ظهرت أولى المخيمات الصيفية في الاتحاد السوفييتي بأوائل العشرينيات من القرن الماضي، وهدفت إلى منح الأطفال والطلاب أوقاتا أكثر إنتاجية خلال فصل الصيف وتعليمهم مهنا وحرفا تصقل مواهبهم الشخصية وتنمي تفكيرهم، بالإضافة لما تمنحه من تربية وتثقيف لاحترام المجتمع والتعرف على القوانين.
برامج هذه المخيمات تشابهت بمعظمها فكانت تعتبر جزءا لا يتجزأ من المنظومة التدريسية السائدة في ذلك الوقت.
نظام المخيمات ونشاطاتها
احتضت هذه المخيمات في فترة الاتحاد السوفييتي الأطفال الذين تراوحت أعمارهم بين 7 الى 15 عاما، لمدة 21 يوما بتكلفة تراوحت بين 9 الى 12 روبل يتكفل بها أهل الأطفال أي ما يعادل 10 في المئة من إجمالي تكلفتها في الوقت الذي تتكفل النقابة بما تبقى من مصاريف.
وكانت المخيمات الصيفية تشهد حضور 3 دفعات من الأطفال كل عام وبين كل دفعة وأخرى 3 أيام فاصلة، ويتم تقسيم الأطفال الى مجموعات كل واحدة تضم 30 شخصا، في مجموعات يتساوى بها عدد الفتيان والفتيات، وكقاعدة عامة على رأس كل مجموعة هناك قائدة من الفتيان وآخر من الفتيات والذين كانوا يتميزون بتعليم تربوي.
في بداية انطلاق هذه المخيمات كان الأطفال ينامون في بيوت خشبية من طابق واحد، الفتيان في غرفة والفتيات في غرفة أخرى، لتتطور بعدها المباني ولتصبح مجهزة بشكل أفضل، بغرف تتسع لـ4 الى 6 أشخاص.
واختلف توزع وانتشار المخيمات ما بين المناطق السا حلية والغابات لتتوزع في سائر أنحاء البلاد، ولطالما حملت أسماء متشابهة لتصبح أكثر شعبية بين الأطفال كـ"النجمة"، "الصداقة"، "الفجر" و"الشروق".
نشاطات المخيمات تتنوع وتتعدد وتهدف في النهاية الى تعليم الأطفال وتطوير مهاراتهم، حيث يبدؤون يومهم باكرا مرتدين ملابسهم ومحتفظين بشيء من حياتهم المدرسية والذي يتمثل بـ"وشاح أحمر يلف رقبتهم" أو ما يسمى بـ"الفولار"، ليمارسوا الرياضة ويتناولون طعام الإفطار وليبدأو أنشطتهم اليومية المتمثلة ببعض الأعمال كالزراعة والسباحة والعديد من النشاطات اليومية.
مخيمات حديثة بتقاليد عريقة
أدى انهيار الاتحاد السوفييتي الى إغلاق العديد من المؤسسات والمراكز الحكومية كذلك الأمر في المخيمات الصيفية حيث تم إغلاق العديد منها، لتصبح أغلبها مهجورة.
لتأتي مرحلة جديدة شهدت تطوير عدد من المخيمات التي تم استثمار بعضها من قبل القطاع الخاص وبعضها الآخر خضع لاستثمار حكومي، لتواكب الحياة العصرية ومتطلباتها لتصح أسعارها مرتبطة بجودة الخدمات التي تقدمها ونوعيتها.
يوجد في روسيا حاليا أكثر من ألفي مخيم صيفي، في الوقت الذي يوجد فيه حوالي معسكرا فقط في موسكو.
رغم اختلاف الزمان الى ان المخيمات حافظت على أسباب ظهورها وأهدافها، في تربية أجيال قادرة على الاعتماد على نفسها وصقل مواهبا لتصبح فعالة في المجتمع بالإضافة لمنحها فرصة للابتعاد عن شاشات التلفاز وأجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية، وتعليمهم مهارات جديدة تزيد من ثقافتهم.
وتتنوع المخيمات الحديثة ما بين الترفيهية البحتة ومعسكرات الرياضة والإبداع ودراسة اللغات الأجنبية وتعلم التقنيات الحديثة.
مخيم "آرتيك" حلم الطفولة وأشهر المخيمات
يعود تأسيس هذا المخيم للعام 1925، وتم تأسيسه من قبل رئيس جمعية الصليب الأحمر الروسية، وينوفي بتروفيتش سولوفيوف، وأول وفد من الأطفال وصل إليه كان في 16 يونيو/ حزيران من نفس العام.
وكان عبارة عن 4 خيم من القماش ليتم توسيعه لاحقا وتحديدا في العام 1960 على يد المهندس المعماري بولنيسكي.
وكان في البدا منتجعا صحيا لدول الاتحاد، كما لم يقتصر على الأطفال السوفييت فحسب حيث فتح أبوابه لأطفال الدول الصديقة للاتحاد السوفييتي.
موقع المخيم على الساحل الجنوبي لشبه جزيرة القرم في غورزوف، ونشاطاته جعلته حلم الطفولة لدى الكثير من الأطفال، ليتعرض المخيم لموجة كبيرة من الأطفال الرغبيين بزيارته، ليمنح لاحقا الأطفال المجتهدين مكافآت بالسفر إليه صيفا بالإضافة للمتميزين بالأعمال الاجتماعية.