"سبوتنيك": جان لوكا، ما هي، في رأيك، القيم الحاكمة لأوروبا اليوم؟
جان لوكا: يبدو أن أوروبا اليوم تسعى إلى إنكار كل قيمها، حيث تتهافت على كل ما هو مادي، ولا توجد حضارة قادرة على الازدهار والاستمرار في وجود تلك المبادئ المتناقضة التي يقوم عليها المجتمع الغربي في أيامنا هذه.
"سبوتنيك": لماذا تتجه أوروبا اليوم إلى القيم غير التقليدية؟ ومن وراء تلك النزعة؟
جان لوكا: من المهم أن نفهم أنه لا يحدث أي تحول في التاريخ بشكل عفوي، ففي النرويج بدأت قوى ذات نفوذ لتدمير القيم التقليدية في الغرب منذ الخمسينات والستينات، وهناك أهداف كثيرة لذلك، من بينها طمس هوية الإنسان، وتجريده من كل القيم المتينة مثل من الأسرة والدين والعلاقات الاجتماعية، أدى ذلك إلى إلى ظهور ما يعرف بـ"المستهلك المثالي"، وهو الإنسان الذي يعيش من أجل الشراء فقط. من ناحية أخرى، أدت النزعة الفردية وغياب التعاليم الثقافية والروحية إلى إضعاف ثقافة المواطن الأوروبي وجعلها هشة أمام تأثير الأيدولوجيات الأخرى، حتى أصبح كورقة شجر في مهب الريح.
وبدأت هذه التغييرات خلال العقود الأخيرة، في الدول الغربية من خلال ثورات ثقافية موجهة للشعوب، أدخلت إدمان المخدرات في الستينات والسبعينات وفي الآونة الأخيرة، الثورة الجنسية، وإدخال ثقافة الاستمتاع باللحظة.
جان لوكا: على مدى العقود الماضية، بدأت الثقافة ووسائل الإعلام في مهاجمة فكرة "الذكورة" في الغرب، وهذا حدث بسبب تيار الدفاع عن حقوق المرأة الذي ظهر في السبعينات، والذي حرم فكرة الذكورية واعتبرتها مظهرا للعنف، ومصدرا لما يعرف بالنظام الأبوي القمعي، ومن هنا جاءت الدعوة إلى أن يتخلى الرجل يتخلي عن طبيعته وسماته الشخصية المميزة له.
وأخذ المجتمع يتجه بلا وعي نحو النزعة الأنثوية، حيث تعدى الأمر مجرد التخلي عن السمات الشكلية للذكور، بل أصبح الرجل الغربي ضعيف نفسيا، مهووسا بمظهره، وبالتالي لا يمكنه أن يؤدي واجباته التقليدية مثل دور الزوج والأب والمدافع عن وطنه، كل هذا بالاندماج مع عوامل أخرى أدى إلى انهيار أسري وسكاني.
"سبوتنيك": هناك رأي شائع بأن الغرب معرض لخطر الزوال، هل تتبنى هذا الرأي؟
جان لوكا: اليوم الغرب ميت إكلينيكيا بالفعل، بعد أن فقد هويته الروحية والثقافية، تحت تأثير أزمة غير مسبوقة، أدخلته في نفق لا يمكن العودة منه، إذا لم يغير الغرب مفاهيمه قريبا، فإنه سيستعمر من قبل الشباب، الغرباء الأكثر حيوية، والوافدين الجدد والمهاجرين.