أثارت المضائق والممرات المائية الكثير من الأزمات والنزاعات على مدار التاريخ، وتم استخدامها كسلاح في مواجهة الخصوم.
إذ يؤثر إغلاق المضائق على الملاحة البحرية والتجارة العالمية بشكل كبير، ويؤثر بشكل كبير على أسعار السلع بشكل عام، وأسعار النفط بشكل خاص.
وبالنسبة للقانون الدولي، المضيق يعتبر جزءا من "أعالي البحار"، وبالتالي يحق لكل السفن المرور عبره ما دام ذلك لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها.
جمعت لكم وكالة "سبوتنيك" في هذا التقرير أبرز الأحداث والنزاعات التي حصلت بسبب المضائق والممرات البحرية أو عندما تم أستخدامها كسلاح في مواجهة الأطراف الأخرى.
باب المندب والحرب على اليمن
يعد مضيق باب المندب أحد أهم خطوط النقل في العالم فهو يصل البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب.
يقول الخبير في النقل البحري، عضو مجلس إدارة قناة السويس السابق، وائل قدورة، في اتصال مع وكالة "سبوتنيك"، إنه "يجب تصنيف التأثيرات لأنها غير متساوية، فالتأثير الأول هو ارتفاع المخاطرة نتيجة مرور القطع البحرية في المضيق، وهو تأثير مزدوج، لأنه من ناحية يرفع تكلفة اتخاذ السفن مسار المرور في قناة السويس، لأن شركات التأمين ترفع قيمة التأمين على السفن وحمولاتها، وبالتالي ترتفع قيمة اتخاذ مسار مرور قناة السويس، وهو ما يخفض تنافسية القناة، ويدفع السفن لاتخاذ مسارات بديلة، والجانب الثاني من التأثير، هو أن ارتفع المخاطر في باب المندب يؤدي إلى ارتفاع أسعار البترول، وتنافسية قناة السويس ترتفع بارتفاع أسعار البترول، ما يعني إقبال حاملات البترول على القناة، لذا فالتأثير مزدوج عندما يقف الأمر عن التوتر أو ارتفاع المخاطرة".
وتابع موضحا أن المستوى الثاني من التهديد هو توقف الملاحة تماما في مضيق باب المندب، وهو ما يعني بطبيعة الحال توقف المرور تقريبا في قناة السويس، ولكن هنا ستتجاوز الأزمة المصالح المصرية لتصبح تهديد لحركة التجارة العالمية، حيث تمر 8 بالمئة من إجمالي التجارة العالمية من مضيق باب المندب، وهو ما سيدفع كل الدول المضارة للتحرك لتأمين المضيق، ومنها مصر بالطبع".
إيران والسيطرة على مضيق هرمز
يقع مضيق هرمز عند مدخل الخليج بين عُمان وإيران، ويربط الخليج مع خليج عُمان وبحر العرب. وهو المنفذ الوحيد لدول الخليج العربية عدا السعودية والإمارات وسلطنة عُمان.
وتصدر دول الخليج نحو 90% من نفطها عن طريق ناقلات نفط تمر عبر مضيق هرمز، كما أن مستوردات دول الخليج تأتي من خلال سفن شحن تمر عبر مضيق هرمز، خاصة تلك المقبلة من الصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان.
ولهذا السبب وبفعل العقوبات الأمريكية على إيران فقد هددت إيران بشكل متكرر أنها على استعداد لإغلاق مضيق هرمز أمام عبور النفط إلى دول أخرى إذا تم تقييد صادرات النفط الإيرانية.
قال نائب مدير مجموعة تصنيف الشركات، فاسيلي تانوركوف، في تعليق لوكالة "سبوتنيك" حول هذا الموضوع "إن إغلاق مضيق هرمز سيتسبب في أزمة طاقة عالمية وانفلات أسعار النفط. ممكن أن يكون أي سعر، 200 دولار أو 400 دولار للبرميل. لكن هذا شيء مستبعد لأن هذا يعتبر إعلان حرب من إيران ضد كل الدول المصدرة للنفط والدول المستوردة له، أي الولايات المتحدة وأوروبا والصين".
مصر توقف شحنات النفط إلى سوريا عبر قناة السويس
تعاني سوريا حاليا أزمة مشتقات نفطية خانقة اضطرت الحكومة إلى تخفيض الاستجرار اليومي للسيارات الخاصة من المحطات إلى 20 ليترا يوميا، وفق ما أعلنت وزارة النفط قبل أيام، مشيرة إلى أن هذا الإجراء مؤقت بسبب تراجع الواردات الوطنية من المشتقات النفطية.
