المحور الأول: ماهي الأسباب المباشرة وغير المباشرة لفشل اتفاق إدلب، وهل بقي فعلياً أي أمل لتلافي الفشل بشكل نهائي؟
المحور الثاني: تداخلات الأحداث وظهور ملف الجولان السوري المحتل إلى الواجهة وأبعاد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بهذا الشأن، كونها نقطة تحول هامة جداً في هذا التوقيت؟
المحور الثالث: بناء على هذه المتغيرات تلوح في الأفق ملامح خطط أو مشاريع جديدة في المنطقة، ماهي هذه المشاريع، و ما مدى خطورتها انطلاقاً مما يجري في المحيط الجيوسياسي لسوريا؟
في المحور الأول وحول الأسباب المباشرة وغير المباشرة لفشل اتفاق إدلب، وهل بقي فعلياً أي أمل لتلافي الفشل بشكل نهائي يقول الباحث في القضايا الجيوسياسية والاستراتيجية
اتفاق إدلب حول المنطقة منزوعة السلاح والمؤقتة قد تعطل، وهو في طريقه إلى الفشل التام، وعندما نتحدث عن تعطيل فهو يختلف عن الفشل، والخلاف ليس بسيطاً بين الحالتين، فالتعطيل أتى نتيجة إرادة الطرف التركي الذي أوعز إلى مجموعاته المسلحة بالخرق والتعطيل والإستعداد لمعركة (ضمن منزوعة السلاح)، بانتظار القادم من المتغيرات، بينما الفشل هو نسف نهائي سواء بإرادة تركية أو تمرد الفصائل على مشغلها التركي.
المتغير الأول: مرتبط باستئناف العلاقات الاستراتيجية الأمريكية التركية على خلفية ثلاث قضايا، وهي إطلاق سراح القس برانسون، والدوريات المشتركة بين الاحتلالين التركي والأمريكي في منبج، والقضية الثالثة، هي تطورات قضية خاشقجي، التي باتت تبعاتها وكيفية صرفها سياسياً محدداً أساسياً للعلاقة بين تركيا والولايات المتحدة.
المتغير الثاني: مرتبط بتطورات العلاقة التركية "الإسرائيلية"، بعد دخول تركيا على خط ملف غزة بواجهة قطرية وبلوغ التسوية القطرية "الإسرائيلية" مراحل متقدمة وهي بخلفية تركية طبعاً، إضافة إلى تطورات أنبوب شرق المتوسط للغاز والذي تدور عليه مفاوضات تركية إسرائيلية، والنقطة الأهم هو إطلاق العدو الصهيوني لمشروع سكك الحديد مع الخليج وهو ما يشكل خطراً على أهمية الموقع الجيوسياسي التركي لذلك من المتوقع أن تبلغ المفاوضات التركية الإسرائيلية مراحل متقدمة، وبالمناسبة الجهد الأمريكي ينصب على إعادة العلاقات التركية الإسرائيلية إلى سابق عهدها بإعتبار الطرفين في الناتو (إسرائيل حليف للناتو خارج أوربا) من خارج أوربا، وهي مهمة فريق ترامب الجديد في المنطقة الذي اطلق "السياسة الأميركية الجديدة في سوريا".
المتغير الثالث: تجاذبات العلاقة التركية الروسية، بعد تشكيل تركيا لمجلس التعاون الإستراتيجي مع أوكرانيا في إستفزاز واضح لروسيا بقضية القرم، وبدا واضحاً في القمة الثلاثية في طهران (7/9/2018) والرباعية في إسطنبول (27/10/2018) اختلافا في الرؤى حول العديد من القضايا بين تركيا وروسيا لتأتي بعدها استئناف العلاقات التركية الأميركية بعد قضية خاشقجي… لتثير الكثير من الأسئلة.
ونظرا لصعوبة التوصل إلى نتيجة حاسمة في المتغيرات الرئيسية الثلاثة فعلى ما يبدو أن تركيا اعتمدت أسلوب تجزئة الملف حول إدلب، أي تعطيل الجزء المتعلق بالمنطقة "منزوعة السلاح" والعمل على إستتباب منطقة تخفيف التصعيد في إدلب.
