وشهدت العلاقات الروسية التركية نقلة نوعية حيث عقد الرئيسان بوتين وأردوغان ستة لقاءات خلال عام 2017 في حين تراجعت العلاقات التركية الأميركية بشكل ملحوظ بسبب دعم واشنطن للأكراد وعدم تسليمها فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة.
الاستفتاء على التعديلات الدستورية
وافق البرلمان التركي في 21 كانون الثاني/ يناير على مشروع التعديل الدستوري الهادف إلى تعزيز صلاحيات الرئيس التركي استعدادا لطرحه على التصويت في استفتاء نيسان/أبريل.
وعلى خلفية التحضير للاستفتاء تصاعد التوتر بين تركيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي بسبب قيام السلطات التركية بترويج علني للتصويت بنعم بين أبناء الجالية التركية هناك.
واندلعت أزمة مع هولندا في شهر آذار/ مارس وذلك بعد أن منعت السلطات الهولندية هبوط طائرة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على أراضيها في 11 آذار/مارس، الأمر الذي دفعه إلى إلغاء زيارته، كما قامت السلطات الهولندية بإعلان أن وزيرة الأسرة التركية، فاطمة بتول صايان قايا "أجنبية غير مرغوب فيها" وقامت بترحيلها إلى ألمانيا، الأمر الذي أوصل العلاقات التركية الهولندية إلى مرحلة الانقطاع.
وشهدت تركيا في 16 نيسان/أبريل استفتاء حول تعديلات دستورية لتغيير نظام الحكم في البلاد لتنتقل من النظام البرلماني إلى الرئاسي، مما منح الرئيس التركي صلاحيات واسعة وانتهت نتيجة الاستفتاء بالموافقة على التعديلات الدستورية بنسبة 51.41 بالمئة.
في 2 أيار/مايو عاد الرئيس التركي أردوغان إلى صفوف الحزب الحاكم بعد غياب 3 سنوات، الأمر الذي اعتبر خطوة أولى نحو توسيع صلاحياته في السلطة.
العلاقة مع الولايات المتحدة
ساءت العلاقة بين أنقرة وواشنطن إلى حدود دنيا لأسباب عديدة، أهمها استمرار دعم واشنطن للأكراد في سوريا وعدم تسليمها فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة، وقد انعكس هذا أيضاً على العلاقة الشخصية بين رئيسي البلدين وقرارات الرئيس ترامب التي اعترضت عليها تركيا وآخرها حول القدس.
والتقى أردوغان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 16 أيار/مايو حيث أعرب المسؤولون الأتراك عن أملهم في فتح "صفحة جديدة" مع إدارة ترامب، إلا أن إعلان الإدارة الأميركية دعم وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها أنقرة إرهابية وتقاعس واشنطن عن اتخاذ خطوات اتجاه إعادة رجل الدين فتح الله غولن المقيم في ولاية بنسيلفانيا وتتهمه السلطات التركية بتدبير انقلاب تموز/يوليو 2016، كل هذه التطورات أحبطت هذا التفاؤل واعتبر لقاء أردوغان وترامب الذي استغرق 18 دقيقة أقصر لقاء دبلوماسي.
كما تصاعد التوتر بين تركيا وأميركا بعد قرار الأخيرة تعليق إصدار التأشيرات في بعثاتها الدبلوماسية في تركيا في 8 أكتوبر/ تشرين الأول.
ولم يساهم قرار الرئيس الأميركي حول الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في دفع العلاقات قدماً، إذ هاجم أردوغان قرار الأميركي بشدّة وحشد القادة العرب والمسلمين في قمة باسطنبول لمواجهة تبعات هذا القرار.
تركيا وأزمة قطر
واستغلت تركيا الأزمة التي انطلقت بين قطر وبعض الدول العربية، وقامت بمساندة قطر فيها، إذ صادق البرلمان التركي على قرار بإرسال قوات عسكرية إلى قطر في 7 حزيران/يونيو وذلك عقب قرار السعودية ومصر والبحرين والإمارات العربية المتحدة قطع علاقاتها الدبلوماسية مع دولة قطر في 5 حزيران/يونيو 2017.
