في الـ7 من يوليو/ تموز المقبل، تنتهي رسميا مهلة الـ 60 يوما التي أعلنتها طهران للبقاء في الاتفاق النووي، في حال استمرار الأوروبيين بعدم الالتزام بتيسير العوائد الاقتصادية.
مهلة إيرانية
بنهاية اليوم يصبح الاتفاق النووي الإيراني برمته في مهب الريح، وذلك مع انقضاء المهلة التي أعطاها الإيرانيون للأوربيين للعمل على إنقاذ الاتفاق النووي.
وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، أمس الأربعاء، إن بهروز كمالوندي، المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، صرح بأن إيران ستسرع من تخصيب اليورانيوم بعد أن تنتهي المهلة الممنوحة للدول الأوروبية.
وقال بهروز كمالوندي "مهلة المنظمة الدولية للطاقة الذرية لتخطي حد الثلاث مائة كيلوغرام في إنتاج اليورانيوم المخصب ستنتهي غدا (اليوم الخميس)… وبانتهاء هذه المهلة سيتسارع التخصيب".
وأشار كمالوندي إلى أن طهران ستزيد من تخصيب اليورانيوم إلى مستويات جديدة، "بناء على حاجة البلاد"، وأن نسبة التخصيب ستزيد عن 20%، وذلك من أجل استخدامه في المفاعلات المحلية.
ليس هذا فحسب، فقد كشف علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، عن أن بلاده ستتخذ خطوات جديدة في السابع من يوليو المقبل، لتقليص التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي.
كما تحدث عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، عن أن بلاده لم يتبقَ لديها سبب لمواصلة التزاماتها بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بدون أن تبادلها الدول الأوروبية الموقعة عليها نفس الالتزام.
وقال عراقجي: "بالإشارة إلى الوعود التي لم تنفذ من الجانب الأوروبي، لا يوجد سبب لإيران لتنفيذ التزاماتها من جانب واحد"، مضيفا أن إيران أبقت نافذة الدبلوماسية مفتوحة من خلال تقليص التزاماتها تدريجيا.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان قد حذر إيران الثلاثاء الماضي من مغبة انتهاك بنود الاتفاق النووي، معتبرا ذلك بالخطأ الجسيم، وأنه ليس من مصلحة الجمهورية الإسلامية أن تقدم على ذلك.
وفي 17 يونيو/حزيران الماضي أعلن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، عباس كمالوندي، أن إنتاج بلاده من اليورانيوم منخفض التخصيب سيتجاوز 300 كيلوغرام خلال 10 أيام.
وقال كمالوندي إنه "في حال انتهاء مهلة الستين يوما، التي تم منحها للدول الأوروبية، والتي تنتهي في 7 يوليو المقبل، لتنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، ستسرع طهران تخصيب اليورانيوم، بنسبة تزيد على 3.7%.
محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، قال إن "الرئيس الإيراني حسن روحاني، أعلن يوم 8 مايو مهلة 60 يوما للانسحاب من الاتفاق النووي، إذا لم يف الأوروبيون بالتزاماتهم النووية".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "إيران حين تعلن الآن عن انتهاء المهلة فهي تنبه المجتمع الدولي بالإجراءات التي ستتخذها، من باب تسخين الأجواء".
وأكد أن "إيران ستخفض جزءا جديدا من التزاماتها النووية حال عدم الاتفاق قبل المهلة، وبعدها من الممكن أن تنسحب بشكل كلي".
وتابع: "حدث ذلك من قبل في اتفاقية إسلام آباد عام 2001، عندما ضغطت أمريكا على الأوروبيين لعدم الوفاء بالالتزامات المالية فخرجت طهران من الاتفاقية".
ومضى قائلا: "ما حدث في السابق، يؤكد أن دول أوروبا لا تف بالتزاماتها المالية، وأن إيران تخرج من الاتفاقيات المعنية حال تهديدها بذلك".
سيناريو وحيد
من جانبه، قال الإعلامي والمحلل السياسي الإيراني، محمد غروي إن "هذه المرحلة تعد مرحلة عض الأصابع بين الطرفين الأمريكي والإيراني".
وأضاف في تصريحات سابقة لـ "سبوتنيك"، أن "أمريكا تضغط من خلال فرض عقوبات جديدة، وإيران بطبيعة الحال مقتنعة أن واشنطن هي من بدأت هذا الصراع بخروجها من الاتفاق النووي".
