وتتمتع القرى المحيطة بقضاء سنجار والقريبة من الجبل، غربي الموصل، مركز نينوى، شمالي العراق، بطبيعة خلابة بدأت السياحة بالعودة إليها معانقة شلالاتها الأنيقة، وسهولها الخضراء المعبدة بأشجار الماطرة تينا.
وثق فريق "سبوتنيك" بالصور، اليوم الجمعة 14 يونيو/حزيران، الجمال المقدس عند المكون الإيزيدي في قراهم ومحيط قضاء سنجار، شمالي العراق، في جولة تجرد الإنسان من طاقاته السلبية وهمومه المريرة.
عند نهاية طريق مطلي باللون الكحلي يمر في منطقة سردتشي، يفترش جبل سنجار ذراعيه رونقا كيف لا وهو الذي أنقذ عشرات الآلاف من الإيزيديين الهاربين من الذبح والسبي على يد "داعش" في مطلع أغسطس/آب عام 2014.
تقطن حوالي 2300 عائلة نازحة داخل مخيم في منطقة سردتشي حسبما أخبرني صديقي سعد حمو، الصحفي الإيزيدي البارز من قضاء سنجار، والذي أخذنا في هذه الجولة معرفنا بمعالم الجمال.
ويقول حمو إن العائلات المذكورة نزحت إلى سردتشي، هاربة من بطش "داعش" الإرهابي، منوها إلى أن المقاتلين الإيزيديين كانوا غالبا ما يأتون إلى هذه المنطقة للاستراحة بعد كل معركة ومقاومة ضد العناصر الإرهابيين.
قرية الأشجار الوردية
بدت قرية باري…وهي من القرى الجبلية الجميلة، في سنجار، كأنها ترتدي طوقا من الأشجار ذات اللون الوردي المائل للبيج والمسمى "نيود"، تعود للتوت، مع غيرها من بساتين التين والرمان، وغيرها.
وتعتبر قرية باري المعروفة بمياهها العذبة، وأرضها المفترشة بالأعشاب الخضراء، من الأماكن السياحية، بالرغم من الإهمال الذي كان واضحا فيها، وسط عودة العائلات النازحة إليها مرة أخرى بعد دحر "داعش".
لوحة
لوحة زيتية…هكذا رأينا أطراف قرية أديكا…أرض خضراء طويلة، يزينها عقد أزرق من أحجار الجبال، وسماء ملبدة بالغيوم الناصعة البياض حاجبة حرارة الشمس عن المتنزهين، وقطعان المواشي.
وتعتبر قرية أديكا، هي الوحيدة التي عاد إليها جميع سكانها بعد سنوات من النزوح، وهي تعتمد على الزراعة، وتربية الحيوانات من أبقار وخراف ودواجن.
مدينة الملاحم
عرفنا صديقنا حمو بمنطقة تقع على مقربة من مزار شرفدين، ذاكرا لنا تاريخها المعروف بشهودها ملامح البطولات في الدفاع عن جبل سنجار، وعن الوجود الإيزيدي وهوية المكون على مر القرون، والدهور.
في هذه المنطقة الملحمية، صادفنا مجموعة من الخراف، والماعز الأسود، يقتاد على الأعشاب الوفيرة، على مقربة من السلاسل المموجة لجبال سنجار.
مزار مقدس
بقببه المخروطية، يعانق مزار شرفدين أحد أبرز المعابد المقدسة لدى الديانة الإيزيدية، السماء الناعسة، ومنه بدأت المقاومة ضد الإبادة، للقضاء على "داعش" الإرهابي.
ولا ينسى الإيزيديون الجملة من الكلمة الشهيرة التي ألقاها القائد قاسم ششو، في المعبد، وهو يخاطب رجال وشباب المكون قائلا:
نعم…ليس لدينا الأسلحة، ولكننا سوف نقاوم حتى لو بالأحجار من هذا الجبل المقدس" في إشارة منه إلى جبل سنجار.
وما بين بساتين التين والزيتون، وقرى كورمالي، وباليف، وجبليين، ومنطقة كرسي الشامخة المعروفة بصمودها وهي من أبرز المناطق السياحية المتميزة بزراعة التبغ بالإضافة إلى التين، ونبع يدى بيرخاوي، كانت زهور شقائق النعمان الحمراء البراقة، ترقص غنجا، في منطقة أسمها "كلي دري"، بالقرب من ظل الجبال.
وتعتبر شقائق النعمان من الزهور المقدسة لدى الايزيديين، لأنها تعود لبداية الربيع وجماله وبدايات ولادته بعد شتاء ثلجي قارص.
وصادفنا مزار شبيه بالشكل بشرفدين، يدعى مزار كجك لالش، يقع بالقرب من نبع بيرخاوي، وتحميه أشجار كثيفة من التين بأوراقها ذات الوخزات الخفيفة التي طبعت أشواكها على أيدينا حتى بالقرب من النبع المذكور في قرية كولكا.
الجدير بالذكر، أن المناطق السياحية في القرى القريبة من جبل سنجار، شهدت مؤخرا عودة بالرغم من كونها خجولة إلا أنها غرست الأمل بتقدم الحياة ومضيها نحو مستقبل وغد أفضل من الماضي الذي تعرض فيه المكون الايزيدي لأبشع أنواع العنف والتعذيب والقتل، والبيع في أسواق النخاسة، والاستعباد الجنسي على يد "داعش" الإرهابي في العام المشئوم 2014.