردن، لكن لم يقدموا لنا العرض الاقتصادي خاصتهم. وهم قاموا بتطوير مفاعلهم النووي ووقعوا اتفاقية مع الأرجنتين وبريطانيا. وكلفته الأولية 4 مليار دولار فقط. أعتقد أن الحكومة الأردنية سوف تفتح المجال للجانب الصيني كي ينافس الجانب الروسي.
سبوتنيك: هل نقول بأن المفاعل النووي الصيني يمكن أن يحل محل المفاعل النووي الروسي؟
يجب أن نكون دقيقين نحن نتحدث عن مفاعل صيني في مكان آخر، ولا علاقة له بالمفاعل النووي الروسي. وأود الإشارة إلى أن الصين عندما دخلت كشريك في مشروع المفاعل النووي القائم مع روس أتوم في الأردن، كما سبقت الإشارة إليه، لم يُحدث حضورها فرقاً ملموساً بالنسبة للكلفة المالية لدينا، كونهم طلبوا سعر فائدة عالي يقارب سعر الفائدة الروسي.
ولقد فكرنا بخيارات أخرى مثل أن يكون الاتفاق مع الروس (B.O.T) بحيث يملك الروس المفاعل النووي ونقوم نحن بشراء الكهرباء منهم، من دون أن نتكبد تكاليف إنشاء المفاعل، لكن هذا يعني أن سعر الكهرباء سيكون أعلى كما أن هذا الخيار غير محبذ بالنسبة إلى الروس.
وفكرنا أيضاً بإدخال شركاء آخرين الى المنطقة مثل السعودية أو العراق أو لبنان أو سورية…يقومون بتحمل العبء الاقتصادي معنا ويحصلون على جزء من الكهرباء، لكن هذا الخيار سيستغرق وقتا طويلاً في ظل الأوضاع السياسية. كما أن الدول العربية المحيطة مثل السعودية ومصر لديها مشاريعها الخاصة ببناء المفاعلات النووية مما يعني أن الخيارات محدودة، وربما تنحصر في العراق ولبنان وسوريا وربما فلسطين.