وتقول "بلومبرغ"، إنه مع طرد المتطرفين من العراق، تستعد المملكة العربية السعودية لإعادة فتح المعبر البري للتجارة هذا العام بسبب الصراع الأخير الذي يهيمن على المنطقة: حربها بالوكالة مع إيران.
وتضيف الوكالة الدولية ومقرها أمريكا، أنه "في انعكاس صارخ للسياسة، اختارت المملكة العراق كحليف في الوقت المناسب لكبح نفوذ عدوها "الشيعي"، الذي هدد يوم الأربعاء بالتخلي عن الالتزامات التي تم التعهد بها في اتفاقه النووي لعام 2015 ردًا على العقوبات الأمريكية".
وتقول "بلومبرغ": "كان السعوديون يستعرضون عضلاتهم الدبلوماسية والمالية. إذ زار وفد وزاري ورجال أعمال العراق الشهر الماضي وخرج بتعهد باستثمار مليار دولار في مشاريع التنمية وفتح قنصلية في بغداد. وقد استخدمت المملكة العربية السعودية أيضًا تكتيكات أخرى للقوة الناعمة مثل عرض بناء ملعب رياضي، وأعلنت قناة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التي تدعمها الحكومة مؤخرًا عن قناة مخصصة للعراق. وقام رجال الدين في المملكة بتخفيف حدة خطابهم المعادي للشيعة".
وبحسب ما تقوله الوكالة فإن "هدف المملكة العربية السعودية هو دعم حكومة في بغداد واجهت الميليشيات التي ترعاها إيران تحديا لسلطتها وإعادة الأمة العراقية بقوة إلى "الحظيرة العربية"، وفقاً لما قاله إبراهيم النحاس، عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى السعودي".
وقال النحاس في مقابلة في الرياض الأسبوع الماضي: "نريد أن نساعد العراق على أن يكون دولة قوية". وأضاف أن التقارب السعودي مع العراق "سيقلل من نفوذ إيران داخل العراق" والمنطقة بأسرها.
وتقول "بلومبرغ" إنه "إلى الجنوب، قاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حملة عسكرية كارثية ضد "متمردين تدعمهم إيران في اليمن". وتم استنكارها من قبل الحلفاء الغربيين تمامًا".
وتضيف الوكالة أنه "على الجبهة الغربية عبر البحر الأحمر، كان السعوديون يختارون النظام المتحالف مع إيران في السودان. وتعهدت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أقرب حليف لها، بتقديم دعم اقتصادي بقيمة 3 مليارات دولار للدولة الإفريقية بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير الشهر الماضي".
وتشير "بلومبرغ" إلى أنه "خلال زيارة إلى الرياض الشهر الماضي، أشرف رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي على توقيع 13 اتفاقية تعهدت بموجبها المملكة العربية السعودية بضخ مليار دولار في اقتصاد جارتها. وكانت ذروة الدبلوماسية التي بدأت في أكتوبر/ تشرين الأول 2017 عندما أنشأ البلدان مجلسا تنسيقا وأعلنا عزمهما على إعادة فتح الحدود عند معبر عرعر، المقرر في أكتوبر من هذا العام".
وقال عبد المهدي قبل زيارته: "نشهد تحولًا كبيرًا في العلاقات مع المملكة". وقال محمد حنون، المتحدث باسم وزارة التجارة العراقية، "يمكن استخدام رأس المال السعودي للمساعدة في إعادة بناء البلاد بعد هزيمة داعش ويمكن لخبرتها في مجال الطاقة والزراعة أن تساعد في تطوير الصناعات العراقية". وأضاف: "الباب مفتوح على مصراعيه".
وتقول "بلومبرغ" إن "مقاومة وجود إيران في العراق سيثبت صعوبة، رغم أن السعوديين لديهم المال. وهناك أيضًا دعم من الولايات المتحدة، التي لا يزال لديها قوات متمركزة في العراق".
