وبحسب الخبراء، تباينت الرؤى بين أطراف الصراع والمسؤولين عن الأزمة، وحلت لغة الاتهامات والتخوين محل مبادرات السلام وحقن الدماء، إذ يحمل التحالف والشرعية "الحوثيين" المسؤولية عن الحرب وفشل اتفاقيات السلام، في حين يرى "الحوثيون" أنه لا سلام دون السيادة الكاملة لليمنيين على كل مقدرات البلاد، ولا يقف الأمر عند طرفي الصراع إلا ويتحدث المجلس الانتقالي الجنوبي (جهة غير رسمية) ليؤكد أنه لا حل أو استقرار دون حل القضية الجنوبية.
"الحوثيون" فرضوا علينا الحرب
قال راجح بادي، المتحدث الرسمي باسم الحكومة "الشرعية" في اليمن في اتصال مع "سبوتنيك" اليوم الثلاثاء، "إنه حتى هذه اللحظة "الحوثي" هو الذي فرض علينا الحرب طيلة أربع سنوات ماضية، وحتى الآن لم يقتنع بالسلام ويريد الحرب، وقد كشفت السنوات الماضية لليمنيين والعرب والعالم أن "الحوثي حركة دموية" لا تريد سلام أو تسليم سلاح، ولا تريد سلام ليس لليمن فقط، بل للمنطقة بشكل عام".
وأضاف المتحدث باسم الحكومة اليمنية: "كل الاتفاقات التي وقعناها مع الحوثيين طوال السنوات الماضية وآخرها اتفاق السويد بشأن ميناء "الحديدة" كأن لم تكن، ولم يتم تنفيذ أي اتفاق، بل لم يتم تنفيذ أي بند من بنود أي اتفاق، الحركة الحوثية حركة "إرهابية" مثلها مثل القاعدة لا تؤمن إلا بالسلاح".
وأكد بادي، على حرص الحكومة على السلام، وكل المشاورات التي تمت سواء برعاية الأمم المتحدة أو غيرها شاركنا فيها، وكل الاتفاقات وقعنا عليها ولكن وبكل أسف لم ينفذ منها شىء.
السيادة الكاملة أو المواجهة
ومن جانبه قال توفيق الحميري وكيل وزارة الإعلام في حكومة الإنقاذ الموالية لـ "أنصار الله"، في اتصال مع "سبوتنيك" اليوم الثلاثاء: "نستهل عاما خامسا من انتصار إرادة الشعب اليمني والصمود في وجه العدوان الذي تباركه أمريكا وإسرائيل، بل وتشاركان فيه إلى جوار السعودية والإمارات".
وأكد الحميري: "نحن عازمون على أن نزداد قوة وتطوير لقدراتنا القتالية التصنيعية والتحصينية في العام القادم، ولا بديل عن انتصار إرادة الشعب اليمني الانتصار يتحقق السلام لأن إرادتنا هي انتزاع استقلال تام لبلدنا وطرد محتل معتدي هذا هو حق مشروع وبه يتحقق السلام المشرف الذي قدمنا تضحيات على مدى أربع سنوات لتحقيقه وننعم به، وسيبقى خيارنا هو المواجهة والتصدي حتى يمارس اليمنيين السيادة المطلقة على جميع النواحي السياسية والاقتصادية وعلى كافة أراضينا ومياهنا وأجوائنا وثرواتنا".
وأشار وكيل وزارة إعلام صنعاء، إلى أن "دول العدوان استخفت قبل 4 أعوام بقدراتنا وحقنا كشعب يمني في العيش بكرامة وأمان داخل وطننا، وعاندوا وأنهكوا أنفسهم و استنزفوا خزائنهم واسلحتهم وفشلوا وصارت عليهم حسرة وندامة، ومخطئ من يعتقد أن الحل بيد من لا يملك قراره ومرتهن لأطماع أمريكا وأدواتها ويتعارض مع ارادة الشعب اليمني".
واستطرد: "نحن نقولها صراحة: لا بديل عن استمرارنا في المواجهة والتصدي طالما هناك محتل وعدوان، ولدينا بعون الله ما يمكننا به تحقيق الانتصار مهما كانت التضحيات ومهما كانت التصعيدات العسكرية القادمة من جانب العدوان فهي مرصودة ومصيرها الهزيمة بإذن الله، الفرصة الوحيدة لتحقيق السلام في اليمن والمنطقة هي انتصار ارادة الشعب اليمني، وعلى أمريكا وأدواتها أن تستوعب ذلك".
