القاهرة — سبوتنيك. تثار الكثير من الأسئلة حول تأثر صناعة النشر وتداول الكتب بالأوضاع الاقتصادية وبالنشر الإلكتروني، وبالأوضاع الثقافية والسياسية والتغيرات التي تجري في اتجاهات القراء وميولهم.
وقال بكر في تصريحات حصرية لسبوتنيك: "من المؤكد أن تغيير موقع المعرض، ونقله من شرق القاهرة لمكانه الجديد بالقاهرة الجديدة سيكون مؤثر، ولكن الأثر سيكون محدود لأن الدورة المقبلة هي الدورة الخمسين والتي تحمل دلالة خاصة، وستمتص أغلب تأثير نقل المعرض، كما أن عملية النقل كانت حتمية، لأن الموقع القديم قد انتهى عمره الافتراضي منذ أربع سنوات، والنقل كان سيتم عاجلا أو آجلا، واختيار هذا التوقيت هو الأنسب"، موضحا أن أغلب المعارض أصبحت تقام خارج المدن الكبرى وعلى أطرافها.
وقلل بكر من تأثير النشر الإلكتروني على الكتاب المطبوع، قائلا:"لا أرى تأثير سلبي للنشر الإلكتروني على الكتاب المطبوع، الأمر أشبه بالعلاقة بين الراديو والتليفزيون والنت، هناك تعدد في الوسائل والوسائط، ولكنها لا تستبدل بعضها البعض، فلا زالت اليوم الراديو والتليفزيون والنت والكتاب المطبوع وسائط للثقافة والمعرفة متجاورة ومتكاملة".
ونفى بكر أن يشهد المعرض استبعاد أو منع لأي كتب وأكد "معرض القاهرة من المعارض القليلة في المنطقة التي لا تشهد منع أو حظر للكتب، لا توجد رقابة على المطبوعات، ولا مصادرة إلا في نطاق ما يجرمه القانون".
وأشار بكر إلى التغيرات في الاتجاهات العامة للقراء موضحا "اتجاهات القراء تتغير، فقد كان الكتاب الديني يتصدر قائمة اهتمامات القراء، الآن الرواية في الصدارة بلا منازع، كما أن الكتب المترجمة لها جمهور واسع، والكتب البوليسية وكتب الرعب وكذلك السياسة بمعناها البسيط، وبالطبع لا زال الكتاب الديني يحظى باهتمام واضح".
وأشار إلى أن تلك الزيادة أثرت أيضا على حركة النشر، فقال: "لا توجد إحصائية كاملة بالنشر، ولكن من واقع صدور أرقام الإيداع بدار الكتب يمكن القول أن عدد العناوين الصادرة في العام المنصرم حوالي 25 ألف كتاب، وهو يمثل ثبات أو انخفاض لمعدل النشر، ويرجع ذلك للأسباب الاقتصادية، فالناشرون يحجمون عن المغامرة في ظل ارتفاع تكلفة الطباعة وارتفاع أسعار الكتب".
رئيس اتحاد الناشرين العرب محمد رشاد اتفق مع بكر في أهمية نقل موقع المعرض، وأكد في تصريحات حصرية لوكالة سبوتنيك "قرار نقل موقع المعرض تأخر لأسباب كثيرة، والخدمات في الموقع القديم كانت متراجعة بشدة، ولم يعد الموقع القديم لائق باسم مصر وتاريخ المعرض، ربما تتأثر نسبة إقبال الجمهور على المعرض قليلا بعد النقل، ولكن سيزيد الإقبال من ناحية أخرى بسبب تحسن الخدمات في الموقع الجديد، لذا فلن نشعر بانخفاض الإقبال، خاصة مع توفير وسائل نقل مريحة من كافة الميادين الرئيسية إلى المعرض وتوفير وسائل نقل وخدمات داخل المعرض".
