تأتي هذه الخطوة حيال الحرس الثوري بالتزامن مع فرض عقوبات على إيران بشكل عام، وستشمل العقوبات تجميد أصول قد يمتلكها الحرس في الولايات المتحدة وفرض حظر على الأمريكيين الذين يتعاملون معه، أو يقدمون الدعم المادي لأنشطته.
صنفت واشنطن قبل ذلك أشخاصا أو كيانات تابعة للحرس الثوري مثل فيلق القدس الذي يخضع للعقوبات من 2007 لدوره في برنامج الصواريخ البالستية الإيراني كما ترى واشنطن، لكنها المرة الأولى التي تصنف فيها الحرس ككل، فكيف ستتعاطى مع هذا الأمر وهي التي قد فرضت على إيران سابقا ضغوطا مالية وعقوبات اقتصادية؟
لكي نفهم مدى خطورة وأهمية هذا القرار، ينبغي معرفة مجموعة من الحقائق عن الحرس، أولها أهميته العسكرية والعملياتية، سواء في تنفيذ سياسات "الثورة الإيرانية" خارج الحدود، أو داخلها، وأهميته الاقتصادية، بالنظر إلى حجم ما يمثله في الاقتصاد الإيراني، وكذلك نصيبه من الموازنة.
ما هي قوات الحرس الثوري الإيراني؟
تشكل الحرس الثوري بعد الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 لحماية النظام الديني الحاكم ومبادئ الثورة.
ويتبع الحرس الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي وله نحو 125 ألف مقاتل في وحدات برية وبحرية وجوية. كما يقود الحرس قوة (الباسيج) وهي قوة من المتطوعين المخلصين للثورة قوامها حوالي 90 ألف رجل وامرأة، ولديها القدرة على حشد حوالي مليون متطوع عند الضرورة.
ونفذت قوة الباسيج موجة من الهجمات في الحرب مع العراق خلال الثمانينات. وفي أوقات السلم تطبق قوة الباسيج تعاليم الإسلام في المجتمع. ويقول محللون إن عدد أفراد الباسيج يقدر بالملايين وإن مليونا منهم أعضاء نشطون، وفقا لرويترز.
وفيلق القدس الذي يقوده الميجر جنرال قاسم سليماني هو فرع للحرس الثوري ينفذ عمليات خارج حدود إيران. وحارب أعضاء في هذا الفيلق إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية كما ساندوا قوات الأمن العراقية في حربها ضد تنظيم "داعش" الإرهابي خلال السنوات الماضية.
وقد أصبح الحرس الثوري منذئذ قوة عسكرية وسياسية واقتصادية كبيرة في البلاد، وتربطه الآن صلات وثيقة بكل من المرشد الأعلى للجمهورية، أية الله علي خامنئي.
مؤسسات خيرية
ويتحكم الحرس أيضا بمؤسسة المغبونين والمعاقين الخيرية ذات النفوذ القوي، والتي تدير جزءا لا يُستهان به من الاقتصاد الإيراني.
وقد حدت القوة المتعاظمة للحرس الثوري الإيراني بالولايات المتحدة إلى اعتبار أنه "يقوم بنشر أسلحة الدمار الشامل"، كما اتهمت واشنطن قوات القدس، وهي بمثابة قوات النخبة في الحرس والذراع التي تشرف على العمليات الخارجية وتضم حوالي 15 ألف عنصر، بأنها "تدعم الإرهاب".
ويتمتع الحرس بوجود قوي وفاعل في المؤسسات والهيئات المدنية، إذ يسيطر على الباسيج، أو "متطوعي جيش المقموعين"، والذين يدينون بالولاء للثورة، إذ يستدعيهم الحرس للنزول إلى الشوارع في أوقات الأزمات، وذلك لاستخدامهم كقوة لتفريق المنشقين أو المتظاهرين.
تلك القوة الشعبية الهائلة التي يتمتع بها الحرس، يُضاف إليها الدعم القوي الذي يمنحه له المرشد الأعلى، هي التي جعلت منه لاعبا أساسيا في السياسة الإيرانية.
ويُعتقد أن الحرس يسيطر أيضا على حوالي ثلث الاقتصاد الإيراني، وذلك من خلال بسط نفوذه على عدد من المؤسسات والصناديق الخيرية والشركات الفرعية.
"خاتم الأنبياء"
فقد تم منح جناح الهندسة في الحرس، ويُعرف باسم "خاتم الأنبياء" أو اختصارا باسم "غورب"، العديد من العقود الإنشائية والهندسية التي تٌدر عليه ما قيمته مليارات الدولارات، بما في ذلك تنفيذ قسم العمليات في مطار الإمام الخميني الدولي الجديد بطهران.
ويُقال أيضا إن الحرس يمتلك أو يسيطر على العديد من المختبرات الجامعية وشركات الأسلحة، وحتى شركات تصنيع السيارات.
وتقدِّر صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية أن قرابة 30 بالمائة من عمليات الحرس هي ذات صلة بالأعمال والاقتصاد، وتدر عليه تلك العمليات ما يُقدَّر بحوالي ملياري دولار أمريكي سنويا.
وتسيطر الشركات التابعة للحرس الثوري الإيراني على ما يصل إلى 20 بالمئة من اقتصاد البلاد، بحسب تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في 2017، عندما كان رئيسا لوكالة الاستخبارات المركزية.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد فرضت عقوبات على شركتي طيران إيرانية مثل "ماهان" و"قشم" في كانون الثاني/يناير الماضي، بسبب تقديمهما الدعم الجوي لميليشيات تابعة للحرس الثوري الإيراني أو مدعومة منه داخل سوريا.
وحسب وزارة الخزانة، جند الحرس الثوري مقاتلين أجانب من خارج إيران للقتال في سوريا، وذلك تحت إشراف فيلق القدس التابع للجهاز، والذي يرأسه قاسم سليماني.
ماذا يعني تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية؟
تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية أجنبية سيكون له تأثير سياسي واقتصادي، إذ سيعيق أعمال الحرس الثوري وسيضاعف من تأثير العقوبات الموجودة بالفعل ضد المجموعة، حسب تقرير لمركز "أكسيو" الأمريكي.
والحرس الثوري الإيراني يخضع بالفعل لعقوبات أخرى، إلا أن تصنيفه كمنظمة إرهابية سيزيد الخناق عليه.
يقول الخبير في الشأن الإيراني بهنام بن طالبيو إن وضع الحرس الثوري على قائمة العقوبات الأمريكية الخاصة بالمنظمات الإرهابية الأجنبية، متسق مع استراتيجية الضغط القصوى لترامب، إذ أنه يزيد من الضغوط الاقتصادية على إيران في الداخل والخارج.
ويعني تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية أيضا فرض عقوبات على أي مؤسسات مالية أو مصارف تتعامل مع الحرس الثوري.
ومن شأن التصنيف أيضا أن يزيد من خطورة إقامة أي علاقات اقتصادية أو تجارية مع إيران.