لكن السؤال الذي يطرح نفسه، ما الذي أوصل الرئيس الأمريكي، إلى هذا الوضع السيء، بمتابعة الأخبار ستجد أن النقطة المحورية، التي تسببت في انهدام المعبد فوق رأس ترامب، هو محامييه، روي كوهين، ومايكل كوهين، رغم أنه يفصل بينهما عقود، إلا أنهما يجتمعان في الاسم وفي "الفخ" الذي تسبب في مشاكل كبيرة لترامب أيضا.
بداية تاريخ ترامب في عالم الأعمال، وهو يعتمد على ما وصفته الصحافة الأمريكية، بـ"محامي الشيطان"، روي كوهين، المعروف بأنه محامي عائلات المافيا الشهير.
وبدأت القصة تتكشف في سبتمبر/ أيلول 2017، عندما نشرت الشرطة الأسترالية وثائق عن تحقيقات حول مشروع كان ينوي ترامب تأسيسه قبل 30 عاما، كشفت عن وجود صلات تربطه ببعض مجموعات "المافيا"، بحسب صحيفة "ذا أستراليان" الأسترالية.
وأشارت إلى أن التحقيقات ترجع إلى 3 أبريل/ نيسان 1987، ولكن تم رفع السرية عنها بعد مرور 30 عاما، وفق قانون تداول المعلومات الأسترالي، وتوصلت التحقيقات إلى أن ترامب اقتنع في النهاية بالتخلي عن مشاريع الكازينوهات المشبوهة في سيدني.
سبق ونشرت مجلة "فايس" الأمريكية، تقريرا خطيرا حول ما وصفته بعلاقة ترامب المشبوهة بعصابات المافيا في نيويورك، التي كانت في ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن يصنع الرئيس الأمريكي أمواله ويصبح مليارديرا كبيرا.
وقالت المجلة الأمريكية إنه منذ أواخر عام 1976 وحتى عام 1983 كشفت تقارير وتحقيقات فيدرالية أمريكية أن ترامب كان على علاقة وثيقة بعصابات المافيا في أتلانتيك، ثم ارتبط بعلاقات أخرى مع عائلات المافيا الكبيرة في نيويورك.
وبحثت "فايس" في أرشيف مكتب التحقيقات الفيدرالي، لتعثر على مجموعة من المستندات الخطيرة تعود لعام 1981، ووصفت تلك التحقيقات ترامب بـ"الشاب الغوغائي الهمجي"، بأنه له علاقات مريبة مع عصابات المافيا في أتلانتيك.
وأشارت التحقيقات إلى أنه انتقل مع بعض منهم للعمل مع عائلات المافيا الكبيرة في نيويورك.
وقال مسؤول التحقيقات الفيدرالية إن ذلك الشاب ذو الـ35 عاما، بات نجما صاعدا في سماء الأعمال في نيويورك، بسبب الكازينو الخاص به، ولكن يبدو أن ترامب ليس إلا ستارا لعدد من عناصر الجريمة المنظمة المعروفة في أتلانتيك سيتي وفي نيويورك.
المعلم الأكبر
وأشار التحقيق الاستقصائي، الذي نشرته المجلة إلى أن ترامب يعترف بأنه يعتبر المحامي روي كوهين معلمه الأول بالنسبة للقضايا السياسية والاقتصادية وإدارة الأعمال.
ولكن اعترافه هذا يضع ترامب نفسه في موضع الاتهام، بحسب "فايس"، لأن كوهين هذا ليس إلا المحامي الخاص بعائلات المافيا الشهيرة في نيويورك، والمعروفة باسم "جنوة" و"جامبينو".
كما أن عملاء روي كوهين معظمهم كانوا يرتبطون بصورة كبيرة بالجريمة المنظمة أو العمليات المشبوهة، ووفقا لكتاب، واين باريت، صحفي التحقيقات الاستقصائية الأمريكي الشهير، الذي نشره عام 1992، تحت اسم "ترامب: الصفقات والسقوط".
قال الكاتب، إن الرئيس الأمريكي كان يتردد على مكتب كوهين بنحو 15 أو 20 مرة يوميا، ما يجعله على اطلاع بكافة أعماله، وربما كان ينسقها ويشترك معه فيها، حتى تلك الأعمال المشبوهة التي كان كوهين متورطا فيها.
كما أن صحيفة "نيويورك ديلي نيوز" الأمريكية نشرت في بداية التسعينيات تحقيقا حول تورط ترامب مع عصابات المافيا في هدم منازل محيطة بمقر شركته، حتى يتمكن من شرائها من أصحابها بثمن بخس، ليؤسس البرج العملاق الموجودة بها إمبراطوريته في قلب نيويورك، تحت اسم "ترامب تاور".
