رغم إعلان هيئة الحقيقة والكرامة استجابتها لرفض البرلمان التونسي تمديد عملها، إلا أن الخلاف بين المؤسستين مازال مستمرا، حول موعد إنهاء عمل الهيئة المختصة بالعدالة الانتقالية، فبينما يصر البرلمان على أن تنهي "الحقيقة والكرامة" عملها وتسلم كل ما لديها من ملفات للحكومة قبل نهاية شهر مايو/ أيار الجاري، أكدت رئيس الهيئة سهام بن سدرين، على استكمال الهيئة لمهامها حتى نهاية العام.
ومن جانبه قال الخبير التونسي مختار بن حفصة، لـ"سبوتنيك"، إن مسار العدالة الانتقالية الذي نص عليه الدستور التونسي تعرض لمسعى محموم لإجهاضه من الأحزاب والحكومة، التي اتخذت من الهيئة ستارا للتجاذبات السياسية.
وأضاف الخبير التونسي المتتبع لعمل الهيئة أنه من الناحية القانونية، يجوز لهيئة الحقيقة والكرامة تمديد عملها سنة إضافية، ولكن افتعلت أزمة، وقرر البرلمان في جلسة مشكوك في قانونية نصابها، إنهاء عملها دون أن تتمه.
وأنشئت هيئة الحقيقة والكرامة في 23 ديسمبر/ كانون الأول 2013، للإشراف على مسار العدالة الانتقالية بمختلف مراحلها، و كشف الحقيقة عن مختلف الانتهاكات، التي تمت منذ عام 1955 وحتى عام 2013، ومسائلة ومحاسبة المسؤولين عنها، وجبر الضرر، ورد الاعتبار للضحايا لتحقيق المصالحة الوطنية.
وكانت رئيسة الهيئة سهاد بن سدرين قد طالبت مجلس نواب الشعب التونسي في نهاية فبراير/شباط الماضي بتمديد عمل الهيئة سنة إضافية حتى 31 ديسمبر/ كانون الأول 2018 ، لإتمام كتابة التقرير النهائي المطلوب من الهيئة، واستخراج ما توصلت إليه في أعمال التقصي ورد الاعتبار للضحايا.
وأشار بن حفصة إلى أن الحكومة وقت مناقشة البرلمان لقرار تمديد عمل الهيئة من عدمه، كانت مع إنهاء عمل الهيئة، ولكن عندما طرحت مسألة التغيير الحكومي، واجتماعات الأحزاب والمنظمات الوطنية الموقعة على وثيقة قرطاج 1 و2، ردت الحكومة بدعم الهيئة.
وصوت البرلمان التونسي، في 27 مارس/ آذار الماضي، على إنهاء عمل "هيئة الحقيقة والكرامة"، وطالب يوسف الشاهد الأربعاء 23 مايو/ أيار رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين، بإنهاء أشغال الهيئة قبل انتهاء شهر مايو/أيار الجاري.
وقال بن حفصة إن الهيئة "لغمت منذ تأسيسها، سواء على مستوى فريقها الذي نشبت بينه صراعات، وهناك من استقال وهناك من عينه البرلمان، وكذلك على مستوى رئيسة الهيئة التي ساعدت في توظيف مؤسسة بهذه القيمة في الصراعات السياسية، من أجل تحقيق مكاسب سياسية على حساب الأهداف والمسارات التي تحتاجها البلاد".
ويلزم الدستورالصادر عام 2014، الدولة التونسية بتطبيق منظومة العدالة الانتقالية في جميع مجالاتها والمدة الزمنية المحددة بالتشريع المتعلق بها، ولا يقبل في هذا السياق الدفع بعدم رجعية القوانين أو بوجود عفو سابق أو بحجية اتصال القضاء أو بسقوط الجريمة أو العقاب بمرور الزمن.
وعن أسباب دعم حركة النهضة لأعمال الهيئة في الوقت الحالي،أشار الخبير التونسي إلى رغبة النهضة في اكمال صراعها غير المعلن مع حركة نداء تونس، مدللا بأنه أثناء التصويت في الجلسة العامة للبرلمان، على التمديد من عدمه لهيئة الحقيقة والكرامة، افتعل نواب النهضة أزمة وانسحبوا من الجلسة، لافساح المجال لنداء تونس، ومن معه، لتمرير قرار رفض التمديد.
وعن رأيه للجدل الدائر بين الهيئة والبرلمان حول موعد إنهائها لعملها، توقع بن حفصة أن تواصل هيئة الحقيقة و الكرامة عملها حتى نهاية العام الجاري، رغم عدم تخصيص الحكومة لميزانية خاصة بها، ورغم تسريح الموظفين العاملين بها، حتى تنتهي من تسليم الملفات الموجودة في حوزتها إلى الجهات المختصة سواء الحكومة أو المحاكم أو لجان التعويض وجبر الضرر.