قائل هذه الكلمات، هو الأب بطرس دانيال، رئيس المركز الكاثوليكي للسينما، وأحد هواة الموسيقى والفنون بشكل عام، والذي اتخذ من تسامح المسيحية بابا يفضي إلى الحب والذوق، فكان الفن هو طريقه ومسلكه، معتبرا أن الفنون هي المقياس الحقيقية للحضارة والتقدم.
في طفولته، برز اهتمامه بالرسم والموسيقى، بجانب القراءة والاطلاع، وفي المرحلة الإعدادية، اكتشف في نفسه الموهبة، فأصبح أحد العازفين في مدرسته، حيث بدأ العزف بـ"الإكسيليفون"، قبل أن يتمرس أكثر في الأمر ويتجه إلى عزف في الكنيسة، التي تعلم فيها العزف على البيانو، وكانت الموسيقى داخل الكنيسة هي أول طريقه إلى الرهبنة.
يقول عن نفسه: "بدأت حياتي الرهبانية في سن مبكر، وانتميت إلى الرهبنة الفرنسيسكانية، حيث انتقلت من منزل أسرتي إلى الدير في سن الحادية عشر، وأثناء التحاقي بالدير كنت أواصل دراستي بالخارج، وفي سنة الابتداء بعد أن ارتديت الثوب كان أبونا الخاص بنا يحب جدا الموسيقى ويدرسها، فقال لي: لابد أن أدرس دراسة مستفيضة في النوتة، وبالفعل علمتنى دكتورة موسيقى مجرية".
يضيف: "من وقتها وأنا أرى أنني أصنع بالموسيقى "رسالة سلام".. ومنذ عام 1990 أعزف بيانو وقائد في كورال كنيسة سان جوزيف بوسط القاهرة، وقمت بتأليف مؤلفات موسيقية وعزفنا مع كورال الكنيسة في العديد من دول أوروبا".
في عام 1994 حصل الأب بطرس دانيال على بكالوريوس العلوم اللاهوتية والفلسفية، ثم تم ترشيحه لبعثة في إيطاليا لدراسة الموسيقى، ولكن قبل السفر بشهرين أخبرونى أن الدراسة ستكون في مجال الإعلام بدلا من الموسيقى، ورغم الصدمة سافر وحصل على درجة الماجستير عام 1998. يقول "كانت إرادة الله الحقيقة للصالح، فاستطعت أن أجمع بعد ذلك بالمركز الكاثوليكي بين الإعلام والموسيقى والسينما".
وبالرغم من أن كثيرين من الرهبان الفرنسيسكان يحبون الموسيقى، وبعضهم يعزفون، يرى الأب بطرس دانيال أنه على الكنيسة أن تشجع الفنون الهادفة، لأن الانفتاح يجعلنا نخدم مع المجتمع ككل ونوصل رسالتنا إلى الملايين، وهذا ما فعله السيد المسيح بعد أن قضى 30 عاما في اختلاء، بدأ ينشر رسالته علانية من خلال الأمثال، والأمثال بمثابة فيلم يحكى من خلاله قصة، واتهموه أنه يجلس مع العشارين والخطاة.
يرأس الأب بطرس دانيال، المركز الكاثوليكي للسينما، الذي يعود تاريخ إنشائه إلى العام 1949، بتشجيع من المؤرخ السينمائي فريد الميزاوي للراهب بطرس فرانسيس، ليكون أول مركز يقدر العمل الفني، وفى نفس الوقت يقدم خدمات اجتماعية، حيث تم افتتاح مكتب أسفل الكنيسة، نظمت فيه ورش عمل فنية، وأنشأوا فيه أقدم أرشيف بالشرق الأوسط للسينما، بكل ما كتب عنها وعن الفنانين.
يوضح الأب بطرس دانيال: "لأن المركز ينتمي إلى هيئة دينية فله خصوصيات في تشجيع السينما والفن على معايير معينة، وهي معايير هادفة للمجتمع، فأي فيلم يهدف لخير المجتمع فلا حرج عليه، طالما لا يجرح أحدا، أو يتعرض للدين والسياسة والجنس، وهو ما يحرص عليه المهرجان الذي ينظمه المركز كل عام، حيث تجري المسابقة على الأفلام التي تدعو للقيم الإنسانية، وهو ما يجذب المتنافسين في المهرجان".