كما أنه استعان بعائلة المافيا الشهيرة "جنوة"، لإجبار العمال على عدم تقديم شكاوى ضد ترامب، وخاصة أولئك المهاجرون الذين كان يستقدمهم من بولندا ويمنحهم أجر زهيد ويجعلهم ينامون في مقر العمل، ولا يمنحهم أي حقوق من تأمينات أو معاشات.
سر الورقة
انتهت علاقة ترامب مع روي كوهين في 1987، بعد وفاة الأخيرة، لتبدأ علاقة جديدة مع مايكل كوهين في 2010، والتي وصفت بأنها فترة "دفن الفضائح" بالنسبة لترامب، والتي كان يسعى فيها لإخفاء الكثير من الفضائح، خاصة الجنسية، قبل دخوله معترك الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وفقا لما نشرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
ولكن العلاقة بين ترامب وكوهين الأصغر، 51 عاما، لم تكن متوترة منذ البداية، حيث وضع الرئيس الأمريكي ثقته في المحامي الداهية، القادر على إنهاء أي مشكلة تواجه ترامب بـ"طرقه الخاصة"، وفقا للمجلة الأمريكية.
لكن بعد دخول البيت الأبيض، واكتشاف ترامب تلاعب كوهين به، وتسجيله مكالمته التي تجمعه معه، بدأ الرئيس الأمريكي يشعر أنه وقع في "الفخ".
حتى أن مروزا نيومان ذكرت في كتابها "جنون: حكايات من داخل البيت الأبيض"، أنه عندما التقى ترامب محاميه مايكل كوهين، وضع ورقة في فمه ومضغها وابتلعها، لعدم ثقته في محاميه ولا طاقم البيت الأبيض نفسه.
وأوضحت نيومان أن ترامب يرتعب من الجراثيم، ولهذا شعرت بالصدمة لأنه مضغ الورقة وابتلعها، ما يؤكد أنها كانت تحتوي على معلومات حساسة للغاية.
خطر العزل
ويواجه حاليا ترامب خطر العزل، خاصة بعدما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، حول منح الحصانة القضائية لآلن وايسلبرغ، المدير المالي لمؤسسة ترامب، لتقديمه معلومات حول مايكل كوهين، المحامي السابق لدونالد ترامب، في تحقيق بشأن مبالغ دفعت لشراء سكوت امرأتين، كانت نجمتا بورنو في الحملة الانتخابية عام 2016.
وقام وايسلبرغ بترتيب دفعة من مؤسسة ترامب إلى كوهين الذي دفع 130 ألف دولار لنجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز في أكتتوبر/ تشرين الأول مقابل سكوتها، بشأن علاقة غرامية مفترضة لليلة واحدة في 2006.
وأوردت شبكة "إن بي سي نيوز" الإخباريةتفاصيل مماثلة مما سيزيد الضغط على الرئيس، منذ اتهام كوهين تحت القسم هذا الأسبوع ترامب بالقيام بدفعات غير قانونية قبل الانتخابات.
ومنح المدعون الفدراليون أيضا حصانة لاثنين من المدراء التنفيذيين لدى صحيفة ناشونال انكوايرر، مقابل شهادتهما بشأن تورط ترامب في الدفعتين، بحسب وسائل إعلام أميركية الخميس.
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) August 23, 2018
وتلقى ترامب ضربتين ، عندما أقر كوهين بذنبه في ارتكاب انتهاكات تتعلق بتمويل الحملة الانتخابية الرئاسية 2016، وكذلك لدى إدانة رئيس حملته السابق بول مانافورت بالاحتيال الضريبي والمصرفي.
الحصار الذي بات يخنق ترامب، جعله يخرج عن صمته، ويتحدث للمرة الأولى عن خطورة عزله في حوار شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، إن الاقتصاد الأمريكي "سينهار" في حال تم عزله، وسط الفوضى القضائية التي تحيط به، مما دفع الخبراء إلى الاعتقاد أنه قد بات مهددا.
وتابع " أقول لكم إنه في حال تم عزلي، أعتقد أن الأسواق ستنهار، أعتقد أن الجميع سيصبحون فقراء جدا".
ثم استفاض الرئيس الأمريكي في تصريحات حول خلق وظائف، وغير ذلك من التقدم الاقتصادي، الذي قال إنه تحقق خلال رئاسته مشددا على أنه لو فازت هيلاري كلينتون في انتخابات 2016 لكان الأمريكان في حال أسوأ بكثير.
وتابع ترامب "لا أعرف كيف يمكن عزل شخص قام بعمل رائع".
ودفع ذلك، عمدة نيويورك السابق، ومحامي ترامب الحالي، رودولف جولياني، للخروج، والتحذير أيضا من "ثورة في الولايات المتحدة، حال عزل ترامب.
وأكد جولياني على إمكانية الإطاحة بالرئيس الأمريكي، من منصبه لأسباب سياسية فقط، وفي هذه الحال، فإن "الشعب الأمريكي سيتمرد".