إنها سعاد عبد الرحيم مرشحة حزب "النهضة" لرئاسة بلدية تونس، التي حددت في حوارها لوكالتنا أسباب ترشيح حزبها ذي المرجعية الإسلامية لها لهذا المنصب، وخططها في حال الفوز به.
سبوتنيك: ماذا يمثل لك ترشيحك كأول امرأة لمنصب "شيخ المدينة"؟
اعتبر فوزي في الانتخابات فخر للمرأة التونسية، والعربية عموما، ومنصب شيخ المدينة بالمعنى الإداري هو رئيس بلدية تونس، وبلدية تونس هي بلدية العاصمة، تأسست عام 1859، وحتى اليوم لم تتول رئاسة البلدية امرأة.
وحزب النهضة بوصفه أحد مؤسسي دستور الجمهورية التونسية عام 2014، كان دائما يطالب بالمساواة في الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل وتكافؤ الفرص بينهم، وقانون الانتخاب يدعو إلى التناصف الأفقي والعمودي في الانتخابات البلدية، والتناصف في المؤسسات الدستورية.
ولهذا تساءلنا لما لا تكرم المرأة في تونس بهذا المنصب، خصوصا أن منصب شيخ المدينة كان يعين في السابق من رئيس الجمهورية، وأصبح الآن بالانتخاب، وقد رشحني الحزب للمنصب، واختارني الشعب التونسي وأعطاني ثقته في الانتخابات، وبالتالي من حقي أن أكون شيخ مدينتهم، وهذا فخر لنا، لأن بلدية تونس هي بلدية سياسية رمزية، ورمزية هذا المنصب هي ما يعنينا، فاليوم الشعب التونسي يعطي صوته لامرأة لتتولى رئاسة أكبر بلدية في تونس، وهو ما لم يحدث منذ أكثر من 100عام.
سبوتنيك: ما هي إجراءات شغل منصب شيخ المدينة في تونس؟
سبوتنيك: "نداء تونس" يصر على ترشيح كمال إيدير للمنصب هل هذا يعني عدم وجود توافق؟
كمال ايدير هو رئيس قائمة "نداء تونس" لبلدية تونس، ومن حقه أن يترشح لرئاسة البلدية، شأن باقي رؤساء القوائم، ونحن ننتظر الآن صدور النتيجة النهائية للانتخابات، لأن المرحلة الحالية تستقبل خلالها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الطعون الانتخابية، وبعدها يعقد المجلس البلدي جلساته، وتحدد الجلسة الأولى لانتخاب رئيس البلدية، حيث ينتخب المجلس البلدي المكون من 60 مستشار بانتخاب رئيس البلدية.
سبوتنيك: وهل عدد المقاعد التي فازت بها قائمة "النهضة" في العاصمة تضمن فوزك بالمنصب؟
لا قائمة حزب "النهضة" في العاصمة حصلت على 21 مقعدا، وهذا لا يسمح لي بتولي رئاسة البلدية أوتوماتيكيا، لأن رئيس البلدية يحتاج إلى أغلبية مطلقة"50%+1" وهو ما يعني أن فوزي يحتاج 31 صوتا من المستشارين، ولكن إذا رفضني الصندوق سألتزم وهذه مخرجات الديمقراطية.
سبوتنيك: ما خطتك في حال الفوز بالمنصب؟
لدينا كقائمة حزب "النهضة" برنامج مدقق نشرناه للناخبين قبل الانتخابات، يقوم على 4 محاور رئيسية، أبرزها جمالية المدينة، لأن العمل البلدي هو عمل يومي مباشر للمواطن، أي أنه منذ الخروج من المنزل يجب أن ترافقه البلدية طوال اليوم، بدءا من النظافة والتنوير، وتشجير الطرقات لأن تونس خضراء ونريدها أن تكون دائما خضراء، وخلق توازن بيئي، وسيولة مرورية، ودفع التنمية في الجهات، وأن تكون الحوكمة مفتوحة، ومشاركة الشباب والساكنين في كل بلدية في اختيار أولويات وإشكاليات المنطقة، وتركيز السلطة المحلية اللامركزية، والسماح للمواطنين بالمشاركة في السلطة المحلية، لأن الإصلاحات الدقيقة والمباشرة تبدأ من المواطن العادي من خلال السلطة المحلية، وأكبر التحديات أمامنا هي أن نرى العمل البلدي الحقيقي المباشر في كل يوم، فضلا عن التنسيق مع السلطة المركزية وسلطة الإشراف، لتهيئة المدارس، ومراكز الصحة، وضرورة أن يكون الاستثمار في الأشخاص وفي صحة المواطن بالتركيز على مبدأ أن الوقاية خير من العلاج، وتنشيط الشباب والعمل على إيجاد قصور للثقافة، وأطر وترفيهية وإقامة مهرجانات لدعم الثقافة والفن والرياضة، هو برنامج مختلف يضم 4 مجالات، كل مجال أهم من الآخر، يتميز بأنه واقعي ويلبي احتياجات المواطن.
سبوتنيك: لماذا رشح حزب "النهضة" (الإسلامي) امرأة لهذا المنصب؟
حزب "النهضة" أراد أن يرسل رسالة واضحة مباشرة، للداخل والخارج، مفادها أنه ليس لديه مشكلة مع حقوق المرأة، ومع تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل، ومع إيمانه بالمساواة الكاملة بين المرأة والرجل، وهذه رسائل سياسية نجحت حركة "النهضة" في ايصالها للجميع.
