في هذا السياق كشف الباحث في مركز دمشق للأبحاث والدراسات "مداد" الدكتور تركي الحسن في تصريح خاص لـ"سبوتنيك" أن إعلان الولايات المتحدة تشكيل قوة أمنية في شرق سوريا يشكل خطوة ضمن مشروع أمريكي لإقامة دولة كردية.
وأوضح الباحث في الشؤون الاستراتيجية أن الخطوة الأمريكية ليست جديدة فالتدخل الأمريكي بدأ قبل ثلاثة أعوام منذ إعلان نزول أول مجموعة مارينز أمريكية على الأراضي السورية بحجة تدريب مجموعات "وحدات الحماية الكردية" التي تحولت فيما بعد إلى ما يسمى "قوات سورية الديمقراطية"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة أرسلت في البداية 150 جندياً كمدربين ثم قفز الرقم إلى 500 جندي إلى أن وصل عدد القوات الأمريكية إلى 1700 جندي مع تسليح إضافي ثقيل، وأضاف:
وتعليقاً على إعلان واشنطن عن تشكيل قوة أمنية تضم ثلاثين ألف جندي من "قسد" لحماية الحدود قال الباحث السوري:
الموقف بات واضحاً وهو تقسيم سوريا وإيجاد كيان تحت المظلة الأمريكية وتحويل مناطق تواجد القوات الأمريكية إلى قواعد عسكرية دائمة، الأمر الذي يهدد سوريا والعراق وقد تنتقل العدوى إلى الداخل التركي كما انتقلت من العراق إلى سوريا بعد أن استطاع العراقيون إنهاء المشكلة "حتى الآن" لأن واشنطن قد تكرر المحاولة في العراق بهدف التقسيم وأردف قائلاً:
اعتبرت الولايات المتحدة أن الحدود التي أعلنت عن حمايتها هي الحدود السورية العراقية في الحسكة وصولاً إلى البوكمال جنوباً ثم الحدود السورية التركية وصولاً إلى جرابلس غرباً ثم مجرى نهر الفرات بدءاً من نقطة دخوله الأراضي السورية في منطقة عين العرب وصولاً إلى البوكمال على الحدود مع العراق ما يبدو وكأنه ترسيم لحدود دولة.
وأشار الحسن إلى أن هذا المشروع مرفوض من قبل الدولة السورية وقد عبر الرئيس السوري بشار الأسد عن موقف دمشق من "قوات سوريا الديمقراطية" خلال رده على على سؤال لأحد الصحفيين بأن "من يعمل تحت المظلة الأمريكية من أجل تقسيم سورية هو خائن" فيما أعلنت وزارة الخارجية السورية أن سعي مجموعات كردية إلى التقسيم يعتبر خيانة وسبق لوزير الخارجية السوري وليد المعلم أن أكد في تصريح صحفي أن الرقة لا تزال "محتلة" واعتبرت الحكومة السورية أن القوات الأمريكية المتواجدة في سوريا هي "قوات احتلال" وأضاف:
واعتبر الباحث السوري أن المشكلة الكردية كانت ضاغطة في العراق ووصلت إلى مرحلة الاستفتاء على الاستقلال الذي أصر عليه مسعود البرزاني وثبت فشله وخطؤه فيما تحركت "قوات سوريا الديمقراطية" تحت وهج هذا التحرك في العراق لتصبح "حصان طروادة" تماهياً مع المشروع الأمريكي الذي يرفضه أغلبية الأكراد السوريين وتحولت إلى مشروع خطير يستهدف الدولة السورية وقال:
عندما تحركت القوات الكردية باتجاه الرقة توضح أن الموضوع يتعدى الحديث عن مجرد إقامة إدارة ذاتية من أجل تسيير الحياة اليومية في شرق سورية وتبينَ أن هذا التحرك يهدف إلى تقسيم سوريا واقتطاع جزء من أراضيها لتشكيل إقليم ذاتي على مبدأ كونفدرالي.
وعلق الحسن على الوضع الميداني في محافظة إدلب في ظل الحديث عن حشود تركية استعداداً للدخول إلى عفرين قائلاً:
العامل التركي في إدلب ليس جديداً منذ اللحظة الأولى للحرب فـ70% مما جرى في سوريا نتج عن التدخل والوجود التركي؛ فالمجموعات الإرهابية التي تشكلت في إدلب كانت تركيا أول من أسسها وكان إعلان "رياض الأسعد" البيان الأول لتشكيل "الجيش الحر" في 28/7/2011 انطلاقاً من الحدود التركية وقبله أعلن "حسين هرموش" عن تشكيل "لواء الضباط الأحرار" وكذلك تم الإعلان عن مجموعات أخرى تحت مظلة تنظيم "الإخوان المسلمين" لاسيما ما يسمى "لواء التوحيد" و"هيئة درع الثورة" وحركة "نور الدين الزنكي" و"هيئة أحرار الشام" وبنفس الوقت "لواء السلطان مراد" ولواء السلطان محمد الفاتح" و"لواء السلطان سليم" وأضاف:
وأشار الباحث السوري إلى أن النفط السوري كان يهرب إلى تركيا وأن أسرة أردوغان شريكة ومتورطة في ذلك وكذلك القطن والقمح والآثار فيما فككت ونقلت المعامل السورية إلى تركيا عن طريق المجموعات الإرهابية المسلحة التي تتعامل مع الحكومة التركية وبالتالي فالتحرك العسكري التركي الأخير على الحدود فاقع اللون.
