أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن الرئيسين بوتين وترامب بحثا قضايا الاستقرار الاستراتيجي، وفي الوقت ذاته ذكر البيت الأبيض في بيان له أن ملفات سوريا وإيران وفنزويلا وأوكرانيا قد تم مناقشتها.
نتائج اللقاء
حول النتائج ومخرجات هذا اللقاء تحدث أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيفاستوبل الروسية، عمار قناة، إلى "سبوتنيك"، فقال: اللقاء اليوم بين الرئيس الأمريكي والروسي هو بداية لعملية سياسية قادمة، متعلقة بالمنظومة الدولية بشكل كامل، وقد رأينا سوء العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة وما نتج عنها من تأثير سلبي على منظومة العلاقات الدولية، وعلى تعثر العمليات الجيوسياسية في أكثر من منطقة في العالم.
وتابع قناة: المواضيع المطروحة على طاولة الحوار من الملف السوري والفنزويلي وإيران، التي لطالما كانت عالقة بين البلدين، ولا أعتقد أن الرئيسين سيتوصلان إلى حلول جذرية من خلال هذا اللقاء، لكنها إشارة إيجابية بأن كل الملفات مطروحة على طاولة الحوار، وهي ستكون بداية لتقليل كمية الجليد المتراكم خلال الفترة السابقة، لكن يمكن القول بأننا لن نرى نتائج سريعة.
من ناحيتها تعتقد الدكتورة سحر خميس، أستاذة الإعلام في جامعة ميرلاند الأمريكية، بأن اللقاء بين بوتين وترامب على هامش مجموعة العشرين له أهمية خاصة على عدة محاور، وتضيف: التوقيت الخاص لانعقاد القمة بين الزعيمين له أهمية بالغة، كونه اللقاء الأول بينهما منذ لقاء هلسنكي المثير للجدل بين الطرفين.
وتتابع خميس: ليس خافيا على أحد أن تصريحات ترامب في قمة هلسنكي أثارت العديد من الانتقادات الشديدة له، حيث تعالت أصوات أنه بدا ضعيفا أمام الرئيس الروسي، ولم يتخذ موقفا حازما أو جادا تجاه ما وجه له من اتهامات للجانب الروسي، عن تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وتكمل إستاذة الإعلام: هناك عامل هام في توقيت هذا اللقاء، وهو السباق الرئاسي في الولايات المتحدة، حيث بدأت المناظرات بين المرشحين الديمقراطيين، وقريبا ستكون هناك مناظرات بين المرشحين الجمهوريين.
استخدام الورقة الروسية ضد ترامب
وعن إمكانية تحسن العلاقان بين البلدين بعد تصريح الرئيسين أكدا على أهمية ذلك، وعلى مواصلة الحوار، يقول قناة: عندما نقول أن الملف الروسي استخدم ضد ترامب، من قبل قوى الضغط الأمريكية، وكانت هناك عملية قانونية أثبتت أنها لا علاقة لروسيا في الانتخابات، وقد استغل ترامب هذه الفجوة لتعزيز العلاقات الآن.
ويواصل: ومن جهة أخرى لا نغفل الصراع الداخلي في المنظومة السياسية الأمريكية، حيث هناك أكثر من مركز اتخاذ قرار، وقد رأينا في الفترة الأخيرة بأن هناك تضارب في المصالح السياسية الخارجية الأمريكية، وترامب يحاول اللعب على القاعدة الأوسع الجماهيرية، بتحسين العلاقات والوضع الاقتصادي، ومن جهة أخرى نرى التصعيد التجاري مع الصين ومع الاتحاد الأوروبي، وهذا ما سينعكس على المنظومة الاقتصادية الأمريكية فيما بعد.
ويتابع حديثه: اليوم أعتقد أن هناك أزمة واضحة سياسية واقتصادية في المنظومة السياسية الأمريكية، وكل طرف يحاول تفعيل أكثر من ملف ليخدم مصالحه الآنية، والتي ستصب في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وعن ذلك تقول الدكتورة سحر: ملف اتهامات التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية هو في غاية الأهمية بالنسبة لترامب في المرحلة القادمة، وعلاقته مع روسيا هي نقطة جدلية، حيث أن ترامب يتابع سياسة خالف تعرف، بمعنى أنه يحاول أن يبدو مختلفا عن كل من سبقه من روؤساء الولايات المتحدة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو غير ذلك.
وتكمل: أحد هذه المحاور علاقة الولايات المتحدة مع روسيا، وهو لا يعبأ بما يوجه له من انتقادات من قبل خصومه السياسيين، أو من بعض الدوائر السياسية والدبلوماسية والصحفية في واشنطن، بل أحيانا يفتخر بتوطيد علاقته مع روسيا، وبالتالي أعتقد أننا سنرى نوع من التحسن وليس من التدهور في العلاقات بين البلدين، والرئيس بوتين وجه دعوة لترامب لزيارة موسكو في مايو/أيار القادم.
الحلول الجذرية
وعن إمكانية تحقيق تقدم أو حلول لبعض الملفات التي يختلف حولها كل من الطرفين يرى أستاذ العلوم السياسية:هناك تحسن سيطفو على السطح، والحلول الجذرية للملفات يمكن الوصول إليها تدريجيا، وكثرة الملفات تعطينا صورة أن العلاقات لا يمكن أن تكون سيئة إذا ما أراد الأطراف حل جميع المشاكل، كما لا يمكننا إغفال أن هناك قضية مهمة جدا، وهي معاهدة الأسلحة النووية والصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، والتي تعتبر جدا مهمة للطرفين الأمريكي والروسي.
ويتابع: لذلك لا يمكن الحديث عن استقرار او اتزان في المنظومة الدولية من دون التوافقات الروسية الأمريكية، وباعتقادي أن الطرفين الأمريكي والروسي يفهمان هذه المسألة جيدا، ولكن الطرف الأمريكي من خلال تعنته والصراع الداخلي، وقد حاول ترامب استغلال ذلك، لكننا نرى أن ترامب في طريقه للخضوع، وأن التفاهم لا بد منه مع أي طرف كان.
وتقول الدكتورة سحر عن ذلك: هناك ملفات عديدة ناقشها الرئيسان في هذا اللقاء، منها سوريا وأوكرانيا ونزع السلاح النووي، لكن باعتقادي أن الملفين الأكثر أهمية هما التوتر مع إيران والحرب الاقتصادية مع الصين، وأرى أن ترامب يضع هذين الملفين في رأس سلم أولوياته، إيران سياسيا، والصين اقتصاديا.
وتتابع: أعتقد أن ترامب من خلال تواصله مع الرئيس بوتين، يحاول أن يكون هناك رؤية مشتركة، او على الأقل متقاربة أو غير متعارضة بين الجانبين في هذه الملفات، وأن أن يقوم بتحييد روسيا تجاه هذه القضايا، بحيث لا يكون الطرف الروسي خصما له في هذه الملفات الشائكة.
وتختم خميس: لا أتوقع أن يكون هناك حلول جذرية في هذه الملفات على المدى القريب على الأقل، ولكن أعتقد أن ترامب يسعى إلى استمرار التواصل مع الجانب الروسي، واستكمال الحوار والنقاش مع روسيا، أملا في الوصول إلى رؤية مشتركة أو غير متعارضة على الأقل.