ووقع الاختيار على بلدية تونس، لأنها بلدية رمزية ولها ثقل سياسي وديمغرافي كبير، هي العاصمة والمركز، والعقلية الذكورية السائدة لا تريد انتخاب المرأة، فضلا عن أن الأحزاب التونسية باستثناء حركة النهضة لم ترشح امرأة لهذا المنصب، ولكن النهضة أصرت على ترشيحي لهذه المسؤولية، وبالتالي كانت المفاجأة أن حزبا ذا مرجعية دينية يرشح امرأة في حين أن باقي الأحزاب التي تدعو دائما إلى المساواة التامة، لم ترشح أية امرأة للمنصب، ولم تعط الفرصة للمرأة لقيادة البلدية.
سبوتنيك: ما تعليقك على حديث عضو حزب "نداء تونس" فؤاد بوسلامة عن مخالفة ترشحك للتقاليد التونسية؟
لدينا حرية تعبير وحرية تفكير، وكل منا يفكر بالطريقة التي يجدها مناسبة، بوسلامة تحدث عن الجانب البروتوكولي لحضور امرأة في حال توليها منصب شيخة المدينة لاحتفال ليلة 27 رمضان مع رئيس الجمهورية في الجامع، وقال إنه لا يصح، ولكن من الناحية القانونية، القانون التونسي لا يمنع المرأة من دخول الجامع، بل يعطي الحق للمرأة التي تعمل بعدل الإشهاد "مأذونة" أن تعقد القران في الجامع أو المسجد، وبالتالي من الناحية القانونية لا يوجد ما يمنع من دخول شيخة المدينة للجامع، هو يتحدث من الجانب البروتوكولي، لأن وظيفة شيخ المدينة تتطلب أن يكون حاضر مع رئيس الجمهورية ورؤساء الإطارات الاحتفالات الرسمية.
سبوتنيك: وهل رئيس البلدية له أي مهام دينية يمارسها من داخل الجامع أو المسجد؟
ليس لديه أي مهام دينية هي وظيفة إدارية، هو ليس مفتي الجمهورية ولا هو إمام جامع، هو فقط يمثل البلدية في المحافل الرسمية، ومن بينها احتفالية ليلة 27 رمضان بجامع الزيتونة.
سبوتنيك: ما رؤيتك لمستقبل المنافسة بين "النهضة" و"نداء تونس" في الانتخابات المقبلة؟
"نداء تونس" قرر عدم التحالف مع "النهضة" فيما يتعلق بنتائج الانتخابات البلديات فقط، ولكن حتى الآن الحزبين منضوين تحت مظلة وثيقة قرطاج التي دعا من خلالها رئيس الجمهورية لحكومة وحدة وطنية بين كل الأطراف في السلطة، وهذا ميثاق أخلاقي وسياسي بامتياز، والمجالس البلدية اليوم تواجدها مستمد من وثيقة قرطاج.
سبوتنيك: ولكن حافظ السبسي قال إن حزبه سيتحالف مع القائمات المستقلة القريبة من توجهاته ماذا يعني ذلك؟
لم يتحدث أحد عن فك الارتباط مع "النهضة"، حديث "نداء تونس" الحالي عن عدم التحالف مع حزب "النهضة" قاصر فقط على المجالس البلدية، فيما يخص رئاسة البلديات، يتحالفون مع أحزاب أخرى، بغرض الوصول إلى أغلبية داخل المجالس البلدية، وهذا من حقهم، ولكن يجب استمرار التوافق بين كل المكونات السياسية، لأن العمل البلدي هو عمل ميداني تنفيذي، في حاجة إلى فريق متجانس ومتناغم، ليس في حاجة إلى أفكار ورؤى، بقدر حاجته إلى التعاون في تنفيذ المشاريع المفيدة للمواطن.
سبوتنيك: يرى البعض أن الانتخابات البلدية بروفة للانتخابات المقبلة ما توقعاتك بشأن نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة؟
الشعب التونسي أعطى ثقته اليوم في حركة النهضة، ولكن هذه الثقة نسبية وجزئية، خصوصا في ظل تدني نسب المشاركة في الانتخابات، وكأن الثقة بدأت تنسحب من السياسة والسياسيين، قبل التفكير في انتخابات 2019 وما بعدها، علينا أن نفكر في الإنجاز، إنجاز ما تم الوعد به في الحملة الانتخابية، أن نعمل على تنفيذ البرنامج البلدي، أن نقترب من المواطن ونستعيد ثقته، بالعمل المباشر ليس بالتجاذبات السياسية، ولا بالاتهامات، ولا بالمهاترات، نقترب من المواطن بحوكمة شفافة ومفتوحة ورشيدة، لنسترجع ثقة الشباب، مع أن العمل البلدي هو عمل تطوعي ولدينا نسبة كبيرة من الشباب في القائمات التي فازت بالانتخابات، سنقدم لهم الدعم الكامل حتى يكونوا أداة التواصل مع بقية الشباب، العازفين عن المشاركة الانتخابية، لابد أن نعطيهم الأمل بالعمل حتى تتغير الأوضاع بعد الـ7 سنوات العجاف الماضية.
أجري الحوار/ رنا ممدوح