ويبدأ بيركنز كتابه الذي يتحدث فيه عن كل الأحداث التي حدثت معه وربما بمساعدته، فيقول: "إنه كان قاتلاً اقتصادياً. الأحرف الأولى من هذا التعبير و EHM بدلاً من (Economic Hit Man)كانت وظيفتي أن أشجّع زعماء العالم على الوقوع في شرك قروض تؤمن ولاءهم، وبهذا يمكننا ابتزازهم متى شئنا لتأمين حاجاتنا السياسية والاقتصادية والعسكرية في مقابل أوضاعهم السياسية".
يبدأ الكاتب حديثه عن بداياته كقاتل اقتصادي بين عامي 1963 و1971 إذ بدأ مشواره بالإلتحاق بفرقة السلام في الإكوادور. هذا البلد الذي سيشهد أولى عمليات اغتيال لرئيس منتخب عارض السياسة الأمريكية، بحسب "الميادين".
ويشرح المقال حول الكتاب، "في الإكوادور ستبدأ علاقته بشركة "مين"، إحدى أكبر شركات الاستشارات الأمريكية ومن أكبر عملائها البنك الدولي. يقول بيركنز: "لقد استخدمني آينر كاقتصادي غير أنني سرعان ما علمت أن وظيفتي الحقيقية أقرب ما تكون إلى عمل جيمس بوند".
كان قرار جون بأن يكون قاتلاً اقتصادياً هو قرار نهائي، كما قالت له كلودين مدربته: "إن دخلت، دخلت مدى الحياة"
كان عمله يهدف إلى غايتين أساسيتين هما: تبرير القروض الدولية الضخمة التي سوف تعيد الأموال إلى الشركات الكبرى، وثانياً العمل على إفلاس الدول التي تتلقى هذه القروض، بحيث تغدو أهدافاً سهلة حين يطلب منها خدمة ما مثل إقامة قواعد عسكرية أو التصويت لصالح بلاده في الأمم المتحدة أو الحصول على النفط…الخ.
ويتابع المقال: "كانت إيران أول بلد بدأ القتلة الاقتصاديون العمل فيه من خلال الإطاحة برئيس الوزراء المنتخب محمد مصدق الذي بدأ بسياسة تأميم النفط. فقد رأت الولايات المتحدة الأمريكية أن التدخل العسكري ضد مصدق قد يثير الاتحاد السوفييتي، لذلك قررت إرسال عميل وكالة الاستخبارات المركزية كيرمت روزفلت، وهو حفيد الرئيس السابق روزفلت، الذي بدأ في تنظيم التظاهرات وأعمال الشغب ضد مصدق، وأدت في النهاية إلى الإطاحة به. ومن هنا بدأت فكرة "القتلة الاقتصاديون"".
وإلى إندونيسيا تتجه أنظار واشنطن، يقول بيركنز إن فكرة السياسة الخارجية الأمريكية كانت أن يخدم الرئيس الإندونيسي سوهارتو "الذي تولى الرئاسة بانقلاب على الرئيس سوكارنو عام 1968" واشنطن على غرار شاه إيران.
يدرك جون أن أساتذته في الجامعة في إندونيسيا لم يفهموا حقيقة الاقتصاد من أن مساعدة الاقتصاد على النمو غالباً ما تجعل أولئك المتربعين على قمة الهرم تزداد ثراء، بينما تدفع من هم في القاع إلى الأسفل.
يتحدث بيركنز أنه في حال فشل القتلة الاقتصاديون جاء دور من أسماهم "بنات آوى"، أي الاستخبارات الأمريكية. فقد كانت مهمتهم تصفية الزعيم الذي لم يخضع أو الانقلاب عليه. كما حدث مع مصدق في إيران وتورجيس في بنما الذي أراد استرداد سيطرة بنما على القناة. وقد نجح في مفاوضاته مع الرئيس الأمريكي جيمي كاتر وانتقلت القناة إلى السيادة البنمية. لكن المحافظين أقسموا على الانتقام، وقضى تورجيس في تحطم طائرته في 31 تموز/ يوليو 1981.
وبحسب المقال ونقلا عن الكتاب، "عند فشل عملية "بنات آوى" في اغتيال الخصم، تحرك الجيش الأمريكي لاحتلال البلد الذي لم يتمكن من إخضاعه، كما حدث في العراق. لو توصل العراق إلى اتفاق مع واشنطن كما حصل مع السعودية كان صدام حسين سيضمن لنفسه حكم هذا البلد، ولم يكن مهماً أن يكون طاغية ويداه ملطختان بدم القتل الجماعي. يقول بيركنز: "كنّا مستعدين لبيعه دبابات وطائرات مقاتلة وأن نبني له محطات طاقة كيمائية ونووية. كان العراق مهماً لأمريكا ليس من أجل النفط فقط بل أتت أهميته من مياهه وموقعه الاستراتيجي. لكن صدام حسين لم يقبل بضاعة القتلة الاقتصاديين، الأمر الذي أدى إلى إحباط وإحراج كبيرين لإدارة بوش، فكان أن تم اختلاق قضية أسلحة الدمار الشامل وتلك المسرحية الهزلية التي قام بها كولن باول في مجلس الأمن، وقاموا بغزو العراق وتدميره وما زال يعاني حتى اليوم من تبعات ذلك الغزو برغم انسحاب القوات الأمريكية منه".
ويتحدث الكتاب عن حظر تصدير النفط الذي فرضته السعودية وعدد من الدول إبان حرب تشرين الأول — أكتوبر 1973 أثره الكبير على السياسة والاقتصاد الأمريكيين. فقد نتج عن هذا الحظر موقف مهم وتغييرات في السياسات، فقد أقنع وول ستريت "مركز المال الأمريكي" وواشنطن أن مثل هذا الحظر لن يقبل تكراره أبداً. وبعد ذلك بدأ التغلغل الأمريكي للسيطرة على أغنى مواقع النفط في المنطقة.