وأوضح الحسن أن الجيش التركي يتدخل بصورة مباشرة في سورية عبر أربع نقاط تمثلت بظهور دبابات تحمل العلم التركي داخل مدينة إدلب وبالقصف المدفعي والصاروخي على وحدات الجيش السوري في مدينة إدلب وكذلك بالتشويش الإلكتروني على اتصالات الجيش السوري وبالقيادة المباشرة للمجموعات الإرهابية المسلحة من خلال غرفة العمليات "الموم" الموجودة داخل تركيا إلى جانب الاستطلاع الراداري والإلكتروني وكذلك الصور التي قدمت للمجوعات المسلحة وأضاف:
لدى الجيش السوري رصد لاتصالات هددت بموجبها الحكومة التركية الإرهابيين وقالت لهم بالحرف الواحد: إذا لم تدخلوا إلى مدينة إدلب في يوم الجمعة 26/3/2015 سنقطع عنكم الإمدادات ونغلق الحدود ما يمثل تدخلاً مباشراً في سورية وهناك صور تظهر ضباطاً أتراكاً مع قيادات ميدانية للمجموعات الإرهابية المسلحة.
وحول تذرع الحكومة التركية بتطبيق مخرجات أستانا باعتبارها دولة ضامنة قال الباحث السوري:
وحول موقف دمشق من دخول قوات تركية إلى منطقة عفرين لفت الخبير الاستراتيجي إلى أن الحكومة السورية اتخذت موقفاً واضحاً منذ أن دخلت القوات التركية في عملية "درع الفرات" إلى جرابلس وأعلنت أن هذه القوات دخلت دون اتفاق وأنها قوة غزو واحتلال وعدوان موضحاً هذا التوصيف لا يزال قائماً فيما أصدرت وزارة الخارجية السورية بيانين حول الدخول إلى شمال إدلب إلى جانب أن الشارع السوري يدين هذه الخطوة وبالتالي سيتم اعتبار القوات التركية قوات احتلال وستتم مقاومتها وأضاف:
الدخول التركي إلى عفرين لن يكون إلا دخولاً صوتياً حتى الآن فدخول هذه القوات يحتاج إلى موافقة من الدولة السورية ومن روسيا وإيران ويتطلب موافقة أممية ولا نعتقد أن هناك دولة في العالم تؤيد الخطوة التركية بالدخول إلى عفرين بما في ذلك الولايات المتحدة وأردف قائلاً:
واشنطن ليس لديها قيادة للمجموعات الكردية في عفرين وليس لديها مانع فيما يجري في إدلب حتى الآن فيما تنظر تركيا بخطورة كبيرة إلى ما يجري في شمال وشرق سوريا وتعتبر أن الخطر الكردي خطر وجودي يهدد بتقسيم تركيا لكن إذا تطور الأمر إلى حرب شاملة فسيلاقي الجيش التركي صعوبة كبيرة وخاصة في ظل تفاهم روسي مع المجموعات الكردية في عفرين.
وأشار الباحث حسن إلى أن كتاباً صحفيين أتراكاً كشفوا أن أردوغان يخبئ أجندة سرية خاصة تقضي بضم ولاية حلب إلى تركيا وأن عين الحكومة التركية لاتزال تنظر إلى تقسيم سوريا وتعتبر حلب ولاية تركية وهي تدرجها في الموازنة العامة وكانت تخصص لها ليرة تركية واحدة فيما خصصت لها هذا العام (صفر) ليرة تركية وأضاف:
لم تكن الحكومة التركية تتوقع الإنجاز السريع لوحدات الجيش السوري وحلفائه خلال ثلاثة أسابيع بتحرير مئات القرى والبلدات وآلاف الكيلو مترات من المجموعات الإرهابية وذلك عبر أربعة محاور وصلت إلى مطار أبو الظهور وقطعت أوصال الإرهابيين إلى مجموعة من الأقسام ما دفع أردوغان إلى ردة الفعل التي عبر عنها مؤخراً بهدف تخفيف أو تعطيل تقدم الجيش السوري.
وحول مسار المعارك في إدلب في المرحلة المقبلة لفت الباحث السوري إلى أن ما قامت وتقوم به وحدات الجيش السوري وحلفاؤه يستند إلى قرار متخذ من قبل القيادة السورية والقوات الحليفة والرديفة لإنهاء "جبهة النصرة" في عام 2018 وأضاف:
روسيا أعلنت في مناسبات عدة أن عام 2018 سيكون عام نهاية "جبهة النصرة" وهذا يعني أن الإرهاب في إدلب سينتهي فتنظيم "جبهة النصرة" يسيطر على 80% من محافظة إدلب وعندما يكون هناك قرار بتصنيف "جبهة النصرة" كمنظمة إرهابية لا تشملها مناطق تخفيف التوتر فيما تنص مخرجات استانا على محاربة " جبهة النصرة" وأنه يتوجب على باقي المجموعات المسلحة أن تقاتل إلى جانب الجيش السوري وبالتالي عندما يسيطر الجيش السوري على 80% من محافظة إدلب فهذا يعني سيطرة كاملة على هذه المحافظة ولن يبق لأردوغان لاعبين محليين هناك.