فالأمور بالنسبة للخبير في الشأن الأمريكي، الدكتور أيمن عبدالشافي، تشير إلى أن ترامب يتعامل بطبقية شديدة مع قادة جيشه، فهو يحسبها بطريقة رجل الأعمال، بينما هم يحسبونها بأسلوب العسكريين المعتاد، هو يرى أن المكاسب أكبر في حالة سحب القوات من سوريا، توفيرا للنفقات أولا، وهم يرون أن هدفهم لم يتحقق، ولم يتوصلوا لأي انتصار.
ويوضح عبدالشافي، في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، اليوم الأحد 8 إبريل/ نيسان، أن الرئيس دونالد ترامب يعتبر البنتاغون جزء أساسي من أزمة أمريكا المالية خلال السنوات الماضية، ويحمله — مع الرؤساء الأمريكيين السابقين وفي مقدمتهم باراك أوباما- مسؤولية تبديد الكثير من أموال أمريكا في حروب، كان من الممكن أن تتحمل تكاليفها دول أخرى.
وقال
"منذ جاء ترامب إلى رأس الإدارة الأمريكية، وهو يعتبر الحروب التي خاضتها أمريكا بتمويل ذاتي كانت جريمة، ودائما ما كان يردد حديثه عن ثروات الخليج، وضرورة أن تدفع دول الخليج فاتورة التدخلات الأمريكية في المنطقة، طالما أنها كانت صاحبة الأفكار والاقتراحات للتدخل الأمريكي في بعض الملفات بالمنطقة، وأولها السعودية التي تطالب أمريكا باستمرار تواجد قواتها في سوريا".
في المقابل — حسب عبدالشافي- يعتبر المسؤولون عن الجيش في الولايات المتحدة الأمريكية، أن الرئيس دونالد ترامب لا يدير الملف بالشكل الصحيح، فهو — بالنسبة لهم- يخالف العرف العسكري بضرورة مواصلة المعركة لتحقيق النصر، بالإضافة إلى أنه لا يأخذ في الاعتبار أن هناك حاجة ماسة للقضاء على تنظيم داعش، قبل أن ينقل جذوره من سوريا إلى داخل أمريكا نفسها.
صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، رصدت هذا الخلاف، الذي بدأ ينتشر ويصبح مثار حديث الناس في أمريكا وخارجها، مؤكدة أن مهمة وزارة الدفاع الأمريكية ضد تنظيم داعش ما زالت مستمرة، على الرغم من أن الرئيس دونالد ترامب يرغب في سحب القوات الأمريكية من سوريا في أقرب وقت.
وقالت "واشنطن بوست"، في أحد تحليلاتها أمس، إن القادة العسكريين الأمريكيين، يركزون على دفع تنظيم داعش، الذي زالت قوته، من الأماكن التي يتمركز فيها شرق سوريا، لضمان عدم تمكنه من التخطيط لاحقا لتنفيذ هجمات ضد الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يتطلب وجود موطئ قدم لأمريكا في سوريا بعد توقف العمليات العسكرية.
وتكشف الصحيفة الأمريكية، أن قادة البنتاغون حائرون الأن، بين رغبتهم في تحقيق هذه الرؤية لحماية أمريكا، وبين توفيق وجهات نظرهم مع وجهة نظر الرئيس دونالد ترامب، الذي يريد أن يعلن انتصاره سريعا في سوريا، وتعهد خلال حديث له مؤخرا بسحب القوات الأمريكية من سوريا وإعادتها إلى الولايات المتحدة، بقوله "أريد أن أعيد قواتنا للوطن، حان الوقت لذلك".
ولفت الخبير العسكري السوري، في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، إلى إعلان المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، عن موعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، بعد حالة الجدل التي أحدثتها التصريحات الأخيرة للرئيس، بشأن الانسحاب السريع، وقولها إنه رهن بالقضاء نهائيا على "داعش" في سوريا، وكذلك بـ"نقل" المسؤوليات التي تتولاها القوات الأمريكية للقوات السورية، وهو ما يثبت صحة رؤيته.
وأضاف
"المتحدثة باسم البيت الأبيض أكدت أن الرئيس دونالد ترامب لن يضع جدولا زمنيا عشوائيا لسحب قواته من سوريا، وهذا هو المخرج الذي وجده الأمريكان لتخطي تصريحات الرئيس وإهمالها واعتبارها كأن لم تكن، وتثبيت رؤية البنتاغون، دون وضع ترامب في حرج أو مأزق، خاصة أنه معروف بأنه شخصية عنيدة جدا، قد يطيح ببعض المسؤولين في البيت الأبيض والبنتاغون، بسبب هذا الموقف".
وعلى الرغم من ذلك — حسب حمدان- يبقى دونالد ترامب وإدارته في أزمة واضحة، بعدما وعد الرئيس الأمريكي بإعادة قواته إلى "الوطن" في أقرب فرصة، ورغبة البنتاغون في إسقاط هذا الوعد، الذي تم توجيهه في الأساس لأسر هؤلاء الجنود والضباط، ومعه إسقاط كلمة الرئيس، الأكثر عندا في تاريخ الولايات المتحدة.