مشيرا إلى أن هذا الأمر يأتي أيضا لدفع الأعمال القتالية من قاعدة التنف نحو شرق السويداء وصولا إلى تدمر.
ولفت اللواء عباس إلى أنها بذلك تعمل بشكل متواصل على ضمان استمرار الحرب في سوريا ولتمزيق الجغرافية السورية، غير مستبعدِ إمكانية عودة تدمر كهدف أمريكي مجددا، فيمكن لهذه الأعمال القتالية في المنطقة الشرقية أن تستهدف تدمر، لأن احتلال تدمر من جديد يمكن أن يزعزع الاستقرار والأمن والمكانة التي استعادتها الدولة السورية خلال العامين الأخيرين.
وأوضح اللواء المتقاعد لوكالة "سبوتنيك" أن التدقيق في المنطقة الشرقية الممتدة بين قاعدة التنف والبوكمال وتدمر، يوضح أنها لا تزال تحتفظ بالبعض من جيوب تنظيم "داعش" الإرهابي (المحظور في روسيا)، وهو في الحقيقة يعمل على تنفيذ المشروع الأمريكي في سوريا إلى جانب التنظيمات الإرهابية الأخرى، فجميعها فروع لشركة "بلاك ووتر" الأمريكية وتشكل في سوريا "جيوش أمريكا البديلة".
معتبرا أن هذا الوجود القائم في المنطقة الشرقية وتحريكه مؤخرا لتنفيذ بعض الأعمال القتالية ضد الجيش السوري في منطقة جنوب شرق دير الزور أو في منطقة حميمة والمحطة الثالثة والمحطة الثانية، كل هذا إشارة من القوات الأمريكية إلى أنها مستعدة لفتح أي جبهة جديدة، سواء في مواجهة الأعمال القتالية المحتملة في المنطقة الجنوبية باتجاه درعا أم إلى المنطقة الشمالية باتجاه إدلب.
وشهد مسار المعارك في سوريا خلال سنوات الحرب التي تتعرض لها البلاد تقهقرا في مشاريع الولايات المتحدة الأمريكية مقابل إصرار الجيش العربي السوري وحلفائه على إفشال مخططات واشنطن الاستعمارية في المنطقة.
مخطط حدودي لفصل سوريا عن محيطها
وشهدت مناطق سيطرة الجيش السوري شرقي دير الزور وخصوصا مناطق حميمة والبوكمال والسخنة والمحطتين الثانية والثالثة هجمات متتالية من آخر جيوب تنظيم "داعش" خلال الفترة الماضية، كما شهدت اعتداءات عسكرية أمريكية وغارات من طيران التحالف الأمريكي على مواقع الجيش السوري لمنعه من سحق هذا الجيب، ولتسهيل اندفاع قوات "داعش" نحو مناطق سيطرة الجيش، ووقع آخر هذه الاعتداءات بتاريخ 24 أيار/ مايو 2018 ، إلا أن وزارة الدفاع الأمريكية نفت استهداف تحالفها لمواقع للقوات السورية.
ورأى اللواء عباس أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تفرض معادلة تؤكد أنها سيدة المنطقة الشرقية في سوريا، كما تريد من خلال حشد القوى والوسائط الموجودة في منطقة التنف أن تزجها في اتجاهين، الأول يتجه نحو البوكمال بهدف قطع الحدود السورية العراقية ومحاولة فصل العراق عن سوريا، وهذا هدف أمريكي إستراتيجي أول في المنطقة، والهدف الثاني هو امتداد الأعمال القتالية من التنف باتجاه الجنوب نحو شرق السويداء وصولا الى تدمر، وبالتالي إكمال القوس الذي يفصل سوريا عن محيطها العربي باتجاه الأردن أو العراق، ويتكامل هذا مع القوس التركي في الشمال من خلال سيطرة قوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات، وجبهة النصرة في إدلب حتى مورك وجسر الشغور.
