وأوضح ناصر لـ"سبوتنيك" أنه لا يعتقد بأن الجزائر يمكن أن تستفيد من هذا الارتفاع، في الوقت الحالي، لأن حجم العجز في الموازنة السنوية للبلاد كبير.
عجز الموازنة
ومن المقرر أن يصل إلى 2000 مليار دينار جزائري، في موازنة العام المقبل (2019)، ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن لجوء السلطات إلى إجبار البنك المركزي على اتباع سياسة نقدية، غير تقليدية، ممثلة في التيسير الكمي (طبع النقود من دون تغطية)، يجعل الدين الداخلي يتفاقم، حيث فاقت الكمية المطبوعة من النقود، حتى الآن، ما يزيد عن 30 مليار دولار.
وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن المؤشرات الحالية تشير إلى استمرار التحسن في أسعار النفط خلال الأشهر القادمة، ورغم أن تلك الزيادة من المفترض أن تنعش خزانة الدولة الجزائرية، وتسهم في تقليل عجز الموازنة، إلا أن التجارب السابقة للحكومة الجزائرية في التعامل مع ارتفاعات أسعار النفط السابقة، لا تدعم هذه الفرضية، مفسرا بأن الجزائر لم تستفد من الارتفاعات السابقة لأسعار النفط، بسبب اعتماد اقتصادها كليا على تصدير النفط، وعدم لجوئها إلى تنويع الاقتصاد، خاصة بعد أن لجأت إلى مصدر آخر للأموال، وهو طبع النقود، وهو ما تعرفه الصحافة الجزائرية بـ"بالتمويل غير التقليدي".
ارتفاع الأسعار
وعن آلية استفادة الجزائر من الارتفاعات السابقة في أسعار النفط، قال ناصر إن النفط (مع الغاز) يشكل أكثر من 96 % من صادرات الجزائر، ومن ثم مصادرها من العملة الصعبة، وكانت أسعار النفط قد شهدت طفرة في الأسعار، في عامي 2011 و 2012، حيث بلغ سعر برميل النفط خلال هذه الفترة 147 دولار، وهو ما ارتفع على إثره احتياطي الجزائر من النقد الأجنبي، خلال تلك الفترة إلى 194 مليار دولار، في نهاية سنة 2013، غير أنه في منتصف يونيو/حزيران 2014، انهارت أسعار النفط، ووصلت إلى أدنى سعر، وهو 28 دولارا للبرميل خلال عام 2016، ليعود إلى بعض التحسن، خلال السنوات الأخيرة.
كتابة دولة
وعدد المحلل الاقتصادي الجزائري، 4 أسباب لعدم قدرة الجزائر على الاستفادة من الزيادة السابقة في أسعار النفط؛ أولها عدم وجود جهاز للاستشراف لدى الدولة، والذي يساعد على التنبؤ بالأزمات، وبالتالي التخطيط المستقبلي لمواجهتها، إذ لم يكن هناك أي استشراف بحدوث أزمة انهيار أسعار النفط، مما أدخل البلاد في أزمة مالية بعد انهيار تلك الأسعار، وللأسف كانت قد استحدثت "كتابة دولة" (وزارة) للاستشراف خلال السنوات الماضية، ولكنها ألغيت بعد أشهر قليلة.
وحدد ناصر السبب الثاني، في عدم الاستجابة لآراء الخبراء، وتحذيراتهم للمسؤولين خلال الحكومات المتعاقبة من مغبة الاعتماد الكبير على النفط والمحروقات عموما، وعدم الإسراع في برامج تنويع الاقتصاد خلال الأريحية المالية للبلاد.
وأكد الخبير الاقتصادي على أن أبرز الأسباب هي عدم الاستغلال العقلاني للموارد المالية الكبيرة، التي توفرت للجزائر خلال مرحلة ارتفاع أسعار النفط، فكانت تستعمل في تقديم قروض ميسرة للشباب لإقامة مشاريع غير مدروسة بطريقة علمية، أو في رفع الأجور بعد كل احتجاج شعبي، وهو ما سمى وقتها بـ"شراء السلم الاجتماعي"، لمواجهة تمدد ما يعرف بـ"ثورات الربيع العربي".
رفض ضغوط ترامب
وكان أعضاء منظمة الدولة المصدرة للبترول "أوبك"، قد رفضوا في اجتماعهم الأخير، في منتصف شهر سبتمبر/أيلول الجاري، بالجزائر، زيادة إنتاجهم من النفط، رافضين الاستجابة لضغوط الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ما أثر إيجابيا على أسعار النفط، التي أخذت في التصاعد، فقفز خام برنت إلى 81 دولار للمرة الأولى، منذ 4 سنوات، بل وتوقع الخبراء بأن يصل إلى 100 دولارا، مع بداية العام المقبل (2019).