وأضاف خلال حواره مع "سبوتنيك"، أن توحش المد الديني دفع ثمنه الجميع، إلا أن المرحلة الحالية تشهد عودة الدول العربية إلى نقاط الانطلاق مجددا… وهذا نص الحوار:-
بداية ما الذي تعنيه من اسم روايتك الأخيرة "شبورة"؟
شبورة هي حالة، تعبر عن قلقي على مصر، خاصة أنني أرى أنها تستحق أن تكون في مقدمة الدول العظمى، وعندما قرأت المراحل التاريخية، بداية من محمد علي ورفاعة الطهطاوي والخديوي إسماعيل، وجدت أن المثقفين يختلفون على الأشخاص، فيرون أنا هذا ناصري وآخر ساداتي وآخر من الفترة الملكية، وهو ما أراه يعيدنا إلى الوراء، خاصة أن المثقفين يجب أن يقدموا لمصر ما تستحق، بعيدا عن الحسابات الشخصية.
وتعبر الرواية عن انعدام الرؤية خلال الفترة الماضية، بعد أن غلب طابع الإعلان على الإعلام، وأصبحت البرامج تتحدث عن الطهي بدلا عن الثقافة، والأغرب أن الأطعمة التي تقدم لا علاقة لها بشرائح المجتمع الأكبر في الشارع المصري.
اختتمت الرواية بثلاث كلمات "جهاد، استشهاد، نكاح".. فما الدلالة؟
جهاد واستشهاد ونكاح، ثلاث كلمات لم استطع الوصول إلى نهايات مغلقة تعبر عنهم، فتركت النهاية مفتوحة، خاصة أن الجهاد يلزمه العديد من العوامل الحقيقية التي تجعلك أمام هذا الجهاد المستحق، وكذلك الاستشهاد فهو يحتاج إلى الوقوف أمام النماذج التي تقدم على هذا الأمر، في ظل اختلاط المفاهيم والأهداف، فالشهادة دفاعا عن الوطن أو عن العرض تختلف عن العمليات الانتحارية التي تقتل الأبرياء، كذلك فيما يتعلق بقضية النكاح التي باتت أحد عوامل تجنيد الشباب في الفترة الأخيرة.
لماذا يكتفي الكتاب بطرح المشكلة دون الحل؟
الحل يكمن في قراءة كتاب "مستقبل الثقافي في مصر" لـ طه حسين، خاصة أن الكتاب يتضمن رؤية هامة وبصيرة مستقبلية لكل مشكلات الثقافة، التي تواجه المجتمع الآن، خاصة في ظل غياب الكثير من الأسماء عن المشهد الثقافي في الوقت الراهن، كما أن الثقافة والتنوير هما الحل الوحيد للأمة العربية في الوقت الراهن.
كيف تقيم دور وزارة الثقافة في السنوات الأخيرة؟
للأسف من الصعب تقييم الدور الثقافي في ظل تصارع المواطنين على لقمة العيش، والسعي وراء المنتجات الغربية وأدوات الترفيه، كل هذه العوامل تخصم من فرص القراءة والثقافة، ومع ذلك يجب التأكيد على أن القراءة هي طريق المعرفة، والمعرفة هي طريق الإبداع والابتكار، ودون ذلك يصعب مواكبة التحديات، وأذكر أن معظم شعوب العالم العربي كانت تتباهى بالدراسة في مصر، حينما كانت تمثل النهضة الفكرية والعلمية في المنطقة.
ما أسباب توقفك عن الانتاج في الفترة الأخيرة؟
للأسف الإنتاج أصبح عبارة عن غرف مغلقة، وارتفعت التكلفة بشكل كبير، كما أن ما حدث في المنطقة حد من عملية التوزيع، خاصة أن سوريا والعراق واليمن كان لهم نصيب كبير من فرص التوزيع، إلا أن الصراعات أغلقت الأسواق في تلك الدول.
هل ترى أن الانتاج الفني تحول لتجارة؟
للأسف تحول الإنتاج إلى تجارة وجهود فردية، وبعض الأعمال الجادة التي تقدم لا تمثل سوى نقطة في بحر من الأعمال غير الهادفة، كما أن الأمر يحتاج إلى العمل بشكل جاد، وهو ما يحتم على الدولة الوقوف وراء عمليات الانتاج الجادة، وتقديم الدعم للأعمال الهادفة، وأذكر أن الطفرة التي حدثت في عهد عبد الناصر وقف خلفها كبار الكتاب والأدباء.
إلى أي مدى سيمتد تأثير السنوات الثماني الماضية؟
أود الإشارة إلى أن الأمة العربية ابتلعت الطعم، وأن مصر عبرت من هذا المنزلق باجتهاد الأوفياء وإرادة الله، وأذكر أن توحش المد الديني أجبر الجميع على دفع الثمن، إلا أن المرحلة الحالية تشهد عودة الدول العربية إلى نقاط الانطلاق مجددا.
وأود الإشارة إلى أن إدخال الجانب الديني بصورة خاطئة إلى عقول البعض يسهل عملية الاختراق، خاصة أن الإنسان ينحاز للجانب الديني في كل مكان وأي أرض.
كيف ترى تأثير عمليات التغريب على المجتمعات العربية؟
بالتأكيد التأثير كبير جدا، خاصة أنه يمد المجتمعات العربية بتقدم تكنولوجي يفوق عمليات الاستعداد بدرجات كبيرة جدا، وأرى أن العمل هو العامل الأكبر لمسايرة التقدم والتحديات الخارجية.
كيف ترى خطوات وزيرة الثقافة حتى الآن؟
إيناس عبد الدايم مجتهدة بشكل كبيرة، إلا أن ما يقدم في الفترات الأخيرة في الأوبرا يؤثر بالسلب على المشهد، خاصة أنه لا يجوز أن يغني رواد من مسارح أخرى على مسرح الأوبرا، والأزمة الحقيقية تكمن في من حولها، على الرغم من مساعيها الجادة للعمل بشكل متفرد.
كيف ترى الدور الروسي في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة؟
روسيا دولة عريقة بكل المفاهيم، والقول بأنها عريقة تعني أن المثقفين والمفكرين في كل المناصب ومواقع المسؤولية يمثلون هذه العراقة، كما أن تنظيم كأس العالم يؤكد أن الروس يمكنهم فعل ما يريدون فعله على الوجه الأمثل.
وكيف ترى الدور الذي لعبته في سوريا؟
روسيا أنقذت المنطقة من عمليات التقسيم والتفتيت التي أرادتها بعض الدول المعادية للعرب تنفيذها، خاصة أن سقوط سوريا وتقسيمها كان سيتبعه تقسيم معظم الدول العربية بما فيها دول الخليج.
ما الوصية التي تركها لك الفنان محمد نوح وعملت بها؟
ما قاله لي محمد نوح بعد منع أعماله لخلاف، هو أن أكتب كل ما أسرده عن الريف والأحداث، كما أنه قال لي أن الفن يعرض ولا يفرض، وهو ما ساعدني في التعمق في الرسم على السجاد، ويسعدني اليوم أن لوحاتي في بيوت كبار الكتاب والمثقفين.
حوار: محمد حميدة