سرعة التنقل
وكشف وزير الدفاع سيرغي شويغو ما يستهدفه إصلاح قوات الدفاع الجوي حينما دعا خلال الاتصال مع قادة القوات المسلحة مؤخرا إلى ضرورة تشكيل فوج صواريخ جديد قابل للتنقل السريع ضمن قوات الدفاع الجوي.
ولم تكن قوات الدفاع الجوي في زمن الاتحاد السوفيتي تتمتع بالقدرة على التنقل السريع بسبب محدودية إمكانيات منظومات الدفاع الجوي المتوفرة حينئذ، "إس-75" و"إس-125" و"إس-200"، للتنقل من مكان إلى آخر، وهو ما اقتضى نشر فوج كامل من الصواريخ الاعتراضية حول كل منشأة هامة، وتطلب زيادة كبيرة في الحجم العددي لقوات الدفاع الجوي.
وانتفت الحاجة إلى كل ذلك بعد ظهور منظومات "إس-300"، وهي منظومات قادرة على التنقل السريع إلى أماكن تبعد عن مكان وجودها بعشرات ومئات الكيلومترات. وتكون منظومة "إس-300" جاهزة لصد الهجوم الجوي بعد مرور الدقائق المعدودة على وصولها إلى موقع محدد.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك منشآت في غاية الأهمية لا يجوز تجريدها من الحماية ولو لبعض الوقت. ولذلك تم إيجاد موديل خاص من منظومة "إس-300" لحماية مثل هذه المنشآت بصفة مستمرة.
جدير ذكره أن الضائقة المالية التي واجهت روسيا في تسعينات القرن الماضي أوقفت شراء قوات الدفاع الجوي للأسلحة الجديدة، وفرضت حل الوحدات المتسلحة بالمنظومات القديمة "إس-75" و"إس-125" و"إس-200" في حين لم يوجد من منظومات "إس-300 إلا ما يكفي لتسليح الوحدات التي تخفر المنشآت الاستراتيجية الهامة.
مهمة "سوتشي"
وتم في روسيا في عام 2013 تشكيل فوج متميز من الصواريخ المضادة للطائرات. وتم إنشاء هذا الفوج الذي يحمل رقم 1721 لحماية ملاعب أولمبياد سوتشي. ولذلك تم تسليحه بأسلحة مناسبة يمكن نقلها إلى منشأة محددة على جناح السرعة، هي منظومات "بانتسير" الصاروخية المدفعية ومنظومات صواريخ "بوك" المضادة للطائرات. وشكلت منظومات "بانتسير" و"بوك" دعما فعالا سريع التنقل لمنظومات الدفاع الجوي البعيدة المدى "إس-300" و"إس-400" التي أوكلت إليها أيضا مهمة حماية سماء أولمبياد سوتشي من الهجمات الإرهابية المحتملة. وكانت المهمة الأساسية لمنظومات "بانتسير" و"بوك" صد هجمات من الممكن أن يشنها الإرهابيون بالطائرات دون طيار أو بالطائرات الخفيفة والمروحيات المختَطفة.
التركيز على "بانتسير"
والأغلب ظنا ان تشكيل فوج الصواريخ المضادة للطائرات الذي شدد وزير الدفاع الروسي على ضرورة إنشائه سيتم مع أخذ تجربة الفوج الـ1721 الذي يواصل مهمته في مدينة سوتشي، في الاعتبار وكذلك تجربة الجيش العربي السوري في صد الهجمات الصاروخية والجوية التي تشنها القوات الأمريكية والإسرائيلية.
وستتلخص الوظيفة الأساسية للفوج الجديد — غالب الظن — في الدفاع عن منشآت معينة في هذا المكان أو ذاك ضد الطائرات الانتحارية دون طيار والصواريخ، وفي حمايتها من هجمات على غرار الهجمة الأمريكية على قاعدة الشعيرات الجوية في سوريا في ابريل/نيسان 2017.
ويمكن أن ينجح في أداء مثل هذه المهمة مَن يملك منظومات "بانتسير" التي تستطيع الوصول إلى المنشآت البعيدة المطلوب تأمين حمايتها في أسرع وقت. فمثلا، كان يمكن تدمير عدد كبير من صواريخ "توماهوك" التي هاجمت قاعدة الشعيرات لو وجدت فيها ثلاث أو أربع من منظومات "بانتسير"، حسب صحيفة روسية تتخصص في شؤون التصنيع العسكري.
وتنجح منظومات "بانتسير" في التعامل مع وسائل الهجوم الجوي الأخرى أيضا، وبمقدورها صد هجوم القنابل الجوية الموجهة. وقد نشرت وزارة الدفاع السورية صور حطام القنابل الإسرائيلية الموجهة التي أسقطتها منظومات "بانتسير".