يقول سليم: "كنا قرابة 400 جندي وضابط نتمركز في مطار أبو الضهور، بدأت الحكاية عندما شنّ المسلحون هجوماً عنيفاً بداية عام 2013، حوصرنا خلاله براً مع مطار تفتناز ومعسكري وادي الضيف والمسطومة، كُنّا في أبو الضهور تحت حصار بري كامل، إلّا أنّ الحوامات كانت تستطيع الهبوط بصعوبة كبيرة جداً بسبب استهداف المسلحين لها بالصواريخ الحرارية الأمريكية الصنع، كانت تدور اشتباكات متقطعة وبقينا على هذه الحال قرابة 6 أشهر شنّ الإرهابيون بعدها هجوماً كبيراً على المطار من جهته الجنوبية، بالتزامن مع هجوم كبير على معسكري وادي الضيف والمسطومة، واستمر هجوم المسلحين أسبوعان كاملان، استطعنا صدّه عكس ما حدث في وادي الضيف الذي استطاعوا السيطرة عليه".
وتابع حديثه لـ"سبوتنيك" قائلاً "صمودنا في أبو الضهور حينها أجبر المسلحين على تغيير خطتهم، وضعوا خطةً أخرى كان الهدف منها استنزافنا واستهداف كل طائرة تحاول الهبوط في المطار، وعاود المسلحون الهجوم مرة أخرى، كانت حامية المطار مقسّمة على ثلاث مجموعات، الأولى مختصة بمضادات الدروع "صواريخ كورنيت" ومجموعتي مدفعية وهاون إضافةً إلى جنود المدرعات، استطعنا امتصاص الهجوم وحوامات الجيش خرجت من مطار حماه العسكري لمساندتنا وألقت لنا الطعام والذخيرة، وهكذا فشل هذا الهجوم."
تلى ذلك أسبوع كامل من الهدوء، كسرهُ الإرهابيون بهجوم رهيب بأعداد هائلة ومن كافة الاتجاهات، حينها استطاعوا دخول مطار أبو الضهور، ويقول "سليم": "استُشهد منّا من استشهد وجُرحَ من جُرح، كان مستوصف المطار غرفةً واحدة استهدفها الإرهابيون بالقذائف والصواريخ ودُمّرت الأجهزة الطبية فيها، تبقى الرصاصة في جسم من يُصاب منّا نظراً لعدم تواجد الأجهزة الطبية اللازمة، ورغم كل ذلك استطعنا صد الهجوم وأجبرنا المسلحين على الخروج من المطار بعدما ظننَا أننا سنكون بعد ساعات في عداد الشهداء أو الأسرى".
كل حوامة تابعة للجيش السوري تحاول الهبوط كان الإرهابيون يستهدفونها بالصواريخ الحرارية، وقرر قائد المطار حينها القيام بهجوم ما يسمى بـ"النفس الأخير" حسب حديث سليم، ويتابع قائلاً: "كان يوماً أسطورياً استطعنا فيه دحر المسلحين لأكثر من 5 كم في محيط المطار وسيطرنا على كميات كبيرة من أسلحتهم وذخيرتهم، ومرّ بعدها شهران كاملان دون أن يستطيع الإرهابيون تحقيق أي خرق يذكر، هنا كان قد مر على حصار المطار براً أكثر من عام ونصف نتلقى فيها المؤونة والذخيرة عبر إلقاءها من الجو".
ويضيف: "في صباح السابع من كانون الثاني عام 2015 بدأ الإرهابيون هجوماً كبيراً من كل الجهات، ودخلوا حينها إلى الجزء الجنوبي من المطار، استطعنا تجميع قوانا وقررنا أن نبدأ هجوماً عكسياً، كان أشبه بما يسمى "عزة الروح"، واستمرت الاشتباكات بين حامية المطار والإرهابيين قرابة 4 أيام متواصلة، اتبعنا فيها سياسة الأرض المحروقة، وذخيرتنا من صواريخ الكورنيت اقتربت من النفاذ، حينها خرجت، بأمر من الجنرال إحسان زهوري قائد مطار أبو الضهور الذي استشهد فيما بعد، عبر حوامة هبطت في المطار وخرجت منه بعد تغطية نارية كثيفة لعملية هبوطها وخروجها إلى مطار حماه العسكري، ذهبت كي أستلم ذخيرةً كافية من صواريخ الكورنيت التي استُعملت خلال الاشتباكات، وبقيتُ ليلةً في حماه بسبب هبوب عاصفة غبارية، كنتُ على أحر من الجمر كي أعود لرفاقي إلّا أن العاصفة الغبارية كانت تشتد أكثر"، الأمر الذي استغله الإرهابيون وشنّوا هجوماً عنيفاً جداً على أبو الضهور واستطاعوا دخوله والسيطرة عليه نظراً لأن حامية المطار كانت تستند في صد هجمات الإرهابيين على استهداف آلياتهم ومدرعاتهم عبر صواريخ الكورنيت التي تعمل بالليزر، إذ يفقد شعاع ليزر الكورنيت فعاليته في الأجواء الغبارية، ويقول سليم: "هُنا كانت نقطة التحول، 430 قمراً بين شهيد وأسير وقعوا في يد الإرهابيين الذين استطاعوا دخول مطار أبو الضهور بعد هبوب العاصفة الغبارية".
يطلبُ سليم في نهاية حديثه لـ"سبوتنيك" الرحمة لرفاقه الشهداء متمنياً بحرقة قلبه أن يعرف أخبار من وقع منهم في الأسر.
نذكر أنّ الجيش السوري استطاع مؤخراً استعادة مطار أبو الضهور العسكري في سياق عملياته العسكرية في محافظة إدلب بعد قرابة عامين على سيطرة الفصائل الإرهابية المسلحة عليه.