عاصفة الحزم والمشروع الإيراني
أما الدكتور أحمد بن حسن الشهري، الخبير الاستراتيجي والعسكري السعودي، فقال في اتصال مع "سبوتنيك" اليوم الثلاثاء: "بعد مرور 4 سنوات على بداية الأزمة اليمنية، هناك الكثير من الأهداف تم تحقيقها، منها إيقاف المشروع الإيراني المدعوم بالمال القطري والذي كانوا يطمحون إلى قيامه في جنوب المملكة العربية السعودية وفي اليمن وإقامة "حزب الله" جديد في تلك المنطقة، وإقامة دولة إيرانية تهدد الأمن الوطني السعودي، وأيضا تهدد دول الخليج والمنطقة العربية، وكذا تهدد الملاحة البحرية في مضيق باب المندب وبحر العرب والبحر الأحمر، وقد أسقط هذا المشروع في 26 مارس/ آذار 2015 بإعلان عاصفة الحزم".
المال القطري وأسلحة إيران
واستطرد الخبير الإستراتيجي: "ومازالت "مليشيا الحوثي" تتغذى على ما تمده بها إيران من أسلحة وذخائر، كما تقتات تلم المليشيا أيضا على المال القطري الذي به تشتري المرتزقة والأسلحة والذخائر وغير ذلك".
وحول الحلول السلمية للأزمة في اليمن، قال الشهري: "لا أرى بوادر حل سريع لتلك الأزمة، ولا سيما بعد التدخل الأممي أكثر من مرة لإيقاف تقدم القوات الوطنية والعمالقة وباقي القوى اليمنية الأخرى، وتأتي العوامل الإنسانية وحقوق الإنسان في كل مرة لتضع حدا لتلك التقدمات، وأرى أن إيقاف الأمم المتحدة لتقدم قوات التحالف يأتي في إطار أنهم لا يريدون أن يحقق التحالف أي انتصارات على هذه "المليشيا" الإيرانية، لاسيما الضغط الإيراني على أوربا وهو من مخرجات الاتفاق النووي مع أوروبا والذي كان به بنود سرية، ومنها ترك إيران تتغول في الوطن العربي والعبث في المنطقة".
وأوضح الخبير السعودي: "الملاحظ حاليا أن إيران تضغط على بريطانيا لتخفيف الضغط عن الحوثيين وغض الطرف عن التهريب الذي يتدفق للحوثيين من الخارج سواء كان في سفن الإغاثة أو سفن الأمم المتحدة ومنظماتها "اللاإنسانية"، لأنها أصبحت تقف مع الجلاد ضد الضحية، لذا أعتقد بأن الأزمة تنذر بفترة قادمة طويلة، إلا إذا تم تكوين تحالف دولي كما تم في سوريا لإستئصال داعش، وفي تقديري أن بوادر التحالف الدولي ضد "الحوثيين" بدأت بالموقف الأمريكي الأسبوع الماضي، وكذلك الموقف الروسي الداعم للحكومة الشرعية في اليمن، وكذلك دعم القوات اليمنية من أجل استعادة سيطرتها على بقية المناطق، وإيضاحهم أن السلاح "الحوثي" هو سلاح إيراني سيكون خطره ليس على السعودية والخليج فقط، بل على المجتمع الدولي بشكل عام".
حتى لا تتحول إلى سوريا
ومضى بقوله: "استثمار تلك المواقف الدولية والإجماع عليها ومحاولة التقدم نحو القلب الحقيقي للأزمة، وهو عودة صنعاء إلى الشرعية اليمنية، وفي نفس المحور يكون هناك تقدم في منطقة الحديدة بالساحل الغربي وهي الميناء والشريان الذي تتغذى منه اليمن، إذا ما تمت تلك الخطوات وبترتيبات صحيحة، أعتقد أن العام 2019 سيكون عام القضاء على "ميليشيا الحوثي" وعودة الشرعية والجمهورية اليمنية، ما عدا هذا الإجماع وتلك الخطط فإن الحوثي يجيد لغة إطالة الحرب، ويستمد خططه وتكتيكاته من إيران والتي تجيد هذه اللعبة، خصوصا أن على الأرض اليمنية الآن أعداد كبيرة من القادة الإيرانيين من حزب الله والحرس الثوري الإيراني، حيث يتم تدريبهم قبل الذهاب على تصنيع وتجميع الصواريخ قبل الذهاب إلى صنعاء، الأمر الذي قد يطيل أمد الحرب ويعطي تلك "الحوثيين" نفسا طويلا لتجميع قواهم والاستمرار في تلك الأزمة".
