تلك الطقوس ليست وليدة اللحظة أو العصر الحديث بل تعود جذورها إلى العهد القديم منذ وجود الفراعنة على الأرض المصرية، خاصة أنهم وضعوا جذور الثقافة المصرية الممتدة للعصور الحديثة، ومن هذه العادات؛ "الميلاد" الذي يتبعه احتفال "السبوع" ويقام بعد سبعة أيام من وضع الطفل.
ومن بين طقوس هذه العادة أن يتم يوضع المولود في في غربال، على أن يرتدي الطفل ملابس جديدة، ويتم تزيين الغربال نفسه، وبينما يتم دق الهون تخطي الأم فوق الطفل سبع مرات، وتلقن الطفل السيدة التي تجلس بجواره عبارات مثل "إسمع كلام امك ولا تسمع كلام أبوك"، وهو ما جسدته السينما المصرية في أكثر من عمل من بينها فيلم "الحفيد".
ولا تتوقف العادات على الوضع، وإنما عند الموت كذلك، فبعد انتهاء مراسم الوفاة، يقام عزاء مرة أخرى للمتوفى بعد مرور 40 يوما على وفاته.
وفي الثقافة الفرعونية يتساوى الوضع والوفاة، ويمثلان بالنسبة لهذه الثقافة حالتي ميلاد، لأن الطفل يولد إلى الدنيا، والميت يولد أيضًا ليحيا في عالم الآخرة.
أخذنا عن الفراعنة جنازة الأربعين، وهى الأيام اللازمة للتحنيط، كما أخذنا عنهم وقوف الراحل أو جلوسه.. وهى إشارة للحياة!
— وليد (@walidelmorsy) April 28, 2012
وتعود أصول تلك العادات إلى العصور القديمة وسجلتها الرسوم الموجودة على الجداريات متمثلة في "أربع ربات حاميات موجودات على جداريات المقابر" يصاحبن المومياوات وطقوس التحنيط؛ ليحميني أحشاء المتوفى، ولا يتركنه إلا بعد عبور المحاكمة، وهن "إيزيس، نفتيس، نيت، سركت".
ومن هنا جاءت تسمية الأربعين للمتوفى، إذ يكون لكل ربه رعاية الجثة لمدة 10 أيام وهي مدة الأسبوع المصري القديم، وإذا ما انتهى التزام الربات الأربعة يكون قد مر 40 يوما على الميت ويصبح مستعدا للمحاكمة، لذلك يقيم أهله سرادقات العزاء، ويستقبلون المعزين للمشاركة في الدعاء له.
وفي حالة السبوع فإن البقرة حتحور تخلد تلك الثقافة وهي "ربة الأمومة" التي ترعى الأم بعد الإنجاب مع الربات الاخريات لمدة سبعة أيام وتتولى كل منهن الرعاية ليوم واحد حتى نهاية الأيام السبعة وهو ما عرف فيما في العصر الحديث بطقس السبُوع.
ويقول مجدي شاكر مجدى شاكر كبير أثريين وزارة الآثار إن السبوع عادة مصرية قديمة تجسدها الجدارية الرائعة من بيت الولادة "ماميزى" في معبد دندرة لـ"سبع حتحورات" آلهات الأمومة والمحبة عند الفراعنة يعلون رأسهن قرني بقرة بداخلهما قرص الشمس و يمسكن آلة الدف وآلات موسيقية علاوة على البخور الذى تمر فوقة الأم فهو الأهم في الطقوس المقدمة أمام الفرعون وفى تطهير الآلهة.
ويضيف أن حتشبسوت أرسلت في بعثة لبلاد بونت، وكان من ضمن ما أحضرته أشجار البخور وزرعته أمام معبدها فى الدير البحري، إلى جانب رمى مشيمة الأم في الماء لتجدد به الحياة مرة أخرى والماء هو القربان والمطهر الأساسي للفرعون، كما أنهم كانوا يعملون ما يسمى"بالتبيتة" التي هي عبارة عن سبعة حبوب وذلك لارتباط المصري بالزراعة، و بالمعبود "أوزير" الذى علم المصريين الزراعة والذى كان يعمل له تمثال خشب يغطى بالتراب ويوضع عليه حبوب الشعير والقمح لينبت مثل الأرض.
وأضاف أن جداريات المقابر التي حملت رسومات "إيزيس، نفتيس، نيت، سركت" أكدت أن لكل منهن دور بعد الوفاة حتى الأربعين ويمثلن حالة الميلاد بعد الأربعين وأن الثقافة الفرعونية أول من أسست لهذه الفكرة التي يتم الأخذ بها في حالات الوفاة حتى يومنا هذا.