حددت أميرة مصطفى (30 سنة) مميزات الولادة القيصرية، وأسباب اللجوء إليها عند ولادة أطفالها الثلاثة، موضحة لـ"سبوتنيك": "أشرف بنفسي على كل إجراءات استقبال طفلي، فأستطيع أن أختار يوم ميلاده، وموعد ولادتي، وأتابعه منذ لحظة خروجه من بطني دون أن أشعر بأي ألم".
وأضافت "أن الطبيب الذي تابعت معه مراحل الحمل لأطفالها الثلاثة لم يخيرها بين الولادة الطبيعية والقيصرية، وإنما منذ اليوم الأول للحمل القرار كان قراره الولادة القيصرية، لتجنب الشعور بألم الولادة الطبيعية، وعدم تعريض مولودها للخطر".
"تكلفتها قد تكون مرتفعة كثيرا عن الولادة الطبيعية، لكن بالنسبة لي هي الأكثر أمانا لي وللمولود" هكذا اختصرت أميرة مميزات وعيوب الولادة القيصرية، موضحة أنها دفعت في ولادتها الأخيرة ما يقرب من 17 ألف جنيه مصري" ألف دولار أمريكي" في حين أنها كانت ستدفع أقل من ربع هذا الثمن إذا اختارت الولادة الطبيعية، ولكنها اختارت القيصرية حتى لا تتعرض هي ومولودها لأي خطر.
وبحسب مسح صحي صادر عن وزارة الصحة والسكان المصرية، ينفق المصريون نحو 14 مليارا و525 مليون جنيه على الولادات القيصرية سنويا، مقابل 3 مليارات و675 مليون جنيه، في الولادات الطبيعية.
لماذا تحذر منظمة الصحة العالمية من الولادة القيصرية.
قالت منظمة الصحة العالمية إن نسب الوفيات الناتجة عن "وباء القيصرية" تتعدى ربعة إلى عشرة أضعافه لدى النساء اللواتي وضعن ولادة طبيعية على مستوى العالم، سواء للطفل أو الأم، وحذرت المنظمة من اللجوء إلى الولادة القيصرية دون مبرر طبي، لتسببها في ارتفاع إمكانية إصابة النساء بعدها بالنزيف أو العدوى، ومضاعفات التخدير، واكتئاب بعد الوضع، وفضلا عن زيادة احتمالات العقم، ومن جانبه، قال استشاري النساء والتوليد بجامعة الأزهر، الدكتور محمد فرحات، إنه لا خلاف على مخاطر الولادة القيصرية، وضرورة اللجوء إليها عند وجود ضرورة طبية، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن إغفال عوامل أخرى تجعل منها ضرورة قهرية أيضا، موضحا لـ"سبوتنيك" أن غالبية النساء يفضلن الولادة القيصرية عن الطبيعية، بسبب طول مدة الولادة الطبيعية والألم المصاحب لها، لافتا إلى أن الولادة الطبيعية الواحدة قد تستغرق من 10 إلى 16 ساعة وهو الوقت الذي يكفي لإجراء 16 عملية ولادة قيصرية، فضلا عن أن كثير من الأطباء يلجأن إلى الولادة القيصرية لتجنب أي مشاكل صحية قد تحدث للأم أو للجنين خلال فترة الولادة الطبيعية، مثل انخفاض نبض الجنين، أو تعرض الأم لما يعرف بعسر الولادة، أو انفجار الرحم الذي يؤدي إلى وفاة الأم والجنين في الحال.
وكشف فرحات أن الأطباء مسؤولين بنسبة كبيرة عن زيادة معدلات الولادات القيصرية، حيث يقوم الغالبية بإجراء الولادة القيصرية دون مبرر طبي اختصارا للوقت، إضافة إلى كونها مربحة ماديا حيث تفوق تكلفتها أضعاف تكلفة الولادة الطبيعية، بالنسبة للطبيب وللمستشفى.
وبخلاف مصر المصنفة الثالثة عالميا في انتشار وباء "القيصرية" بها، سجلت كثير من دول العالم العربي، ارتفاعا ملحوظا في نسب اللجوء للولادة القيصرية، حيث تقدّر نسبة الولادات القيصرية في الجزائر 30% من إجمالي الولادات سنويا، مقابل 26.7 ٪ في تونس، والنسبة تتزايد جدا في المغرب حيث سجل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي في المملكة تزايد معدل الولادات القيصرية في المحافظات الحضرية، مثل الرباط والدار البيضاء وفاس وأكادير والصويرة، إلى 80 و95 % منذ عام 2016 وحتى الآن.
ومن جانبها قالت الطبيبة الجزائرية، ليندة زبيب، إن الولادات القيصرية عادة ما تجرى داخل المستشفيات الخاصة، كنوع من الوجاهة الاجتماعية، مشيرة لـ"سبوتنيك" إلى أن غالبية النساء يعتبرونها الآمن، في حين أنها تتسبب في بعد الأم عن طفلها في المرحلة التالية مباشرة للولادة، بسبب الآلام الناتجة عن الجراحة، مما يحرم المولود من فوائد الرضاعة الطبيعية.
وطالبت الطبيبة الجزائرية منظمة الصحة العالمية، بشن حملات توعية لمخاطبة النساء وليس الحكومات بمخاطر الولادة القيصرية، وخصوصا على الرضاعة الطبيعية، حتى تطالب النساء من تلقاء نفسها الأطباء بالولادة الطبيعية.