وتشير الوكالة إلى "قيام وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبو برحلة غير معلنة إلى بغداد يوم الثلاثاء لحث الزعماء العراقيين على توخي الحذر من القوات والحلفاء الإيرانيين".
وزادت واشنطن العقوبات على إيران بعد الانسحاب من الاتفاق على تطوير قدراتها النووية. وقالت الحكومة في طهران إنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم إلى ما وراء الحدود المتفق عليها في 60 يومًا إذا لم تستطع أوروبا إيجاد وسيلة لضمان أنها تستطيع بيع النفط والتجارة إلى العالم.
وبحسب "بلومبرغ" قال جيمس م. دورسي، زميل كلية "س. راجاراتنام للدراسات الدولية" ومعهد الشرق الأوسط التابع لها، إن السعوديين "حققوا نجاحًا نسبيًا" في العراق. "لكنهم بحاجة إلى متابعة الوعود والاستفادة من حقيقة أنهم، على عكس الإيرانيين، لديهم الأموال اللازمة للقيام بذلك".
وتقول الوكالة إن "العراق مشبع بالتأثير الإيراني، من اقتصاده إلى السياسة والميليشيات الشيعية القوية".
وقامت الجمهورية الإسلامية بتصدير أكثر من 1.66 مليار دولار من الطماطم وحدها إلى العراق في عام 2017 وهي المصدر الرئيسي لكل شيء في البلاد. وقفزت إيران من خامس أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم العربي في عام 2016 إلى أكبر دولة مصدرة للنفط في عام 2017، متجاوزةً الصين. وغالبًا ما يتم تخزين أرفف المتاجر العراقية بمنتجات تركية وإيرانية رخيصة.
وقال النحاس إن المملكة حاولت شق طريقها مع رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، الذي كان في السلطة بين عامي 2006 و2014 ، ولكن دون جدوى. وقال "كان يعمل من أجل أن يكون العراق جزءًا من إيران".
وفي الوقت الذي تضغط فيه الولايات المتحدة على العراق لوقف شراء الغاز الطبيعي والكهرباء من إيران، إذ يريد الرئيس حسن روحاني تخفيف العقوبات الأمريكية. وقال روحاني خلال زيارة دولة لبغداد استمرت ثلاثة أيام في آذار/ مارس: "إن الوجود في العراق يبدو وكأنه في بلدنا". "إنها ليست حلقة يمكن إضعافها ونحن حريصون دائمًا على جعلها أقوى".
ووقع البلدان اتفاقيات نقل وتجارة وأعلنا عن إنهاء رسوم التأشيرة للمواطنين الآخرين. وقال روحاني إن المسؤولين يعتزمون زيادة التجارة الثنائية إلى 20 مليار دولار من 12 مليار دولار الحالية.
وقال محمد اليحيى رئيس تحرير موقع قناة العربية الإنجليزية الذي تملكه السعودية "لا أعتقد أن هناك أي وهم في الرياض بأن العراق سيقطع علاقاته مع إيران".
وتقول "بلومبرغ" إن "المفتاح هو الطاقة. وبالنسبة للسعوديين، فإن سعي العراق لإعادة تأهيل صناعته التي دمرتها الحرب ليصبح ثالث أكبر منتج للنفط الخام الجديد بحلول عام 2030 يمثل سوقًا غير مستغل للمنتجات والشركات السعودية".
وقالت الوكالة الدولية للطاقة إن هناك استثمارات تقدر بنحو 15 مليار دولار في التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما كل عام بين عامي 2018 و 2030.
وبحسب ما تقول الوكالة فإنه "كجزء من تواصلها مع العراق، خففت المملكة العربية السعودية من موقفها من "الإسلام الشيعي"، الذي يُعتبر نقيضًا للعقيدة الوهابية الرسمية للمملكة". كما تخطط الرياض لفتح قنصلية في مدينة النجف العراقية المقدسة، والتي يسافر إليها الكثير من الشيعة السعوديين للحج".