وبينما توالت التقارير والتحليلات التي تدور حول عدد الصواريخ ونوعها ومدة الهجوم والمواقع المستهدفة، تباطأ التحرك نحو اتخاذ إجراء عسكري، وهدأت الأمور حين قال ترامب إنه لم يحدد وقتا بعد، على نحو بدا كأنه تراجع، لماذا؟ لأن الضربة تحمل كل أنواع المخاطر التي تُقلق المخططين العسكريين والدبلوماسيين على حد سواء، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
Russia vows to shoot down any and all missiles fired at Syria. Get ready Russia, because they will be coming, nice and new and “smart!” You shouldn’t be partners with a Gas Killing Animal who kills his people and enjoys it!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) April 11, 2018
وذكر المسؤولون والخبراء أنه كلما كانت الضربة أكثر توسعا، ازدادت مخاطر الخسائر التي يمكن أن تعمق النزاع مع روسيا أو إيران. ومع ذلك، قد لا تؤدي العملية المحدودة إلى إلحاق أضرار كافية بحكومة الرئيس بشار الأسد حتى يغير من حساباته، بحسب الصحيفة الأمريكية.
ورأى محللون أن "إذا لم يكتف ترمب باستخدام الصواريخ وفضل إطلاق حملة جوية، حتى ولو كانت من خارج الأجواء السورية، فسوف يواجه مخاطر نظام الدفاع الجوي الحديث الذي وفرته موسكو".
وقد منح تحذير ترامب عبر موقع "تويتر"، والتأخر في بدء تنفيذ تهديداته، حكومة الرئيس السوري وقتا للاستعداد، إذ ذكر اثنان من مسؤولي وزارة الدفاع أن الجيش السوري نقل بعض طائراته الرئيسية إلى قاعدة روسية، حيث افترض أن الأمريكيين لن يشنوا هجوما عليها. وقام القادة الروس أيضا بنقل بعض قواتهم العسكرية؛ تحسبا للتحرك الأمريكي.
لكن أندرو تابلر، الباحث السوري بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط يبرر ذلك التحذير بقوله: "تريد (أمريكا) إصابة أهداف عسكرية ومعدات عسكرية بأكبر قدر ممكن؛ لأن الجيش السوري هو الذي يتولى تنفيذ هذه الأعمال الوحشية. تريد أن تتأكد من وصول الرسالة وتقويض قدراتهم العسكرية"، على حد قوله.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، تتنافى تغريدات ترامب مع سخريته الدائمة من الرئيس باراك أوباما؛ لقيامه بالإنذار بتحركاته العسكرية. وكتب ترامب على موقع تويتر عام 2013، حينما كان أوباما يدرس توجيه ضربة انتقامية جراء اعتداء كيميائي مزعوم على المدنيين: "كلا أيها الأحمق، لن أذهب إلى سوريا وإذا فعلت فستكون خطوة مفاجئة ولن أنشرها في وسائل الإعلام كافة كالحمقى".
@walaa_3ssaf No, dopey, I would not go into Syria, but if I did it would be by surprise and not blurted all over the media like fools.
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) August 29, 2013
وذكرت الناطقة باسم البيت الأبيض، سارة هاكابي ساندرز، يوم الأربعاء، أن الرئيس لم يخرق سياسته الخاصة؛ لأنه لم يذكر موعداً محدداً لبدء الضربة. وقالت: "لم يضع الرئيس جدولا زمنيا، ولا يزال هناك عدد من الخيارات الأخرى المطروحة. وما زلنا ندرس بعض هذه الخيارات، ولم يتم اتخاذ قرار نهائي بذلك الشأن".
وذكر وزير الدفاع، جيمس ماتيس، أن الولايات المتحدة لا تزال تقيِّم المعلومات حول الاعتداء الكيماوي المشتبه الذي أودى بحياة العشرات في الدوما، وأخبر الصحفيين: "ما زلنا ندرس المعلومات مع حلفائنا. ونستعد لتقديم الخيارات العسكرية، إذا كانت ملائمة، مثلما قرر الرئيس".
كما أشار التقرير إلى أن سوريا أثبتت أن دفاعاتها الجوية تستطيع تهديد الطائرات الأجنبية المقاتلة، حينما تحطمت مقاتلة إسرائيلية من طراز "F-16" بعد تعرضها لقصف مكثف، وكانت أول طائرة إسرائيلية تسقط جراء الاعتداءات منذ عقود، بحسب الصحيفة.
وذكر أحد كبار مسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية السابقين أن الجيش السوري طور خلال السنوات الثلاث الأخيرة نُظم دفاعاته الجوية إلى حد كبير، بمساعدة روسيا.
ورغم أن الصواريخ أرض/جو قد تهدد الطائرات الأمريكية غربي سوريا، فإن هذه الطائرات تستطيع إطلاق صواريخ كروز على بُعد مئات الأميال، سواء من الأجواء البحرية أو من أجواء أي دولة مجاورة.
يمكن أن تؤدي العمليات العسكرية إلى عواقب غير مقصودة وكوابيس دبلوماسية، بحسب الصحيفة الأمريكية، فقد أخفقت الضربات الجوية التي وجهها الرئيس بيل كلينتون ضد أهداف "القاعدة" عام 1998، في القضاء على أسامة بن لادن بأفغانستان، وأصابت مصنع أدوية في السودان، اتضح أنه ليس مصنعا للأسلحة الكيميائية حسب ما اعتقده محللو أجهزة الاستخبارات الأمريكية.
وأدت الحملة الجوية التي أطلقها كلينتون لحماية كوسوفو من القوات الصربية في العام التالي إلى تفجير السفارة الصينية في بلغراد. وتحسنت دقة الأسلحة الأمريكية منذ ذلك الحين، ولكن الأخطاء تظل ضمن حقائق الحروب.