وفي هذا اليوم، خرج الحريري للقاء مرتديا الجينز و"التيشرت"، ظناً منه أنه سيقابل ولي العهد محمد بن سلمان للقيام بجولة في الصحراء.
فوجئ رئيس الوزراء اللبناني بقيام عناصر أمن سعودية باعتقاله وتجريده من هواتفه المحمولة رفقة حرسه الشخصي، وقاموا بتوجيه الإهانات له، كما سمح بإبقاء حارس شخصي واحد برفقته.
وبحسب الصحيفة، تم إعطاء الحريري خطاباً مكتوباً لإعلان استقالته على التلفزيون السعودي.
وأشارت الصحيفة إلى رفض الرئيس اللبناني ميشيل عون خطاب الاستقالة، ليتمكن بعد ساعات طويلة من الاتصال بالحريري والحديث معه، ليشعر بأن رئيس وزرائه المستقيل لا يستطيع التحدث بحرية. ثم تبدأ بعدها محاولات دبلوماسيين لبنانيين لإقناع عدد من الدبلوماسيين الغربيين بأن الحريري محتجز.
وقالت الصحيفة إن الحريري كان في هذا الوقت محتجزا وقيد الإقامة الجبرية ولم تتح له الفرصة لرؤية زوجته وأولاده.
يذكر أنه في هذه الأثناء صرح عدد من الدبلوماسيين الغربيين الذين زاروا الحريري بأنه يتمتع بالحرية.
وتقول "نيويورك تايمز" إنه بقدر غرابة حلقة الحريري، فإنها كانت مجرد فصل واحد في قصة الأمير محمد، الوريث الشاب الطموح واضح العزم على هز هيكل السلطة ليس فقط في بلاده ولكن في المنطقة بأسرها. وتضيف الصحيفة أنه داخلياً سجن مئات من الأمراء ورجال الأعمال في ما يصفه بأنه حملة لمكافحة الفساد. وفي الخارج، شن حربا في اليمن وجابه قطر.
وقالت الصحيفة إن قيام ولي العهد محمد بن سلمان بخطوة الحريري هو رغبة للوقوف بوجه الطموحات الإقليمية لإيران في المنطقة، حيث لم تكن السعودية راضية عن لقاء الحريري بمستشار المرشد الإيراني للشوؤن الدولية علي أكبر ولايتي، حيث أشاد كلا الطرفين بضرروة التعاون بين البلدين.
وتوضح الصحيفة أنه في اليوم الذي أمر فيه الحريري بتقديم تقرير إلى الرياض، كان مجرد بيدق في معركة ولي العهد الشاملة: كبح جماح الطموحات الإقليمية للمنافس السعودي الطويل الأمد، إيران.
يذكر أن الحريري عاد إلى بيروت، آواخر تشرين الثاني/نوفمبر، للمرة الأولى بعد إلقائه خطاب استقالته المفاجئ من الرياض في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر.
وبعد عودته التقى بالرئيس اللبناني ميشال عون، ليعلن تعليق قرار استقالته.
وتؤكد الصحيفة أن "هذه هي كواليس غياب الحريري الطويل والغريب في المملكة العربية السعودية الشهر الماضي، كما كشفتها روايات اثني عشر مسؤولا غربيا ولبنانيا وإقليميا وشركاء للحريري".
ونقلت الصحيفة عن مسؤول لبناني "رفيع المستوى"، أنه "بعد أن ألقى الحريري خطبته، حيث حاول مساعدوه المحبطون عبثا الوصول إليه من بيروت، قضى الحريري في نهاية المطاف المساء في الصحراء مع ولي العهد". وتضيف أن "ذلك كان بمثابة إشارة سريالية لسلسلة من الأحداث التي تتكشف في ذلك اليوم وفي الليلة التي وضعت الشرق الأوسط بأكمله على حافة صاروخ أطلقته الرياض، عند احتجاز مئات المئات من الأمراء السعوديين ورجال الأعمال".
وتقول الصحيفة الأمريكية إن "تكتيكات المملكة العربية السعودية المتشددة — التي يمكن القول بأنها خرقاء — تحالفت تكتيكيا مع حلفاء أقوياء مثل الولايات المتحدة والكويت والأردن ومصر وحزب الحريري في لبنان. وقال مسؤولون ومحللون إن المملكة العربية السعودية قد تحصل على بعض التنازلات المتواضعة من لبنان، ولكن ربما لا تستحق هذه العاصفة الدبلوماسية.
وتوضح الصحيفة أنه على الرغم من حديث المسؤولين الذين وصفوا ما حدث مع الحرير بـ"الملحمة" ورفضوا الكشف عن هويتهم للتحدث بحرية عن الأحداث التي كانت شديدة السرية، لا تزال هناك بعض الثغرات في القصة، نظرا للضغط الشديد من أجل التعتيم وعدم وجود شخص واحد على دراية بكل التفاصيل.
وتقول الصحيفة إنه "بسبب القلق الشديد، عمل المسؤولون اللبنانيون على تخطي ما يخشونه من خطة طويلة المدى من قبل السعودية لزعزعة استقرار مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المضطربة في لبنان". وقال مسؤولون لبنانيون وعديد من الدبلوماسيين الغربيين إن "هناك مخاوف في بيروت من أن تسعى السعودية وحلفاؤها اللبنانيون إلى تشكيل ميليشيات مناهضة لحزب الله في المخيمات أو في أي مكان آخر".