وهذا بدوره يوصلنا إلى نتائج مهمة جداً قد تتم ترجمتها في المستقبل القريب وقد يكون جزء منها في تفعيل النصر الميداني واستمرار تمشيط الجغرافيا السورية من التنظيمات الإرهابية التي سوف يتخلى عنها جميع داعميها خلال فترة قريبة، وهذا قد يكون مرتبط إلى حد ما بقمة الضامنين التي سوف تعقد في تركيا آواخر الشهر الحالي.
في الواقع وضع الجزيرة السورية محسوم تماماً من قبل الدولة السورية وحلفائها والتصريحات التي تؤكد على أهمية وحدة الأراضي السورية والسيادة واستقلال القرار تدل على أن الأمر متنهي لجهة الحفاظ على الجزيرة السورية لأنها جزء لا يتجزأ من الأراضي والجغرافيا السورية وهي منطقة جيوسياسية اقتصادية هامة جدا ونقطة إرتكاز في عملية التكامل الاقتصادي بما يتبع لها من طرق نقل الطاقة وشبكات الطرق البرية والسكك الحديدية التي تؤمن التكامل الاقتصادي بين سورية والعراق وإيران وصولاً إلى لبنان والأردن وهذا ما لن تفرط به لا سوريا ولا حلفاؤها وما يتنظر قوات "قسد" قد يكون غير مفاجىء ولكنه لن يسر خاطرهم ومن الأفضل لهم أن يجنحوا إلى الاتفاق مع الحكومة السورية وكذلك الأمر المجموعات المسلحة من السوريين في إدلب وعملياً يتضح أنه لن يكون هناك أي عمل عسكري سواء على مستوى الداخل السوري في الجزيرة السورية أو في التنف وحتى في الجولان السوري المحتل ردا على استفزازات إسرائيل إلا بعد أن يتم حل قضية إدلب.
الوضع العام جامد ولم يحدث أي تغير سوى أنه في الثامن من آذار تم الإتفاق على الدوريات المشتركة بين الروس والأتراك وتم الحديث عن عملية عسكرية في إدلب تلاها جمود مطلق بالأحداث، ولكن جميع الإشارات تدل على قوة الموقف السوري وحلفائه والإمسكاك بزمام المبادرة رغم مايظهر من تقلبات قد تحسب على أن سورية وحلفائها في ضيق ما، الوضع يشير إلى أن متغيرات هامة ستحدث لايعلم كنهها إلا أصحاب القرار ولايمكن تخمينها أو التكهن بها ، ولو إلتزم التركي بما وعد لكان أمره أسهل ولكانت الأمور تغيرت وإنقلبت رأساً على عقب نحو الأفضل للجميع بما فيهم الإرهابيين الذي لن يقدر أردوغان أو الأمريكي على إستثمارهم أكثر من ذلك.
ومن هنا تأتي زيارة وزير الدفاع شويغو بعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى طهران وما نتج عنها من تصريحات كانت موجهة بدقة لجهة التحالف الإستراتيجي السوري الإيراني والتي قلبت موازين المنطقة وقد تغير خارطة المنطقة بشكل عام، وتأتي بعد لقاء رؤساء هيئات الأركان الثلاثة لسورية والعراق وإيران وهذه اللقاءات بطبيعة الحال تأتي في ظل متغيرات وتطورات حساسة في المنطقة وعلى الصعيد الدولي أيضا ومن هنا نرى أن زيارة شويغو تؤكد حضور الروسي في الاجتماعت السابقة لو غاب عضويا ما يعني أن الروسي على علم ودراية كاملة بما يجري مع الاحترام الكامل لاستقلالية القرار السوري في تحالفاته، وهناك شيء مهم آخر ألا وهو أن زيارة شويغو قد أفشلت زيارة وزير الخارجيبة الأمريكي مايك بومبيو إلى المنطقة، وستفشل ما يترتب عليها من زيارته للبنان في المستقبل القريب.
الأزمة السورية تمر حاليا بأدق مراحلها بعد فضح وكشف النوايا السيئة للولايات المتحدة وهذا أدى بالفعل إلى اختلاط الأمور لدى المواطن السوري، وهذه الزيارة جاءت في إطار تأكيد الموقف الروسي على ثوابته المعروفة في التعامل مع القضية السورية مع الاحترام الكامل للسيادة السورية واستقلال قرار الدولة.
وفق المعطيات لن يكون هناك أي عمل ميداني قبل الانتهاء من مسألة إدلب وفيما بعد سوف تتوضح الاستراتيجية السورية لجهة التعامل مع الجزيرة السورية ومع قاعدة التنف وحتى مع قضية الجولان السوري المحتل وجميعها تحظى بدعم وتأييد الحلفاء بناء على شرعية وحق الدولة السورية في الدفاع عن نفسها بما يتسق مع القوانين والشرائع الدولية التي تكفل لها حق السيادة وحماية أراضيها والدفاع عنها وعن شعبها.
الرقص على فوهة البركان السوري مجازفة خاسرة للولايات المتحدة ولكل من يحذو حذوها لأن القرارات الإستراتيجية لوضع حد لهذا التمادي قد تم إتخاذها ولم يبق إلا إشارة الإنطلاق للتنفيذ لأن الولايات المتحدة بسياستها الرعناء لم تترك أي مجال للمناورة والتهدئة أو إيجاد حلول ترضي الجميع وتحفظ العالم من شر سياساتها ذات المصلحة الضيقة.
(المقال يعبر عن رأي صاحبه)