الحزب الذي لم يدخل السلطة يوما أو بالأحرى أسقط في العديد من المرات في الانتخابات مباشرة أو من خلال قوانين انتخابية على قياس مصالح سياسية أخرى لا تريد لهذا الحزب أن يكون ممثلا لأسباب يعلمها الجميع وأبرزها خطابه وموقفه المعترض على سياسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية.
مظاهرة "الشيوعي" لاقت صداها في لبنان وخصوصا من السياسيين قبل المواطنين، فأزمة تشكيل الحكومة المستمرة والعالقة بين مصالح مذهبية وطائفية تحركت فجأة، حيث شعرت السلطة السياسية بكل مكوناتها مرة جديدة بـ "الخطر الشيوعي" من خلال مطالب الحزب الشيوعي في الشارع.
"الخطر الشيوعي" يوقظ السلطة السياسية اللبنانية
"الخطر الشيوعي" الجديد أيقظ السياسيين لتسريع عجلة تشكيل الحكومة وبحسب مصدر مقرب من المشاورات حول تشكيل الحكومة، فإن الأحزاب اللبنانية المشاركة في الحكومة تتخوف من التحركات المطلبية القادمة خصوصا مع مبادرة الحزب الشيوعي وامكانية تأثيره واستيعابه للتحرك وجذب المزيد من المواطنين إلى صفه.
وبحسب المصدر، إن الخطاب المطلبي الأخير في الشارع أخاف بعض أركان السياسة في لبنان من خسارة كل شيء وليس منصب أو وزير وبالتالي فإن تحرك "الشيوعي" ولد خطرا على مستقبل السياسيين الذين كانوا مرتاحين ولا تمارس عليهم أي ضغوط في الشارع والداخل بشكل عام.
واعتبر المصدر أن تشكيل الحكومة في لبنان يتم من خلال عواصم عربية وغربية مختلفة تلعب دورا هاما في ذلك وهذا ما يسمى بالدور أو العنصر الخارجي، أما داخليا فمنذ تسمية الحريري رئيسا مكلفا للحكومة غاب الدور الداخلي للضغط على السياسيين اللبنانيين لتشكيل الحكومة خصوصا مع الوضع الاقتصادي اللبناني الذي يشارف على الانهيار الكامل، وبالتالي جاء التحرك "الشيوعي" في وقته لدق ناقوس الخطر واستفاق المواطنون على تحرك يناديهم من أجل الدفاع عن حقوقهم ومطالبهم المحقة، لكن الدعوة سمعها السياسيون اللبنانيون وبادروا إلى التحرك قبل انفلات الأمور.
سياسة الأحزاب اللبنانية تجاه مواطنيها ومستقبل التحركات في لبنان
لا شك أن التحركات المطلبية في لبنان لم يكن لديها مستقبل خصوصا أن الفئات الشعبية المتضررة تعيش حالة من التقوقع المذهبي الطائفي وسيطرة أحزاب السلطة عليها التي من مصلحتها إبقاء الشعب تحت سيطرتها.
ليس من مصلحة أحد اليوم في لبنان بروز حركة أو تيار سياسي شعبي يتحرك لمطالب الناس وحقوقهم أو بالأحرى فالشعب يعيش ولا يكترث لمطالبه، وهذا بالطبع يأتي من خلال سياسة التدجين التي تعتمدها الأحزاب اللبنانية الكبيرة التي تربط مصير مناصيرها بمصير أحزابها ليس إلا دون التفكير بمعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للناس.
والهدف الرئيسي من كل هذا هو إبقاء الناس تحت رحمة الأحزاب وقياداتها التي تعرف جيدا مدى خطورة الوضع الاقتصادي اللبناني واحتمالية الانهيار، لذلك تستخدم الحقن المخدرة لفترات معينة لتهدئة الناس وتختلق الأزمات السياسية والمذهبية لإلهاء المجتمع والمواطنين عن حقوقهم الأساسية التي يتوجب على كل نائب أو وزير أن يوفرها.
وأخيرا إن مطالب وحقوق الناس هي البوصلة الأساسية لأي تحرك مهما كان خطه السياسي، فتبقى الآمال معلقة على المواطنين الذين لا بد لهم أن يستفيقوا على أحزابهم وقيادتهم أولا والوصول إلى مستوى من الوعي الذي يحتم عليهم الخروج للمطالبة بحقوقهم المسلوبة والمسروقة بدل الإنصات للزعيم والجلوس وانتقاد كل من يتحرك من أجل مستقبله فالإمام…
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)