القاهرة —سبوتنيك. ومع تكرار تهديد الملاحة في المضيق بسبب الحرب الدائرة في اليمن منذ نحو أربع سنوات بين القوات الحكومية المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية وبين جماعة أنصار الله "الحوثيين"، وقرار السعودية بوقف مرور شحنات البترول عبر المضيق، قبل أن تقرر استئنافها مرة أخرى، أصبح احتمال تضرر قناة السويس جراء تهدد الملاحة في باب المندب أمرا واردا، ويطرح على مصر خيارات مختلفة لتأمين قناة السويس.
وأردف قدورة قائلا "لكن يجب تصنيف التأثيرات لأنها غير متساوية، فالتأثير الأول هو ارتفاع المخاطرة نتيجة مرور القطع البحرية في المضيق، وهو تأثير مزدوج، لأنه من ناحية يرفع تكلفة اتخاذ السفن مسار المرور في قناة السويس، لأن شركات التأمين ترفع قيمة التأمين على السفن وحمولاتها، وبالتالي ترتفع قيمة اتخاذ مسار مرور قناة السويس، وهو ما يخفض تنافسية القناة، ويدفع السفن لاتخاذ مسارات بديلة، والجانب الثاني من التأثير، هو أن ارتفع المخاطر في باب المندب يؤدي إلى ارتفاع أسعار البترول، وتنافسية قناة السويس ترتفع بارتفاع أسعار البترول، ما يعني إقبال حاملات البترول على القناة، لذا فالتأثير مزدوج عندما يقف الأمر عن التوتر أو ارتفاع المخاطرة".
وتابع موضحا أن المستوى الثاني من التهديد هو توقف الملاحة تماما في مضيق باب المندب، وهو ما يعني بطبيعة الحال توقف المرور تقريبا في قناة السويس، ولكن هنا ستتجاوز الأزمة المصالح المصرية لتصبح تهديد لحركة التجارة العالمية، حيث تمر 8 بالمئة من إجمالي التجارة العالمية من مضيق باب المندب، وهو ما سيدفع كل الدول المضارة للتحرك لتأمين المضيق، ومنها مصر بالطبع".
وأضاف قدورة "لا شك أن الوصول لمرحلة توقف الملاحة بالكامل عبر المضيق أمر صعب للغاية، فقبل الوصول لتلك المرحلة سيسبقها بالتأكيد تحركات للدول المضارة وللمجتمع الدولي على غرار التحرك ضد القرصنة قبالة السواحل الصومالية قبل أكثر من عشر سنوات".
ومن جهته يؤكد أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس المصري للعلاقات الخارجية أيمن سلامة، لوكالة "سبوتنيك"، أن مصر أمامها خطوات قانونية يمكن أن تلجأ إليها إذا ما تضررت مصالحها، موضحا أن "مضيق باب المندب ممر ملاحي دولي، وتهديد الملاحة فيه جريمة دولية بموجب القانون الدولي".
:ويضيف سلامة
"قناة السويس بوصفها ممر عالمي للملاحة ترتبط ارتباطا وثيقا بمضيق باب المندب، ومن شأن أي تهديد للمضيق أن يؤثر على بشكل مباشر وفوري على الملاحة في القناة، وهو ما يلحق ضررا بمصر ويحق لها التحرك لإزالة التهديد".
وأوضح سلامة أن "خيارات مصر في التحرك لحماية مصالحها متعددة، وأولها إخطار مجلس الأمن بضرورة عقد جلسة عاجلة للنظر في الأمر، وأن تؤكد في الإخطار على ضرورة اضطلاع المجلس ولجنة العقوبات به بتنفيذ القرار 2216 الصادر في [أيار]مايو 2015 والخاص بحظر تصدير الأسلحة والذخائر والمركبات لميليشيات الحوثي وقوات علي عبد الله الصالح، فضلا عن مصادرة المهربات الممنوعة للميليشيات".
وأردف "يتراوح التوتر في مضيق باب المندب بين تهديد محتمل وتهديد واقع، الأمر الذي يجعل مصر حريصة على إعداد سيناريوهات مسبقة للتعامل السريع مع أي احتمال".
كما أكد وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري يحيى كدواني، لوكالة "سبوتنيك"، أن أي تحرك مصري "ستكون له حسابات ولن يكون مرتجلا فمضيق باب المندب شريان ملاحي هام لقناة السويس وللتجارة العالمية، وأي تهديد له سيكون محل اهتمام العالم، وإذا أقدم الحوثيون على تهديد الملاحة بالمضيق سيقف العالم لتأمينه".
وأضاف كدواني "مصر بكل مؤسساتها مهتمة بالملاحة في مضيق باب المندب لأن دخل قناة السويس من أهم موارد مصر الاقتصادية. ولكن مصر داعية سلام، وحريصة على عدم التدخل في شؤون اليمن، وإذا تهددت الملاحة في المضيق فهناك عدة سيناريوهات آخرها بالطبع التدخل العسكري، والذي سيكون مهمة أطراف عدة وليس طرف واحد، كما أن أي تدخل سيكون لتأمين الملاحة في المضيق وليس بهدف التدخل في الشأن اليمني، التدخل حل أخير وغير مرحب به".