وعندما رجحت كفة الميزان الميداني للدولة السورية وحلفائها خرج الأصلاء إلى المواجهة شبه المباشرة وتدخلوا بأشكال متعددة يطول شرحها ومع كل ذلك لم ينالوا من الدولة السورية على مدى ثمان سنوات، نعم لا ينكر أحد أن الفاتورة كانت باهظة وكبيرة جدا دفع ثمنها بالدرجة الأولى الشعب السوري الذي لم ينكسر.
طبعا متغيرات الواقع السوري وخاصة في ميدان القتال شواهدها كثيرة في الآونة الأخيرة ويطول توضيحها وحصرها، والأهم هنا أنه بالمجمل باتت تلوح في الأفق بوادر أفول الحرب على سورية والسؤال الأهم هنا.
متى فعليا سيحدث هذا المتغير تجاه الأحداث في سوريا وهل يعتبر حالة إنقلابية إضطرارية، كيف ولماذا؟
هل قررت الدول المعتدية على سوريا إيقاف حربها عليها، ولأي أسباب جاءت هذه الخطوات في حال صح التخمين؟
الأسباب التي جعلت الدول المشاركة في الإعتداء على سورية تنحى هذا المنحى الجديد وماهي خططها المستقبلية، وماهي رؤية الدولة السورية لما يجري حاليا؟
ماهي الإجراءات الصحيحة اللازمة لإظهار حسن النية في إيقاف الحرب على سوريا من قبل الأطراف الأخرى أو على الأقل سبل المواجهة المطروحة؟
الباحث والمفكر في الشؤون السياسية والإقتصادية والخبير في الإدارة الدكتور غالب صالح في إجابته على المتغيرات الجارية تجاه الأوضاع في سوريا وهل هي حالة إنقلابية إضرارية أم تحضير لمرحلة جديدة بأدوات جديدة، يقول:
"بحسب قراءتي لازلنا نعيش في حلقة من حلقات الصراع، ليس فيما يتعلق بسورية فقط وإنما فيما يتعلق بدول المنطقة بشكل عام، لأن الأعداء والمتأمرين عندما وصلوا إلى طريق مسدودة، وخسروا الرهان على أدواتهم التي استخدموها وأقصد هنا أن الإرهابيين في انحسار، هم وصلوا إلى قناعة بأنهم غير قادرين على إسقاط سوريا دولة وقيادة وشعبا، وبالتالي فشلوا في تقسيمها فلجأوا إلى استنزاف كل إمكانات الدولة السورية لخلق صراعات جانبية وخاصة في شمال غربي سوريا وشمال شرقي سوريا، وأعني هنا التورط الأمريكي والتورط التركي وبعض الفصائل التي تاثرت بالفكر الانفصالي.
أعني هنا بعض الأكراد بشكل خاص وبعض الفصائل المنضوبة تحت إمرة النظام التركي الحالي الذي يعبث في الأرض السورية، ونحن نعلم أنهم بعد إنحسار أو إنكسار هذا المشروع لجأوا إلى الاستنزاف لأطول فترة ممكنة بغية الحصول على بعض الأوراق للتفاوض لكي يكون لهم تأثير على القرار السوري أو السيادة السورية أو على شكل النظام السياسي السوري القادم في أي تسوية قادمة.
تظهير التفاهمات سيكون في عالم 2019، أين نحن ذاهبون؟ الصراع مستمر والأعداء لن يتخلوا عن هذه المنطقة ولن يتركوها لأبنائها ولا للدول الحليفة لهذه الشعوب، لأنهم لايريدوا أن يخسروا الإقتصاد ومصالحهم وبالتالي ينحسر دورهم وأعني هنا الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل التي تلعب الدور الأكبر في المنطقة.
أما بخصوص الأسباب التي جعلت الدول المشاركة في الإعتداء على سوريا تنحى هذا المنحى الجديد وملامح المرحلة القادمة بناء على هذه المتغيرات يقول الدكتور صالح:
"أنا أعتقد أنهم وصلوا إلى طريق ليس بيدهم فيها أوراق جديدة ليستثمروها سوى الأوراق التي ذكرتها آنفا، في هذه المرحلة بالذات استنفذت خيرات المنطقة ورساميلها وخاصة في الخليج وأيضا استنزفت إمكانياتها البشرية حيث هجر الملايين وخاصة الخبرات وأصحاب العقول والكفاءات، هذا أثر أيضا على البنية التحتية والعمرانية وعلى بنية مجتمعات المنطقة وخاصة في سورية.
أما بخصوص سبل المواجهة المطروحة أمام سوريا في المرحلة القادمة يقول الدكتور صالح:" سوريا بموقعها ومكانتها إلى أين؟ إن إستطعنا كسوريين وكحلفاء وكشعوب في المنطقة إستثمار الإنتصار على الإرهاب، الإنتصار على الإرهاب لايعني أن الاعداء تركونا في حال سبيلنا للننهض ونعيش كما نريد، لذلك أنا أقول أنه استطعنا استثمار هذه الإنجازات في بناء المجتمع والاقتصاد والوحدة الوطنية الحقيقية سنحقق انجازات كبرى ونتجاوز عقبات الماضي وما مررنا به".
وتابع:" نتذكر كم هي الأجيال التي تأثرت بالدم والحروب والصراعات وخرجت عن العلم والتعلم وتأثرت بالتطرف، وهنا تكمن التحديات الكبرى، نحن نقرأ للأمام أن إسرائيل وتركيا وكل المتآمرين لن يتركونا لحظة واحدة بحالنا، ومن هنا أؤكد على ضرورة بناء الإنسان البناء القويم السليم المبني على القيم الصحيحة والذي يستطيع الإنسان من خلاله الوقوف والتصدي للتحديات الكبرى التي سنواجهنا، لذلك بإعتقادي أن سوريا قادرة على مواجهة المرحلة القادمة، والنقطة الثانية أنها إجتازت المرحلة الأخطر، والنقطة الثالثة في هذا السياق تكمن في أن سورية ستكون بوابة لتسويات كبرى وتقود هي المشروع المقاوم بعد أن أثبتت جدارتها وثباتها وقدرتها على المواجهة وأنها تمتلك شعبا ناضحا حسه العربي والوطني عال وقوي".
التفاصيل في التسجيل الصوتي المرفق
إعداد وتقديم نواف ابراهيم