أجرت وكالة "سبوتنيك" حوارا خاصا مع الطبيب عفيف كشف خلاله تفاصيل إحداثه ثورة في مجال الجراحة العصبية والصعوبات التي عاناها في بلده سوريا.
أوضح الدكتور عفيف أن العملية أجريت للشاب الفرنسي ماران سوفاجون البالغ من العمر 20 عاما في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 بعد تعرضه لاعتداء ورض شديد أدى إلى نزيف في الدماغ وحوله وكسر في الجمجمة.
وقال:
"نقل المريض إلى المستشفى وهو في حالة موت دماغي، في هذه المرحلة عادة لا يقوم الأطباء بأي تدخل جراحي بل يتم إدخاله إلى غرفة العناية المشددة، وإجراء عناية تمريضية."
وأضاف قائلا "في هذه الحالة إما أن يموت المريض أو يبقى على قيد الحياة ولكن بنسبة عجز كبيرة، وأحيانا يبقى غير واع على ما حوله مع شلل رباعي أو غيره من الاختلاطات الأخرى".
وكشف الطبيب عفيف أنه عندما عرف بحالة المريض قرر أن يجري له عمل جراحي، على الرغم من استغراب الطاقم الذي كان موجودا يومذاك مؤكدين أن النتيجة ستكون إما الموت على طاولة العمليات أو تركه يعيش لفترة طويلة في وضعية إنباتية.
وقال الطبيب:
"قررت أن أجري العملية وأعطيه فرصة لم أكن أعرف ما نسبتها."
وأشار الطبيب إلى أن النتائج كانت مبهرة، فبعد 12 يوما من تاريخ العملية بدأ المريض بالتعافي، ثم نقل إلى قسم المعالجة الفيزيائية. موضحا أن المريض قد شفي تماما والتحق بجامعته ويتمتع بكامل قواه العقلية، ويستطيع أن يقوم بكامل الوظائف الحركية، مع مضاعفات بسيطة تقتصر على هبوط خفيف في القدم اليسرى.
وأكد الدكتور عفيف أنه قام بأجراء العملية نفسها لمريض آخر بعد ستة أشهر وأنقذه من الموت على الرغم من أن العديد من البحوث العلمية تجنب العمل الجراحي في حالة الموت الدماغي.
مقالة علمية:
أجرى الطبيب عفيف 4 عمليات مماثلة لحالات مشابهة، وكتب بهذا الخصوص مقالة علمية سيتم نشرها في مجلة أمريكية في غضون أسابيع، والتي من شانها أن تغير طريقة تعامل الجراحة العصبية مع الرضوض الشديدة التي تهدد حياة المرضى.
وقال:
"المقالة تتلخص حول إمكانية إجراء العمل الجراحي في حالات تعرض الدماغ للرضوض الشديدة وخاصة في عمر الشباب أي تحت عمر الـ 40 سنة، هذه المقالة ستكون قفزة نوعية في مجال الجراحة العصبية."
يوم التكريم:
أوضح الطبيب أنه تمت دعوته من قبل مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لحضور حفل تكريم الشاب الفرنسي بوسام الشرف من درجة فارس لأنه عرض حياته للخطر حينما كان يدافع عن رجل وزوجته اللذان لا يعرفهما.
وبعد أن قام ماكرون بتكريم الشاب قدم للطبيب السوري شكره الخاص وقال: "العمليات التي أجراها الدكتور عفيف وخاصة العملية الأولى هي التي أنقذت حياة سوفاجون، وفي حالة ميؤس منها لا يجرى العمل الجراحي، فشكرا للدكتور عفيف وأحيي العمل الذي قام به."
وعبر الطبيب عن سعادته العارمة بالمفاجأة غير المتوقعة وقال "سعادتي كانت كبيرة عندما خصني رئيس الدولة بشكر خاص، بالنسبة لي أكبر تكريم سأحصل عليه عندما سيتم نشر المقالة العلمية في المجلة الأمريكية وتصبح مرجع طبي لجراحي الأعصاب."
أنا غير مرغوب بي في وطني:
اختيار الجراح السوري لفرنسا لم يكن نابعاً من رغبة داخلية، بقدر ما كان هرباً مما تعرض له من ضغوطات في سوريا.
فقد عاد إلى بلده مع بداية الحرب، إيمانا منه بأن بلده أولى بعلمه ونجاحه، بهدف تحقيق حلمه المتمثل في إنشاء مركز جراحي عصبي متخصص يستقبل المرضى من الشرق الأوسط، بالإضافة إلى تكفله بتدريب جراحين سوريين، حاربه المسؤولون وعملوا على إبعاده حيث تم حرمانه حتى من إجراء العمليات المجانية في مشافي الوزارة.
التحصيل العلمي:
درس الطبيب عفيف عفيف الطب البشري في سوريا وعمل مختصا في الجراحة العصبية في دمشق. وفي عام 2000 انتقل إلى فرنسا لتعميق الاختصاص والحصول على الشهادات وحصل في فرنسا على درجة الماجستير ثم درجة الدكتوراه في الجراحة العصبية عام 2007.
وفي عام 2014 حصل على شهادة HDR (شهادة التأهيل لمتابعة وإدارة الأبحاث) من فرنسا، وهي أعلى شهادة يمكن أن يحصل عليها جراح عصبية.