وشهد ذلك العام تحديدا، العديد من الأحداث الثقافية المهمة في الولايات المتحدة الأمريكية، منها وفاة عازف الغيتار، جيمس هندريكس، وطرح آخر ألبومات فريق "البيتلز" البريطاني، واندلاع الحرب في فييتنام، والتي عارضها الكثير من الطلبة من كافة أنحاء البلاد.
وكانت سيارات الأمريكيين في تلك الفترة، ينبعث منها الغاز المحتوي على الرصاص، وكان تلوث الهواء مقبولا بشكل عام، كـ "علامة على الرخاء"، ولكن يكن الاهتمام بالبيئة واسع الانتشار، وسط وجود عواقب قانونية قليلة بشأن المخالفات البيئية، والإعلام الفاسد المهمل لمثل تلك القضايا.
وعلى الرغم من أن التيار السائد في أمريكا ظل غافلا إلى حد كبير عن المخاوف البيئية، إلا أن الكتاب الذي أصدرته ريتشيل كارسون "Silent Spring" أو "الربيع الصامت" في عام 1962، شكل لحظة فاصلة، وكان بداية زيادة الوعي بشأن الكائنات الحية، والبيئة، ووجود رابط بين التلوث والصحة العامة.
Silent Spring, Rachel Carson used her writer’s gift and her commitment to scientific truth, in eloquent support of better protection for children, wildlife and the earth from chemical contamination. #EarthDay #books #oceancleanup #BLUEPLANET pic.twitter.com/CRn03d35Zg
— ★Varietas Delectat (@OMGVDH) April 22, 2018
فكرة "يوم الأرض "
وجاءت فكرة اليوم الوطني للتركيز على البيئة، إلى مؤسس "يوم الأرض"، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي من ولاية ويسكونسن، جايلورد نيلسون، بعد أن شهد الدمار الذي خلفه التسرب النفطي الهائل في مدينة سانتا باربارا في ولاية كاليفورنيا في عام 1969.
وبفضل إلهام من الحركة الطلابية المناهضة لحرب فييتنام، أدرك نيسلون أنه إذا استطاع أن ينشر وعيا عاما عن تلوث الهواء والماء، فإنه سيدرج حماية البيئة على الأجندة السياسية الوطنية.
وأعلن السيناتور نيلسون عن فكرة "تدريس وطني في البيئة" لوسائل الإعلام الوطنية، وأقنع بيت مكلوسكي، وهو عضو الكونغرس الجمهوري المحافظ، أن يكون نائبا له، وعين دينيس هايز من جامعة هارفارد كمنسق وطني.
وقام هايز ببناء طاقم عمل وطني من 85 شخصا، من أجل الترويج للأحداث في جميع أنحاء البلاد، وتم اختيار يوم 22 أبريل كتاريخ ثابت للاحتفال بـ "يوم الأرض"، والذي يقع بين عطلة الربيع والاختبارات النهائية للطلبة.
وفي 22 أبريل 1970، خرج 20 مليون أمريكي إلى الشوارع والمتنزهات والقاعات، للتظاهر من أجل توفير بيئة صحية ومستدامة، في مسيرات ضخمة، بينما نظم الآلاف من الكليات والجامعات احتجاجات ضد تدهور البيئة، التي تشمل الانسكابات النفطية، والمصانع الملوثة ومحطات الطاقة، ومياه الصرف الصحي، والمكبات السامة، والمبيدات الحشرية، والطرق السريعة، وانقراض الحياة البرية.
وحقق يوم الأرض لعام 1970 مواءمة سياسية نادرة؛ إذ حشد الدعم من الجمهوريين والديموقراطيين في أمريكا، وكذلك الأغنياء والفقراء، وسكان المدينة والمزارعين، وأقطاب الأعمال والقادة العماليين، ومع حلول نهاية ذلك العام، أدى أول "يوم للأرض" إلى إنشاء وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة، ومرور قانون الهواء النظيف والماء النظيف والأنواع المهددة بالانقراض.
ويشير جايلورد نيسلون أن "يوم الأرض" كان مقامرة ولكنها نجحت".
ومع اقتراب عام 1990 ، طلبت مجموعة من القادة البيئيين من دينيس هايز تنظيم حملة كبيرة أخرى، وفي هذه المرة، أصبح "يوم الأرض" عالميا، وحشد 200 مليون شخص من 141 بلدا، ورفع القضايا البيئية على الساحة العالمية.
وأعطى "يوم الأرض" 1990 دفعة كبيرة لجهود إعادة التدوير في جميع أنحاء العالم، وساعد في تمهيد الطريق لقمة الأرض للأمم المتحدة عام 1992 في ريو دي جانيرو، كما أنه دفع الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، إلى منح السيناتور نيلسون وسام الحرية الرئاسي في عام 1995، وهو أعلى تكريم يمنح للمدنيين في الولايات المتحدة، لدوره كمؤسس "يوم الأرض".
"يوم الأرض" الآن
ومع اقتراب الألفية، وافق هايز على قيادة حملة أخرى، وهذه المرة ركزت على الاحتباس الحراري، والدفع لاستخدام الطاقة النظيفة، واستخدم "يوم الأرض" 2000 قوة تأثير الإنترنت لتنظيم المزيد من النشطاء، وأرسل يوم الأرض 2000 رسالة واضحة لقادة العالم، مفادها أن المواطنين في جميع أنحاء العالم يريدون عملا سريعا وحاسما بشأن الاحتباس العالمي والطاقة النظيفة.
وفي "يوم الأرض" 2010، اجتمع ربع مليون شخص في "ناشونال مول" في العاصمة الأمريكية واشنطن، شخص إلى المركز التجاري الوطني من أجل القيام بما يسمى بـ "رالي المناخ"، والذي أثمر عن إطلاق أكبر مشروع للخدمات البيئية في العالم، ومنها مبادرة زراعة الأشجار العالمية التي تطورت منذ ذلك الحين إلى "مشروع كانوبي".
Geographers and the AGS marching for Science on Earth Day, April 22, 2017 on the National Mall @AmericanGeo #marchforscience #GWU pic.twitter.com/3eeVKRbozP
— Marie Price (@marieprice2) April 24, 2017
واليوم، يستمر الكفاح من أجل توفير بيئة نظيفة، ويصادف عام 2020 الذكرى السنوية الـ 50 لأول "يوم للأرض"، وتكريما لهذا الإنجاز ، تطلق شبكة يوم الأرض مجموعة طموحة من الأهداف، لتشكيل مستقبل البيئة في القرن الـ 21.