الإحتمال الأول: نجاح استئناف العلاقة الاستراتيجية التركية الأمريكية، وفي حال حصل هذا ستنقض تركيا تعهداتها حول إدلب والولايات المتحدة سترفع نبرة الإتهام الكيميائي ضد سوريا (ومسرحيات الكيميائي ستكون حاضرة) لإعاقة أي هجوم سوري على إدلب، وهذا الأمر سيكون مرتبطا أيضا بعودة العلاقات التركية الإسرائيلية.
الإحتمال الثاني: فشل العلاقة التركية الأمريكية، وإن حصل هذا ستلتزم تركيا باتفاق سوتشي، ولكن ستفاوض روسيا على ثمن إلتزامها في أكثر من ملف وقضية مطروحة.
وما يبنى عليه كنتيجة أن تركيا قد تنقض كل تعهداتها مع موسكو، على قاعدة المعادلة التالية (لا تحالف كامل ولا عداء كامل) لواشنطن وموسكو في آن واحد، فلتركيا مشروعها الخاص.
في المحور الثاني وبخصوص تداخلات الأحداث وظهور ملف الجولان السوري المحتل إلى الواجهة وأبعاد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بهذا الشأن، يقول الدكتور صالح
هنالك محاولات إسرائيلية أمريكية لضم الجولان السوري المحتل للكيان الغاصب، تجلت أخيراً في محاولة إقرار قانون بالكونغرس الأمريكي للدفع بالولايات المتحدة للاعتراف بضم الجولان السوري المحتل لإسرائيل، على شاكلة القرار الأمريكي حول القدس، ومن جهة أخرى فالعدو حاول إيجاد "شرعية شعبية" في الجولان السوري المحتل عبر إنتخابات محلية، ولكن أهلنا الصامدون في الجولان المحتل قد أفشلوها وأسقطوها.
لذلك أهمية القرار الخاص بالجمعية العامة يوضع في عدة نقاط:
أولاً: في استكمال للقرار الدولي (497) الخاص بالجولان المحتل.
ثانياً: اعتراف أممي ببطلان كل الإجراءات "الإسرائيلية" والأمريكية واستباق لها.
ثالثاً: اعتراف بنضال أهلنا في الجولان السوري ومقاومتهم المشروعة لإجراءات التهويد والضم.
وهذا الأمر فيه رسالة إلى المحتل الإسرائيليّ كما الأميركي ّكما التركي بأنّ سورية لن تتنازل عن شبر واحد من الأراضي السورية وأنها ستستعيد كل أراضيها المحتلة بالقوة أو بالسياسة، لذلك على الجميع أن يدرك أنّ التسوية السورية لن تكتمل إلاّ بتحرير كامل أراضي الجمهورية العربية السورية.
أما في المحور الثالث وحول المشاريع الجديدة في المنطقة بناء على مجريات الأحداث الحالية ومتغيراتها فقيول الدكتور صالح
إضافة للمشاريع الأمريكية والتركية وحتى الروسية للمنطقة، ظهر إلى العلن مشاريع جديدة خطيرة تذكرنا بحقبة المشاريع الأطلسية في منتصف الخمسينات من القرن الماضي وهذه المشاريع هي:
مشروع سكك الحديد الإسرائيلي — الخليجي.
مشروع "الناتو العربي" أو تحالف الشرق الأوسط الجديد.
مشروع البحر الأحمر الجديد.
هذه المشاريع الهدف منها إعادة بناء النظام الإقليمي في الشرق الأوسط التاريخي، وخصوصا مشروع سكك الحديد الذي يعتبر إحياءاً لمشروع (بيريز مارشال) الذي طرحه في العام 1993 لإنتاج شرق أوسط كبير بقيادة "إسرائيلية"، والواضح تماما أن الكيان الصهيوني والخليج العربي تجاوزا مراحل متقدمة من التطبيع والبناء في هذه الرؤية الصهيونية متمثلة بالربط السككي ومشروع "نيوم" السعودي.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم