اليوم، يعيش أهالي الغوطة الشرقية حياة مختلفة عن تلك التي عرفوها تحت نير الجماعات الإرهابية المسلحة وسطوة الجوع والذل وحد السيوف التكفيرية، وهم يلمسون اليوم الفرق الشاسع في أوضاعهم المعيشية، بعد أن خلصهم الجيش وحلفاؤه، من سطوة جيوش الإرهاب التي مارست بحقهم أبشع أنواع الحصار والتجويع لسنوات، كما عادت مستلزماتهم المعيشية كافة، حالهم كحال سكان دمشق وأحيائها المحاذية للغوطة الذين تخلّصوا بدورهم من القذائف الصاروخية التي داومت الفصائل الإرهابية على إطلاقها بكثافة لمطاردة الأطفال والمدنيين في شوارع العاصمة، أو لتقتحم بيوتهم فتنشر فيها الموت والدمار.
مصادر طبية في وزارة الصحة كشفت لـ"سبوتنيك" عن التباين الهائل بين عدد الحالات الإسعافية التي تستقبلها مشافي العاصمة جراء الاستهداف اليوم للأحياء بالقذائف الصاروخية، وبين عددها اليوم.
ووفق تصريحات رسمية، تلقت العاصمة دمشق خلال عشرين يوما من نهاية كانون الثاني/ يناير وبداية شباط الماضيين، أكثر من ألف قذيفة صاروخية أطلقها المسلحون من مواقعهم في الغوطة الشرقية على الأحياء المدنية.
المصادر الطبية قالت لـ"سبوتنيك"، أن إصابات المدنيين الناجمة عن تلك القذائف، ناهزت الـ 14 ألف حالة ومئات الوفيات خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، فيما اليوم، لم يعد يسجل أي حالة بعد تطهير الغوطة وجنوب دمشق، باستثناء بعض الحالات الناجمة عن انفجار ألغام وعبوات زرعها الإرهابيون ولم تصل إليها بعد الفرق الهندسية.
في جولة لها في بعض بلدات الغوطة الشرقية التقطت كاميرا "سبوتنيك" انتعاش أوضاع المدنيين المعيشية بعد فترة وجيزة من عودتها إلى حضن الدولة، فالأسواق الشعبية عامرة بالخضروات واللحوم والفواكه، التي لطالما حلم الأهالي بتجريب طعمها من جديد، وكذلك خبز "القمح" الذي كانت الربطة الواحدة منه تباع بخمسة الاف ليرة جراء جشع التجار التابعين لتنظيمات "جبهة النصرة وفيلق الرحمن وجيش الاسلام" وغيرهم، وباتت اليوم متوافرة بكثرة وبسعر 50 ليرة أي أقل بمئة مرة.
أحد سكان الغوطة ذكر لـ"سبوتنيك": أن الإرهابيين تاجروا بدماء المدنيين، وأضاف "لم نحس بالأمان والاطمئنان إلا بعد دخول الجيش السوري وعودة المنطقة لسيطرة الحكومة"، وأوضح آخر: "منذ دخول الجيش إلى الغوطة توافرت كل مستلزماتنا الغذائية و الطبية على العكس من أيام سيطرة الإرهابيين التي عانينا خلالها الجوع والحرمان".
جولة الكاميرا قادتها إلى قلب دمشق القديمة، هناك حيث حي القيمرية العتيق الذي يتكئ على كتفه الجامع الأموي منذ أكثر من ثلاثة آلاف ومئتي سنة، هناك سفكت قذائف الإرهاب المنبعثة من جيوش الظلام في الغوطة الكثير من دماء الأبرياء المدنيين، واليوم دحرت هذه الجيوش وارتدت القيمرية حللها المطرزة بوجوه أهالي الحي الأثري وضيوفه من كل حدب وصوب…
هذا الحي، وهو أحد جيران المناطق الجنوبية من الغوطة، حركة الناس الطبيعية التي رصدتها كاميرا "سبوتنيك" في أحياء دمشق المحاذية للغوطة الشرقية توحي بالأمان والطمأنينة التي يتلذذ سكان هذه الأحياء بطعمها من جديد، وهم الذين عانوا كثيراً من القذائف الصاروخية التي كان الإرهابيون يطلقونها من الغوطة عليهم والتي أدت لسقوط عشرات الشهداء والجرحى… يقول أحد أهالي حي القيمرية لـ"سبوتنيك" ان "نصيب هذا القيمرية من الصواريخ والقذائف جعل جراحها الأعمق بين الأحياء الدمشقية، ويؤكد آخر أنّ " الأمن والأمان عادا لدمشق كلها و ليس فقط للأحياء المحاذية لغوطتها الشرقية بعد خروج الإرهابيين من كل مناطقها، وبات السكان قادرين على التحرك بأمان تام إذ تخلصوا من هاجس الخوف التي تسببت به قذائف الإرهابيين وصواريخهم".