ويرى الخبراء أن كافة التطورات التي تجري على الأرض تؤكد عودة الدولة السورية إلى مقعدها في الجامعة التي شاركت في تأسيسها، وأن هناك مشاورات تجري بهذا الشأن بين الدول العربية على مستوى القادة العرب لبحث آلية العودة قبل قمة تونس.
في هذا الإطار قال اللواء حاتم باشات، عضو البرلمان المصري، ووكيل جهاز المخابرات السابق، إن معظم الدول العربية سترحب بذلك الأمر، وكذلك الدول العظمى، خاصة بعد حسم المعركة على الأرض.
وأضاف باشات بتصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، أن الأوضاع الجديدة بعد انسحاب القوات الأمريكية وانهيار تنظيم "داعش" يستوجب أن تكون الدولة السورية قوية وموجودة، خاصة أن المجال سيفسح ربما لبعض الأطراف التي لا يرحب بتواجدها، وأن الدول العربية ستعمل على ذلك جيدا.
وأكد على أن الخطوة التي اتخذتها الإمارات العربية المتحدة ستساهم في تقريب وجهات النظر، بما يحقق نسبة من التوازن، خاصة أنه لا يمكن تحول المواقف بشكل سريع، إلا أن الحضور العربي بات ضروريا.
تونس
من ناحيته قال الكاتب الصحفي التونسي منذر ثابت، إن كافة المعطيات تشير إلى حضور سوريا للقمة العربية المرتقبة في تونس، مارس/ آذار 2019.
وأضاف في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، أن التحركات التونسية في هذا الإطار تساهم في التمهيد للتوافق العربي على ذلك، كما أن الخطوة التي اتخذتها الإمارات العربية المتحدة بإعادة فتح سفارتها في دمشق تؤكد أن المسألة باتت أقرب من أي وقت مضى.
وكان مصدر في الرئاسة التونسية، قال لـ"سبوتنيك" إن الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، يجري مشاورات خلال القمة الاقتصادية في لبنان بشأن دعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى القمة العربية المقرر عقدها في تونس، مارس/ آذار المقبل. لكن مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية، حسام زكي، أعلن أنه لم يطرأ تغيير على موقف الجامعة من عودة سوريا إلى المنظمة، مشيرا إلى أن الزيارة الأخيرة للرئيس السوداني لدمشق لم تجر بالتنسيق مع الجامعة.
فيما يقول المحلل المغربي صلاح الوديع، إن المؤشرات والتطورات على الأرض تؤكد اقتراب حسم الموقف، خاصة في ظل عودة الدول العربية لفتح سفاراتها في دمشق.
وأضاف في تصريحاته إلى "سبوتنيك" قائلا: "أعتقد أنه قد ضاع الكثير من الوقت، وأن الوضاع على الأرض شبه حسمت، وهو ما يشير إلى عود الأمور إلى طبيعتها تدريجيا، في ظل ضرورة إعادة توازن القوى والذهاب إلى وضعية أسلم، وهو ما يتطلب حضورا عربيا قويا على الساحة.
وأشار إلى أن بعض الدول ستعيد فتح سفاراتها في القريب العاجل في دمشق، وهو ما يجعل حضور سوريا للجامعة بات قريبا، وإن لم يتضح ذلك بشكل رسمي حتى الآن.
ليبيا
من ناحيتها قالت عفاف الفرجاني، رئيس تحرير جريدة "الموقف" الليبية، إن عودة العمل بسفارة الإمارات في دمشق، يؤكد انتصار سوريا على الإرهاب، وأن الإجماع العربي على عودة سوريا لمقعدها الرسمي في الجامعة العربية يعني مشاركة دمشق في القمة المقبلة بتونس 2019.
وأضافت في تصريحات إلى "سبوتنيك" أن الدول العربية ستسارع بفتح سفاراتها في دمشق خلال الأيام المقبلة، وبذلك تفتح صفحة جديدة في المشهد السوري، كما أن موقف دول الخليج يشهد تحولا، رغم بعض التحفظات السابقة تجاه سوريا، ودعمهم لما يسمى بالمعارضة، إلا أن سوريا من دعاة السلام وعودتها إلى الجامعة يعد رمزية كبيرة للانتصار على الإرهاب والقوى التي سعت لتفتيت المنطقة.
الإمارات
في وقت سابق تحدث وزير الدولة الإماراتي للشوؤن الخارجية، أنور قرقاش، عن إمكانية عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية خلال الفترة المقبلة.
وقال خلال حديث له على قناة "العربية" السعودية، الخميس 27 ديسمبر/ كانون الأول إن "قرار عودة سوريا للجامعة العربية يحتاج توافقا عربيا".
السعودية
في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، قال سعد بن عمر مدير مركز "دراسات القرن" السعودي، أن الكثير من الدول العربية لم تكن لديها الرغبة في قطع العلاقات الدبلوماسية الفردية مع سوريا، وأن الموقف اتخذ كان من قبل الجامعة العربية بتعليق مقعد دمشق.
وأضاف ، أن الكثير من الدول لم تقطع علاقتها مع سوريا، وأنها بقيت على تواصل مستمر ومنها الكويت وعمان، في حين أن الإمارات تنظر لسوريا كما تنظر لها المملكة العربية السعودية، خاصة فيما يتعلق بالتواجد الإيراني في سوريا؛ تمهيدا لعودة دمشق لبيتها العربي بشكل أقوى.
بعد أن اتخذت الإمارات المبادرة الأولى بعودة سفارتها لدمشق، قال الدكتور عبد الخالق عبد الله، المستشار السابق لولي عهد أبو ظبي، إن دول الخليج لن تتخلى عن الجمهورية العربية السورية لعدة أسباب.
وأضاف في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، أن قرار عودة سفارة الإمارات إلى دمشق، قد يكون اتخذ بعد مشاورات مع دول عربية، على رأسها السعودية ومصر والبحرين والكويت، وأن الإمارات تنسق قرارتها ومواقفها بالتشاور مع الدول العربية.
الجامعة العربية
في وقت سابق أعلن مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية، حسام زكي، إنه لم يطرأ تغيير على موقف الجامعة من عودة سوريا إلى المنظمة، مشيرا إلى أن الزيارة الأخيرة للرئيس السوداني لدمشق لم تجر بالتنسيق مع الجامعة.
وقال زكي، في تصريحات للصحفيين أوردتها وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية: "إن المعطيات التي لدينا لا توحي بوجود تغيير في موضوع سوريا (تجميد أنشطتها في الجامعة العربية)"، واستدرك زكي قائلا: "ولكننا لا نصادق على أي تغيير في الفترة المقبلة".
تعليق مقعد سوريا
وكانت الجامعة العربية قد أوقفت عضوية سوريا في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2011، نتيجة لضغوط عدة مارستها دول عربية، لا سيما الدول الخليجية، على خلفية الموقف من الصراع الدائر في هذا البلد، بعدما حملت حكومة الرئيس بشار الأسد المسؤولية عن مقتل مدنيين.
فمنذ بدء الصراع في سوريا، أغلقت دول عربية عدة سفاراتها في دمشق، أو خفضت علاقاتها مع الحكومة السورية، ولكن دعوات عدة برزت في الأشهر الأخيرة لاستئناف العلاقات واستعادة سوريا بالتالي عضويتها في جامعة الدول العربية.