وأشار إلى أن "الصراع القائم لا يمكن لأي سيناريو أن ينهيه سوى عودة أمريكا إلى الاتفاق النووي أولا، ثم عودة العلاقات الاقتصادية، بمعنى رفع العقوبات على إيران".
بغير هذين النقطتين — والكلام لازال على لسان غروي- لا يمكن أن تعود الأمور إلى سابق عهدها، بمعنى أن أمريكا تريد أن تضغط كي تجبر طهران على الدخول في اتفاق جديد، تكون أمريكا فيه الكاسب الأكبر، بحيث يسجل ترامب نقطة إيجابية جديدة قبل الانتخابات.
وبشأن الرد الإيراني، قال: "يبدو أن الإيرانيين فهموا هذه اللعبة مبكرا، وعزفوا على أوتار الانتخابات الأمريكية في هذه المرحلة بالتحديد، وذلك برفضهم للوعود الأمريكية، ومطالب التفاوض".
ومضى قائلا: "قريبا ستنتهي الفرصة المتاحة أمام الدول المشاركة في الاتفاق النووي، وتدخل إيران بعدها مرحلة جديدة من تخفيض التزامها بالنووي، وذلك سيؤجج الصراع في المنطقة التي ستدخل في مرحلة أكثر حساسية، وهذا ما يريده ترامب الذي يسير على حافة الهوية في المنطقة، متناسيا أنها كالبركان، وقد تنفجر في أي لحظة".
وعن سيناريو الحل، مضى قائلا: "على أمريكا أن تتخذ خطوات من شأنها تخفيض هذا التصعيد، لأنها من بدأت هذه الأزمة وليست إيران".
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض حزمة جديدة من العقوبات على إيران تستهدف مسؤولين بارزين على رأسهم المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي.
وأضاف ترامب إن فرض هذه العقوبات يأتي ردا على إسقاط الطائرة الأمريكية المسيرة و"أشياء أخرى"، وتابع بالقول إن خامنئي مسؤول في النهاية عما وصفه "بالسلوك العدائي من قبل النظام".
وبعد الإعلان عن فرض هذه العقوبات الجديدة على إيران، نشر ظريف تغريدة على تويتر اتهم فيها الولايات المتحدة بأنها "متعطشة للحرب".
وأعلن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، أن طهران ستبدأ المرحلة الثانية من تقليص التزاماتها بموجب الاتفاق النووي في 7 يوليو/ تموز القادم.
وقال شمخاني في تصريحات نقلتها وكالة "فارس" الإيرانية: "سنبدأ المرحلة الثانية من تقليص التزاماتنا بموجب الاتفاق النووي في 7 يوليو/ تموز بجدية كبيرة".
وأضاف: "الأوروبيون أظهروا أنهم يعارضون أمريكا في الكلام فقط وعلى الأرض هم يقومون بدعم ضغوط واشنطن على إيران".
تطور الأحداث
وأعقب ذلك سلسلة من الهجمات على ناقلات النفط في الخليج، وقال البيت الأبيض إن إيران تقف وراءها إلا أن طهران نفت الأمر تماما.
وأعلنت إيران أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم وتتجاوز الحد المتفق عليه في اتفاقية برنامجها النووي.
وبعد مرور بضعة أيام، أسقطت إيران طائرة أمريكية من دون طيار، معللة الأمر بأنها دخلت المجال الجوي الإيراني، إلا أن الولايات المتحدة تقول إن الطائرة كانت تحلق فوق المياه الدولية.
أعادت الولايات المتحدة العقوبات على إيران العام الماضي. وشملت قطاعات الطاقة والشحن والخدمات المالية، فأدت إلى نفور الاستثمار الأجنبي، وتقلص صادرات النفط.
وردت إيران على العقوبات الاقتصادية بخرق بعض التزامات الاتفاق النووي، واتهمت دول الاتحاد الأوروبي بعدم الوفاء بوعودها بحماية طهران من العقوبات الأمريكية.
وتزايدت المخاوف من حدوث مواجهة عسكرية بعد إسقاط الطائرة، والهجمات على ناقلتي نفط في خليج عمان الأسبوع الماضي، وأربع ناقلات أخرى قبالة سواحل الإمارات في 12 مايو/ أيار، قرب مضيق هرمز.