ولفت الشهري إلى أن هناك إشارة من القوى الكبرى في العالم وضوء أخضر للشرعية من أجل الزحف نحو العاصمة وجبهة نهم أو في صعدة أو الحديدة أو تعز من أجل الإطباق على هذه "العصابة" واجتثاثها من جذورها، ليكون هذا العام هو عام النصر، ما لم يحدث ذلك، فإن الوضع مرشح للوصول لما يشبه الأزمة السورية والاستمرار لسنوات قادمة وهذا مالا نتمناه.
رهان السلطة والحرب
وفي السياق ذاته، قال منصور صالح، القيادي بالمجلس الإنتقالي بجنوب اليمن في اتصال مع "سبوتنيك" اليوم الثلاثاء: "إن اشكالية الأزمة في اليمن، هو أن طرفيها الرئيسين الشرعية والحوثيين، غير راغبين في وضع نهاية لها، فالحوثي يسعى لتعزيز حضوره مراهنا على فشل وعجز الشرعية وعدم قدرتها على تحقيق إنجازات على الأرض، فيما ترى الشرعية أن نهاية الحرب تعد نهاية لها كسلطة، باعتبار أنها غير مقبولة شعبيا، وثانيا سيكون من نتائج أي تسوية سياسية، وجود سلطة جديدة بالتأكيد لن يكون رموز الشرعية جزءا منها".
أثرياء ومستثمري الحرب
وأضاف القيادي بالمجلس الإنتقالي: "هذه الحرب التي يدفع ثمنها البسطاء دما ومعاناة هي بالنسبة للقوى المتنفذة في طرفي الشرعية والحوثي هي مصدر إثراء، وبفضلها تحول معظم قيادات هذين الطرفين إلى أثرياء ومستثمرين، ولهذا السبب هم يحرصون على اطالة أمدها".
وأشار صالح: "في واقع الأمر لا تبدو أن هناك فرص إحلال سلام شامل وعادل، كما لا يمكن حسم المعركة عسكريا لأي من الطرفين، لكن يمكن أن يدفع العالم باتجاه تسوية منقوصة تثبت الأوضاع على ماهي عليه ووقف الحرب بالنظر إلى التكلفة الباهظة للحرب، وفي ظل التحالفات القائمة في جبهة التحالف والشرعية، فإن الوضع لن يختلف في المرحلة القادمة عما كان عليه في السنوات الأربع الماضية، حيث تخوض الشرعية ممثلة بالجناح الرئيس فيها "اخوان اليمن" هذه الحرب منطلقين من استراتيجية استنزاف التحالف وبناء جيش حزبي غير معني بخوض المعركة الحالية، بل يعمل على إفشالها عبر تجميد الجبهات.
واستطرد: "إذا أراد التحالف تحقيق نتائج على الأرض، فعليه اعادة تقييم تحالفاته والبحث عن قوى فاعلة وصادقة يهمها فعلا حسم المعركة، كما كان الحال مع قوات المقاومة الجنوبية، التي انتصرت وتمكنت من تحرير أراضيها في زمن قياسي جدا لم يتعد الشهر، والمجلس الانتقالي يرى أن الحل في اليمن يكمن في وقف القتال ورعاية المجتمع لتسوية سياسية شاملة، واحترام تطلعات الجنوبيين وحقهم في استعادة دولتهم، وقد أبلغ كل القوى المؤثرة بقوة على الملف اليمني، أن الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة لن يتحقق إلا بحل القضية الجنوبية واحترام إرادة شعب الجنوب وعدا ذلك مضيعة للوقت".
وأوضح صالح، أن المجلس الانتقالي يرى أن تمثيل الجنوب عبر ممثله المفوض من الشعب "الانتقالي الجنوبي" يمثل السبيل الأمثل لحل قضية الجنوب، والدفاع عن آمال الجنوبيين التي لن تتحقق إلا باستعادة دولتهم.
عشوائية توزيع الأدوار
وتعليقا على الوضع الراهن، قال علي البجيري، القيادي الجنوبي في اتصال مع "سبوتنيك" اليوم الثلاثاء، إن الحرب في اليمن طال أمدها لأسباب عدة منها، دخول "الإمارات" في هذا التحالف، و العشوائية التي تعامل بها السعوديون من أول يوم في توزيع المهام على من لايستحق من اليمنيين والسعوديين، إضافة إلى مكر العدو الحوثي ودهاءه الخارق وسياسة توزيع الأدوار التي اتخذها مع دول التحالف.
وتابع القيادي الجنوبي: "كان "الحوثيين" يزجون بعناصر موالية لهم ويزرعونها في صفوف الشرعية على أساس أنهم منشقين عليهم، بينما الواقع هم موالين لهم ولكنهم مكلفين بالعمل من داخل الشرعية والتحالف المخترق".