إطالة أمد الحرب لإنعاش المشروع الأمريكي
وأضاف اللواء عباس: إن "الأمريكي" يعمل بشكل متواصل على ضمان استمرار الحرب في سوريا ولتمزيق الجغرافية السورية ولن يتوانى عن تنفيذ مخططه الرامي إلى تحقيق انتصار أو إنجاز ما، ورغم كل الخسائر التي تتعرض لها القوات الأمريكية البديلة في سوريا فهو مستمر بتنفيذ مشروعه لأنه لن يخسر شيئا، وحتى لو خسر فهو ليس بخاسر، لن يخسر من جنوده ولا من أمواله ولا بناه التحتية، فالأموال تدفعها دول الخليج والجنود يتم استقطابهم من مختلف دول العالم للقتال في سوريا إلى جانب السوريين الذين يحملون الفكر الوهابي، والبنى التحتية التي تُدمّر هي البنى التحتية السورية.
واعتبر اللواء عباس أنه من الممكن عودة تدمر كهدف أمريكي مجددا، فيمكن لهذه الأعمال القتالية في المنطقة الشرقية أن تستهدف تدمر، لأن تدمر إحدى أهداف الولايات المتحدة الأمريكية الإستراتيجية في المنطقة، واحتلالها من جديد يمكن أن يزعزع الاستقرار والأمن والمكانة التي استعادتها الدولة السورية خلال العامين الحالي والماضي، خصوصا مع تحرير نحو 80 بالمئة من الأراضي السورية وبسط سيطرة الدولة عليها، كما أن تدمر تشكل حالة رمزية يمكن للأمريكي القيام باختراقها، ليحقق إنجازا كبيرا، سيما وأنه تمكن من حشد أعداد كبيرة من قواته في منطقة التنف ومنطقة الركبان والمناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية شرق نهر الفرات، وهناك إمكانية لتأمين عبور قوات كبيرة نحو تدمر دون التمكن من ملاحظتها عبر المراصد الجوية أو البرية، خاصة مع إدراكنا قدرة القوات الأمريكية على توفير التغطية الكهرطيسية ووسائل التشويش الالكتروني وقدرتها تضليل وحدات الاستطلاع وعلى الاستفادة من ظروف الطقس والغبار، فكل هذه الخيارات ممكنة ويمكن تحديد اللحظة المناسبة لتحريك هذه القوات باتجاه تدمر.
وفي هذا السياق أوضح اللواء عباس أن القوات السورية الموجودة على الأرض والتي تسيطر حتى مناطق المحطة الثالثة والمحطة الثانية والسخنة وحميمة، قادرة على صد الأعمال القتالية الحالية والمستقبلية لـ"داعش"، ولكن "عندما يراد تنفيذ مهمة عملياتية هجومية إستراتيجية لاحتلال تدمر فلا أعتقد أن العدو سيترك مؤشرات توحي بأنه سيقوم بذلك، لأن الأمريكي يستطيع إخفاء غاياته ومخططاته عبر ممارسة التمويه والتضليل، وخاصة أن الأعمال القتالية تتميز بالحسمية وتقوم على عناصر المباغتة والمفاجأة واختيار اللحظة والشروط المناسبة للوصول الى الهدف"، موضحا أن القوات السورية تحاول بكل قوتها حرمان الأمريكي من تحقيق أهدافه في المنطقة الجنوبية والشرقية والحدود السورية العراقية الممتدة من شمال التنف إلى البوكمال، مع التأكيد أن الأمريكي يحاول أن يزرع عناصر من "داعش" على طول الحدود يرفعون الأعلام الأمريكية للقول: إنه حيث يرفع العلم الأمريكي فهي منطقة جغرافية أمريكية يحظر على القوات السورية الاقتراب منها، فالأمريكي يخطط لتحقيق هذه الأهداف والجيش السوري مع حلفائه يخططون لتحقيق الأهداف المعاكسة لتحرير كل الأراضي غير الخاضعة لسيطرة الدولة والحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها ولإفشال المخططات الأمريكية في سوريا والمنطقة ككل.
وختم اللواء عباس بالقول: إن الحل السياسي للأزمة السورية هو باختصار "خروج القوات الأمريكية" التي تعمل على تقسيم سوريا وإطالة أمد الحرب، وعند انتهاء هذا الوجود يصبح الحل ممكنا وفوريا.