كما دعمت تركيا قطر جواً بالبضائع والغذاء بعدما أعلنت الدول المقاطعة حصارها على قطر برا وجوا، وتبع ذلك زيارات متزايدة لمسؤولين قطريين لأنقرة.
تضييق الخناق الداخلي
واستمر التشديد على الحريات في الداخل في العام 2017، إذ أصدرت محكمة تركية في 14 حزيران/يونيو، حكما على نائب من حزب الشعب الجمهوري المعارض أنيس بربر أوغلو بالسجن 25 عاماً، بتهمة تزويد صحيفة "جمهوريت" بمقطع فيديو يثبت إرسال جهاز المخابرات التركي أسلحة إلى سوريا.
كما اقتحمت قوات الأمن التركية في 19 أيار/مايو مقر صحيفة سوزجو المعارضة واعتقلت ثلاثة صحفيين بذريعة الانتماء لجماعة فتح الله غولن.
كما اعتقلت السلطات التركية مدير مكتب منظمة العفو الدولية و11 ناشطا في 11 تمّوز/يوليو لصلات مزعومة بشبكة رجل الدين فتح الله غولن.
وعزلت السلطات التركية 2756 شخصا من وظائفهم الحكومية في وزارات الخارجية والدفاع والداخلية والجامعات والجيش بزعم ارتباطهم بمنظمات إرهابية وذلك بمرسوم رسمي صدر في 24 كانون الأول/ديسمبر.
كما أصدرت الحكومة التركية في 24 كانون الأول/ديسمبر مرسوما تشريعيا يحصن الأشخاص الذين شاركوا في صد محاولة الانقلاب التي شهدتها البلاد في تمّوز/يوليو 2016 والأحداث الإرهابية التالية لها من الملاحقة القضائية، الأمر الذي أثار قلقا كبيرا لدى الأوساط السياسية والرأي العام التي اعتبرته بمثابة تحريض على حرب أهلية في تركيا، لأنه يمنح المواطنين المدنيين حق حمل السلاح وقتل أي إنسان في الشوارع بذريعة الانتماء إلى الإرهاب.
التقارب الروسي التركي
وشهد عام 2017 تقارباً مع روسيا تخلله 6 لقاءات بين زعيمي البلدين، والتوقيع على اتفاق لتوريد منظومة إس — 400 الصاروخية الروسية الذي تمّ في 12 أيلول/ سبتمبر.
كما اتفاق البلدان على تأسيس صندوق استثماري مشترك في 10 آذار/مارس خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى موسكو.
فيما صدق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في شباط/فبراير على اتفاقية مع تركيا بشأن خط أنابيب الغاز "التيار التركي"، وتمّ إنجاز 30 في المئة بحلول أواخر تشرين الثاني/نوفمبر.
وكذلك بوشرت أعمال بناء محطة الطاقة النووية في منطقة أكويو بولاية مرسين الواقعة على البحر الأبيض المتوسط في نيسان/أبريل.
وشهد العام نشاطاً تركيا كبيراً بموازاة روسيا وإيران في التحضير للعملية السياسية في سوريا عبر منصات أستانا وسوتشي.
قرار ترامب حول القدس وقمة إسطنبول للدول الإسلامية
أدّى قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول القدس إلى غضب عارم في الدول العربية والإسلامية، تمخض في انعقاد قمة منظمة التعاون الإسلامي في 16 كانون الأول/ديسمبر بمدينة إسطنبول دعا إليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بصفته الرئيس الدوري لمنظمة التعاون الإسلامي، لبحث تداعيات القرار الأميركي.
ودعت القمة الإسلامية الطارئة إلى الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية وتحقيق السلام العادل والشامل القائم على أساس حل الدولتين.