وذهبت المصادر إلى التأكيد بأنه ومنذ 6 أشهر لم تسمح إدارة قناة السويس بعبور أية ناقلة نفط متجهة إلى سوريا، وقد فشلت كل المحاولات والاتصالات في إقناع الجانب المصري بتمرير ولو ناقلة واحدة، وفق ما دار في الاجتماع.
في الوقت الذي أعلنت فيه هيئة قناة السويس، نفيها تلك الأنباء بشكل قاطع، مؤكدة أنه لا صحة على الإطلاق لمنع الهيئة عبور أية سفن متجهة إلى دولة سوريا، وأن حركة الملاحة بالقناة تسير بشكل طبيعي ووفقا للمواثيق والمعاهدات الدولية التي تكفل حق الملاحة الآمن لكافة السفن العابرة دون تمييز بين علم دولة.
وأكدت الهيئة حرص الدولة المصرية على إدارة هذا المرفق الملاحي العالمي بكفاءة وحيادية تامة بما يمكنها من العمل على تحقيق مصالح الشعب المصري ومصالح شعوب العالم كله في نقل حركة التجارة العالمية بما فيها مستلزمات الحياة الضرورية من وقود وغذاء ودواء وغيرها دون إبطاء.
طريق بحر الشمال (منطقة القطب الشمالي)
أعرب ممثلو الولايات المتحدة مرارا عن اهتمامهم بهذا الطريق البحري، معلنين أن روسيا لا تملك الحق بأن تملي شروطها في تلك المنطقة.
وتشكل السفن، التي تحمل صواريخ مجنحة على متنها، وتمر عبر طريق بحر الشمال، خطرا على روسيا، لأنها قادرة فعليا على استهداف جميع المراكز العسكرية والسياسية في البلاد.
وصرح القائد السابق للأسطول الشمالي الروسي فياتشيسلاف بوبوف، أنه من السهل فهم رغبة واشنطن في فرض إرادتها على موسكو والسيطرة على طريق بحر الشمال، لكن بالنسبة إلى الولايات المتحدة، ستبقى هذه الخطة حلما مستحيلا، لأن روسيا لن تسمح لها بتحقيق ذلك.
وفي الوضع الدولي الراهن، أصبح من الضروري بالنسبة لروسيا السيطرة على طريق بحر الشمال.
وضعت الحكومة الروسية قواعد مرور للسفن الحربية الأجنبية عبر طريق بحر الشمال.
وستضطر السفن الحربية لإعلام روسيا عن العبور قبل 45 يوما، كما تلزم باصطحاب دليل روسي معها.
مضيق كيرتش نقطة خلاف بين روسيا وأوكرانيا
يربط مضيق كيرتش بين بحر آزوف والبحر الأسود ويفصل القرم في الغرب عن شبه جزيرة تامان في الشرق ويبلغ عرضه 4 كم، كما له أهمية سياسية واستراتيجية كبيرة لكل من روسيا وأوكرانيا.
بدأ المضيق يشكل عثرة في العلاقات الروسية الأوكرانية في التسعينيات، لكن الوضع تفاقم في عام 2014، عندما عاد القرم إلى روسيا، ومنذ ذلك الحين، أصبح مضيق كيرتش جزءا من روسيا، ولكن يمكن للسفن الأوكرانية عبور المضيق، وفقا لقواعد القانون الدولي.
هذا وصرحت المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الناتو، بايلي هاتشيسون، في وقت سابق، بأن الحلف يعتزم اعتماد حزمة من القرارات بشأن البحر الأسود، مشيرة إلى أن هذه الحزمة تتضمن تكثيف النشاط الاستخباري في البحر الأسود وإرسال المزيد من البوارج إلى البحر الأسود، لتأمين مرور السفن الأوكرانية في مضيق كيرتش الروسي.
ورد نائب في لجنة الدفاع الروسية، يوري شفيتكين لـ"سبوتنيك"، هذه التصاريح انتهاك واضح للقانون الدولي، وتصرفات مناقضة لجميع القواعد، وهذه القواعد التي يتبعونها مفهومة فقط لهم، عندما تصل أفعالهم إلى انتهاك حدود بلدنا (روسيا) بالطبع سنرد، وحتى يمكن لروسيا إغلاق مضيق كيرتش، إذا لزم الأمر.
وقال دكتور في الجغرافيا من جامعة موسكو للآداب لـ"سبوتنيك": مضيق كيرتش هو مفترق طرق، وهو بالطبع ذو أهمية كبيرة، من حيث جغرافيا الاستراتيجية والجيوسياسية والجغرافيا الاقتصادية، كما أن المضيق ذو أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا، لأنه بالنسبة لروسيا، هو نقطة تقاطع الطرق البحرية والبرية.