اعتبر كثير من التونسيين قرار تعيين هشام الفوراتي، وزيرا للداخلية، خلفا لـ"لطفي براهم"، المقال منذ 6 يونيو/ حزيران الماضي، قرارا "عاديا" لا يحمل مفاجأة، خصوصا وأنه يعمل بالوزارة منذ عام 1992، ويترأس ديوان وزيرها منذ 2015، فضلا عن خبراته السابقة في العمل الأمني كوالي لمدينة المنستير، وقبلها كاتب عام لولاية زغوان. غير أن الفرقاء السياسيين في تونس، وعلى رأسهم حزب نداء تونس الحاكم، لم يفوتوا الفرصة للتعبير عن عدم ارتياحهم لجميع قرارات رئيس الحكومة يوسف الشاهد، بما فيها قراره الأخير بتعيين الفوراتي وزيرا للداخلية.
والبداية كانت عند مستشار رئيس الجمهورية، نور الدين بن تيشة، الذي أعلن أمس الأربعاء 26 يوليو/تموز، أن الشاهد لم يستشر الرئيس السبسي قبل تعيين الفوراتي في المنصب، وهو ما تلاه تأكيد المتحدث باسم حركة نداء تونس، المنجى الحرباوي، على أن الشاهد لم يستشر النداء قبل تعيين الفوراتي أيضا، وفي المقابل أكدت حركة النهضة تأييدها لتعيين الفوراتي، وقالت على لسان أحد قياديها إن الشاهد استشارها مسبقا بمقترح تعيين الفوراتي وزيرا للداخلية، وأنه ستؤيد قرار تعيينه في البرلمان.
التجاذبات السياسية التي صاحبت قرار تعيين الفوراتي على رأس وزارة الداخلية، أضفت على المشهد التونسي مزيدا من الزخم والترقب، لكيفية تعامل البرلمان مع قرار الشاهد بتعيينه، خصوصا وأن التصويت على القرار بالسلب أو بالإيجاب، سيعيد تشكيل خريطة المشهد السياسي التونسي بمجمله، ويحدد الطرف الذي سيكون له الغلبة خلال الأيام السابقة على الانتخابات الرئاسية المقرر لها نهاية العام المقبل.
#هشام_الفوراتي_وزيرا_للداخلية
— الرڨبة جميلة جداااا وفراڨها مرار ما يتعدى (@rogba_tataouine) July 24, 2018
الفوراتي شغل خطة رئيس ديوان وزير الداخلية منذ شهر فيفري 2015 وتم تعيينه سنة 2011 واليا على ولاية المنستير.
كما شغل هشام الفوراتي سنة 2008 منصب كاتب عام بولاية زغوان ومستشار المصالح… https://t.co/9GAKHWmYVI
موافقة البرلمان على تعيين الفوراتي وزيرا للداخلية، يزيد نفوذ رئيس الحكومة يوسف الشاهد ويعزز فرصه في الانتخابات الرئاسية التي أبدى رغبته في الترشح لها، ولكنه في المقابل يعزز فرص حركة النهضة الإسلامية أيضا، ويزيد من احتمالات انحصار المنافسة على رئاسة تونس، بين الشاهد ومرشح النهضة في الانتخابات المقبلة.
وعلى الجانب الأخر؛ رفض البرلمان تعيين الفوراتي وزيرا للداخلية يعد بمثابة سحب للثقة من حكومة الشاهد، وانتصارا لجبهة نداء تونس التي يتزعمها في الوقت الحالي الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، ونجله حافظ السبسي الأمين العام لحزب نداء تونس.
ووفقا لتلك المعطيات ينظر التونسيون، للفوراتي ليس بوصفه وزيرا تكنوقراط، ملما بالملف الأمني فقط، وإنما بوصفه عنوانا للأزمة السياسية المستمرة في تونس منذ عدة أشهر بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد وبين الأمين العام لحزب نداء تونس، حافظ السبسي.