واعتبر رشاد أن الجدل حول تأثير النشر الإلكتروني على الكتاب المطبوع مبالغ فيه، موضحا "نثير دائما معارك وقضايا من لا شيء، الدول المتقدمة التي ينتشر بها النشر الإلكتروني، لم تشهد تراجعا في الكتاب المطبوع، بل على العكس، زادت معدلات النشر في الدول المتقدم بنسب تتراوح بين 10 و12 في المائة، النشر يعتمد على المضمون وليس الوسائط، فمنذ النشر على ألواح الطين وأوراق البردي، وصولا للنشر الإلكتروني، ومرورا بالطباعة والميكروفيلم والسي دي وغيرها تنوعت وسائط النشر وتعددت والآن نجد الكتاب الورقي المطبوع صامد رغم كل التطورات".
وأشار رشاد إلى التراجع في النشر في مصر والعالم العربي، قائلا: "هناك مشاكل في صناعة النشر في مصر، والعالم العربي لن تحل إلا بتدخل الحكومات ودعمها، أهم تلك العوامل هي نسبة الأمية، وعزوف المتعلمين عن القراءة، والاعتداء على الملكية الفكرية، كذلك هناك انكماش في أسواق كبيرة للكتاب في المنطقة نتيجة الأوضاع السياسية، مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا، فضلا بالطبع عن ارتفاع تكاليف الورق والطباعة والتي تترك أثرها على السعار".
وأضاف رشاد: "العالم العربي ينتج من 35 إلى 40 ألف كتاب في العام، وهذه النسبة تبدو متواضعة في كل الدول العربية، فإسبانيا وحدها تنتج حوالي 45 ألف كتاب سنويا، ونسبة مصر من إجمالي ما ينتج من كتب في المنطقة العربية من 25 إلى 30 في المائة فقط، ولكن لو حذفنا الكتب الحكومية والإصدارات الحكومية، ستتراجع النسبة بشكل ملحوظ".
من جانبه أكد مدير البرامج الفنية والثقافية بمعرض الكتاب شوكت المصري أن نقل مقر المعرض من مدينة نصر للقاهرة الجديدة لن يؤثر في الإقبال على المعرض، قائلا في تصريحات حصرية لوكالة سبوتنيك "على العكس نتوقع تكدسا في المعرض، وقد أعدت خطط لمواجهة هذا التكدس".
وانطلق معرض القاهرة الدولي للكتاب للمرة الأولى عام 1969، في أرض المعارض بالجزيرة، وهو الموقع الذي تحتله الآن دار الأوبرا المصرية. وانتقل المعرض إلى أرض المعارض بمدينة نصر شرق القاهرة عام 1983، وهو الموقع الذي استمر فيه حتى دورته العام الماضي، قبل أن يتقرر نقل موقعه إلى مركز مصر للمعارض الدولية بالقاهرة الجديدة.
وتطور معرض الكتاب على مدار تاريخه من مجرد معرض لبيع الكتب إلى موسم ثقافي وفني وساحة للتفاعل الثقافي العربي والعالمي. كما انعكست التطورات السياسية المصرية والعربية على ساحة المعرض، حيث شهدت مواسم المعرض التالية على إبرام اتفاقية السلام المصرية مع إسرائيل مظاهرات شبه سنوية ضد وجود جناح إسرائيلي في المعرض، كما شهد المعرض مظاهرات تضامن مع الانتفاضة الفلسطينية في مطلع الألفية، ومظاهرات مناهضة لغزو العراق، كما شهدت ندوات المعرض مطلع التسعينات مواجهات شهيرة بين تيار الإسلام الأصولي وتيار التنوير.
ويشارك في معرض الكتاب في دورته الخمسين 1273 ناشرا مصريا وعربيا وأجنبيا، كما يشهد المعرض حضور 170 ضيفا عربيا وأجنبيا، كما تقام 800 فاعلية ثقافية وفنية ويقام 600 حفل توقيع.