عند جدار مدرسة دار السلام في حي الشعلان الدمشقي، التقت "سبوتنيك" أعضاء الفريق، الذي يقوم حالياً بإنجاز لوحة جدارية استمراراً لرسالته في إضفاء الجمال على شوارع دمشق وجدرانها، وإعادة بسمة الأمل والحياة على مُحيّا مواطنيها وزوارها على السواء.
المشرف العام والعضو في الفريق الفنان التشكيلي موفّق مخّول، حدَّثنا عن تأسيس الفريق ورسالته:
"في ظل الحرب، والفقر البصري المترافق مع تداعيتها، وبما أنَّ الصورة البصريّة ناحية مهمة في الذاكرة الوطنية لأي شعب، ولأن المجتمع لا يتطور إلا بالجمال، أسسنا (إيقاع الحياة) لغايات فنية — جمالية — تربوية ".
ويضيف: "منذ البداية سعينا أن يكون عملنا قريبا من الشارع، لأنه يشكّل حالة ثقافية لا تقل أهمية عن المتحف أو صالة العرض. في الماضي تجاهلنا فن الشارع واعتبرناه معادياً لثقافتنا، لكننا من خلاله نستطيع تطوير الإنسان ورفع مستوى ذائقته الجمالية والبصرية، خاصةً وأن هذه الذائقة تعرضت لكثير من التشوّه والانحدار، بفعل الحرب ومنعكساتها على المكان والإنسان".
وعن طبيعة الأعمال المقدَّمة قال الفنان مخّول: "نقدم في جدارياتنا فن النحت، باستخدام بقايا البيئة، ونعمل أن تكون لوحاتنا مقاومة للعوامل الجوية وذات ديمومة، كي تبقى في الذاكرة البصرية للإنسان السوري لوقت طويل".
يشدد الفنان مخّول على أهمية الفريق وروح العمل التطوعي وتشجيع الآخر على المبادرة، مختتماً حديثه بالقول: "عملنا يخدم إيقاع الحياة، وكل ما له علاقة بثقافة الحياة والإنسان".
العضو في الفريق الفنان علي محمد سليمان قال: "إيقاع الحياة فريق تطوعي، يقدم أعماله بالتعاون مع وزارة التربية السورية، وهذه اللوحة الجدارية التي نعمل عليها اليوم، تأتي بالتعاون بين الوزارة جميع ومنظمة الصحة العالمية.
أعمالنا تفاعلية تخاطبية، وهي نوع من الحوار الجميل خاصة مع الأطفال، لذلك اخترنا العمل على جدران المدارس لأن ذلك يقرّب وجهات نظرنا لعامة الناس والأطفال على حد سواء".
ويرى الفنان سليمان أن صناعة الفن لا تقتصر على الورق فقط، بل يجب أن تشمل الأمكنة والأشياء من حولنا، ويوضح: "في عملنا ضمن الفريق، نحن ننطلق من أهداف بيئية — فنية — ثقافية، نريد تجميل أكبر عدد من الأماكن والشوارع وحتى البيوت، مشجعين الناس على تبني هذه الثقافة، حتى أننا نقوم بمشاركة الأطفال في عملنا ولو بشكل جزئي، مستخدمين مواد من مخلفات البيئة كانوا جمعوها من بيوتهم ومدارسهم".
مختتماً بالقول: "نتمنى ألّا يقتصر عملنا على دمشق فقط، لدينا رغبة العمل في مختلف مدن ومناطق سوريا، لكن وفي ظل انعدام الدعم والرعاية المادية فهذا الأمر صعب حالياً".
الآنسة صفاء وبّي، العضو المؤسس في فريق إيقاع الحياة، تحكي لنا عن انطلاق عملهم والظروف الصعبة التي يعانونها، فتقول:
"مع بداية الأزمة وتراجع الحالة النفسيّة للمواطنين، أحببنا أن نقوم بردة فعل معاكسة، وهي أن البلد ما زال بخير، يجب ألّا نستسلم بل أن نأخذ المبادرة ونتجه نحو تعمير البلد، مدفوعين بمحبتنا لعملنا ولبلدنا، بدأنا ولم نهتم لقذائف الهاون التي كانت تتساقط على مواقع عملنا، كنا ننتقل لمختلف الأماكن من دون أي دعم أو رعاية وبجهود شخصية من أعضاء الفريق فقط".
تنسى صفاء معاناتها وتعبها عندما ترى نتيجة عملهم مرتسمةً على وجوه الناس، خاصةً وجوه الأطفال، وتختم بالقول: "رسالتنا كرسالة الجندي في معركته والطبيب في عيادته، رسالة عمل من القلب خدمةً للوطن والناس".
السيّدة رجاء وبي، الأم والمتطوّعة في الفريق، تقول: "فريق إيقاع الحياة هو رسالة حياة، فرغم ظلام الموت المحيط بنا يجب أن ننظر دائماً إلى الضوء، ومن خلال أعمالنا التطوعية نريد تعليم الآخرين ثقافة الحياة والعمل الطوعي، فعلى الرّغم من كوني سيّدة متزوجة ولدي أطفال، إلا أن ذلك لم يمنعني من ممارسة عملي بكل حب وتفاني، مدفوعةً بالأمل أن تكون شوارعنا وجدرانها فسحة حياة وأمل لأطفالي وأطفال سوريا كلهم".
وعن الأدوات المستخدمة في العمل تقول: "إننا نحاول أن نخلق من اللاشيء شيء، فأدواتنا بدائية، عمادها أيدينا والمواد التي نستخدمها، كمخلفات البيئة والإنسان التي يمكن استخدامها وإحياء الجمال والفن من خلالها".
تضيء السيّدة رجاء على الجانب الإنساني في عملهم، وتخبرنا أن الفريق أنشأ في مقابل الجداريات التي قام بإنجازها مقاعد وكراسي، كي يتمكن الناس من مشاهدة تلك الفسح الجمالية براحة ومتعة، واختتمت بالقول أنَّ تجاوب الناس وتفاعلهم الكبير مع أعمال الفريق، إن كان على الأرض أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، هو الذي جعل الفريق يستمر ويتابع تأدية رسالته رغم انعدام الدّعم وصعوبة ظروف العمل".
إنهم السوريون.. مبدعوا الحرف واللحن والآلهة، إنهم السوريون.. أنبياء الحياة والحضارة
رسالةً كانت بهم.. وبهم تحيا.
ملحق: (أعمال فريق إيقاع الحياة)
- جدارية التجارة
- جدارية المزّة (حاصلة على جائزة غينيس كأول وأكبر لوحة جدارية في العالم)
- جدارية متحف العلوم
- إعادة إحياء شجرتي كينا يابستين عملاقتين في حديقة المنشية (رجاء وصفاء وّبي مع الفنان هشام المنيع)
- جدارية مدرسة دار السلام
- جدارية البرامكة (جاري العمل عليها حاليا)