ونشرت تقارير صحفية عديدة تفاصيل عن محاولات عديدة لاستمالة الإدارة الأمريكية، خلال أزمة قطر مع دول المقاطعة الأربع "السعودية والإمارات والبحرين ومصر"، من قبل طرفي الأزمة، عن طريق مساعي لإجراء محادثات أو صفقات سرية مع مساعدي ترامب.
وقال بانون، في مقابلة أجريت معه في مدينة "براغ" التشيكية، إن "قطر بذلت جهودا كبيرة للاجتماع معي في العام الماضي، ضمن حملة أوسع تشنها للتأثير على الإدارة الأمريكية".
وتابع "كانوا يتطلعون للجلوس معي، لكني رفضت تلك المقابلة، ولم أقابل أي منهم أبدا".
وكانت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية قد نشرت تقريرا عن تحقيقات حول علاقة رجلي الأعمال الأمريكيان جورج نادر (من أصل لبناني) وإيليوت برودي، المقرب من حملة ترامب، حول إبرامهما صفقات بمئات الملايين من الدولارات، بهدف التأثير على الإدارة الأمريكية، وخدمة مصالح السعودية والإمارات.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قد ذكرت في وقت سابق، نقلا عن مصادر مطلعة، أن برودي ونادر حثا الرئيس ترامب، الذي كانت لديهما اتصالات معه، على إقالة وزير الخارجية الأمريكي السابق، ريكس تيلرسون، من منصبه، واتباع سياسات خارجية في مصلحة السعودية والإمارات.
وبالعودة إلى بانون، فأوضح المسؤول الأمريكي السابق، أن صديقه جيف كواتينيتز، الرئيس التنفيذي السابق لرابطة كرة السلة "BIG3"، كان وسيطا مع المستثمر القطري، أحمد الرميحي، الذي طلب المساعدة في عقد اجتماع بين بانون والحكومة القطرية.
صندوق ترامب
أما صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية فنشرت تقريرا مطولا حول مساعدة منحها محامي ترامب الشخصي والمقرب منه، مايكل كوهين، لأحد المانحين الرئيسيين في حفل تنصيب ترامب، بالاستثمار بمجال الطاقة النووية في صندوق الثروة السيادية القطري في أبريل/ نيسان الماضي.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن أشخاص وصفتهم بالمطلعين على تلك الصفقة السرية، أن كوهين، تمكن من منح فرانكلين هاني، إتمام زوج من المفاعلات النووية التابعة للثروة السيادية القطرية، مقابل دعمه المواقف القطرية عند الإدارة الأمريكية.
كما أشارت المصادر إلى أن هاني وكوهين، الذي تم تعيينه في وقت لاحق مستشارا لتلك الصفقة، التقيا مع نائب رئيس هيئة الاستثمار القطرية، الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني في يوم 5 أبريل/ نيسان الماضي في فندق "فور سيزونز" في ميامي بيتش.
وأوضحت الصحيفة أن كوهين وهاني وإدارة ترامب رفضوا جميعا التعليق على تلك التقارير.
ولكن من جانبها، أشارت السفارة القطرية في واشنطن إلى أن كوهين هو من طلب عقد اجتماع مع نائب رئيس هيئة الاستثمار القطرية، لكن رفضت تقديم أي تفاصيل حول الاجتماع، كما أن المتحدث باسم صندوق الثروة السيادية القطري رفض التعليق.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن المستثمر القطري، أحمد الرميحي، قال في تصريحات لـ"وول ستريت جورنال" إنها ليست المرة الأولى التي يطلب فيها كوهين أموالا من قطر لتحقيق خدمات سياسية، حيث سبق وطالبهم بمليون دولار في ديسمبر/ كانون الأول عام 2016.
وكان الرميحي يعمل في هيئة الاستثمار القطرية، ولكنه رحل عنها منذ مارس/ آذار 2017، وقالت السفارة حينها، لم تكن دولة قطر عميلة إطلاقا مع السيد كوهين.
أما صحيفة "شيكاغو تريبيون" الأمريكية، فنشرت تقريرا حول تأسيس شركة جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزوج ابنته إيفانكا، شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا تسعى للحصول على 100 مليون دولار مدعومة من صندوق الثروة السيادية السعودي.
وأوضحت الصحيفة أن تلك الشركة، هي شركة "كادر" الناشئة للتكنولوجيا القارية، والتي تم تأسيسها منذ عام 2014، وتلقت استثمارات لا تقل عن 100 مليون دولار من صناديق خاصة رأسمالها تابع لحكومتي السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وأشارت إلى أنها تحصلت على تلك المعلومات من مصادر وأشخاص على دراية بتلك المناقشات.
وأوضح أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة "كادر" أن السعودية وضعت نحو 100 مليار دولار من صندوق الاستثمار العام للحكومة السعودية، فيما وضعت الإمارات نحو 15 مليار دولار من صندوق رؤية التابع لصندوق الثروة السيادية الخاص بها.
ولكن مسؤولي "كادر" أشاروا إلى أن جاريد كوشنر يفصل حصته عن حصة "كادر" بصورة كبيرة، حيث أن مؤسس الشركة الرئيسي شقيق جاريد الأصغر، كما أنه لم يشارك في مناقشات التمويل الأخيرة التي تمت مع الصناديق السعودية الإماراتية.
لكن الصحيفة قالت إن المصادر أشارت إلى أن جاريد كوشنر، بصفته "شخصية حكومية محورية"، يمكن أن يكون مستفيدا محتملا من تلك الصفقة، وسط تضارب المصالح بين قضايا السياسة العامة والاستثمار من قبل إدارة ترامب، خاصة وأن كوشنر كان رأس الحربة في مساعي السعودية والإمارات لمعاقبة خصومها، خاصة وقت أزمتهما مع قطر.
وأوضحت الصحيفة أن الصندوق السعودي للاستثمار العام، رفض التعليق على تلك التقارير، كما رفض صندوق "رؤية" الإماراتي الرد أيضا على التقارير.
وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، قد فرضت قرارا بمقاطعة قطر دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا، بسبب اتهامات موجهة لها بدعم وتمويل الإرهاب، ومحاولة زعزعة استقرار بعض الدول العربية، وهو ما تنفيه الدوحة.