سبوتنيك. في تلول الصفا ببادية السويداء الشرقية، تدخل عظام البشر والحيوانات في تركيب الصخور البازلتية كـ"المستحاثات"، هنا عاش قوم لوط، وهنا حولهم الله إلى حجارة، بحسب بعض الروايات التاريحية وبحسب ما يعتقد الكثير من أهالي الجنوب السوري، وخاصة أن عهد قوم لوط يعود إلى العصر البرونزي الذي كانت تزدهر فيه ممالك منطقة "الصفا".
ولكن الاعتقاد الأكثر سوادا هو أن براكين الصفا التي غضبت فجأة لم تنذر سكان الممالك المزدهرة آنذاك، بل داهمتهم بقوة وطمست كل معالم الحياة وخلطت عظام الكائنات بالحمم البركانية، فهذه البقعة في الجنوب السوري ما هي إلا طبقة من البازلت المنصهر والعظام المختلطة بها والمشوية لدرجة التبلور، دفنت ضمنها كتلة عظمية هائلة متكلسة ومحروقة، عائدة لعشرات الآلاف من الكائنات.
في تلول الصفا يلاحق الجيش السوري فلول إرهابيي "داعش"، منذ نهاية شهر يوليو/ تموز الماضي، ومع تقدم الوحدات المهاجمة في عمق التلول مقتربة من البراكين الرئيسة، بدأت المعركة تزداد صعوبة وقساوة، وبعدما كان تقدم القوات يقاس بالكيلومترات أصبح يقاس بمئات الأمتار، وأحيانا بعشرات الأمتار، مع ازدياد الجروف الصخرية تعقيدا وقساوة.
في هذه المنطقة حيث يتحصن مقاتلو تنظيم "داعش" الإرهابي (المحظور في روسيا) في مئات الكهوف والمغاور الطبيعية المنيعة، تعجز الدبابات والآليات عن التقدم أكثر، ولا يعود من سلاح فعال سوى العضل البشري.
يبلغ ارتفاع المنطقة 979 متراً عن مستوى سطح البحر، تضمُّ تلول الصفا عدة براكين كانت نشطة خلال عصر الهولوسين، بادئةً نشاطها قبل نحو 12 ألف سنة، وقد كان أحدث نشاط بركانيٍّ مُسجَّل فيها عبارةً عن بركة حمم تغلي شوهدت في سنة 1850.
وبحسب الديانات السماوية "فإن النبي لوط الذي عاش في عهد النبي إبراهيم بمدينتي "سدوم" و"عمورة" كان يدعو قومه للكف عن الممارسات الشاذة إلا أنهم أمعنوا في الفسق والشذوذ حتى أباد الله المدينتين عن بكرة أبيهما وهو ما يسمى تاريخيا بخراب سدوم وعمورة اللتين لم يستطيع العلم الجزم نهائيا بمكانهما الجغرافي حتى الآن.