موازين القوى
قال منصور صالح المحلل السياسي الجنوبي لـ"سبوتنيك" إن الإمارات لعبت دوراً محوريا مهماً في حرب اليمن، وكان لحضورها تأثيره الأساسي في قلب موازين القوى لصالح الشرعية اليمنية ولولا وجود الإمارات ودورها المؤثر سياسياً وعسكريا لكانت الأوضاع قد حُسمت مبكراً لصالح جماعة الحوثي وكانت الشرعية قد أصبحت سطرا هامشياً في حكاية من الماضي.
وأضاف صالح، على المستوى السياسي: "لعبت الإمارات إلى جانب السعودية، قائدة التحالف العربي، دوراً كبيراً في حشد الدعم والتأييد الدوليين للشرعية اليمنية ورفض الانقلاب، بالاستفادة من علاقاتهما الدولية المتينة من القوى المؤثرة على القرار الدولي".
وتابع: "لذلك يمكن الجزم أنه لولا التحالف العربي وتدخله في الوقت المناسب لكانت اللحظة الأخيرة في عمر الشرعية اليمنية هي تلك التي غادر فيها الرئيس هادي وحكومته وقادة الجيش حدود اليمن إلى دول الجوار ولا يمكن تصور حال اليمن والمنطقة فيما لو لم تقم عاصفة الحزم ويتدخل أشقاء اليمن بهذا الثقل والإصرار على مواجهة جماعة الحوثي".
للإمارات حضور مؤثر جدا على مجريات الأحداث في حرب اليمن ودحر النفوذ الإيراني.
— علاط (@allat_Q) June 30, 2019
أجرينا استبيان بالسؤال المباشر لمعرفة رأي الشارع حول دور الإمارات في اليمن ولمسنا ارتياح شعبي.
أحدهم كبير في السن قال، يا ولدي يكفي أن الإمارات ادخلت الإحساس بالأمان إلى قلوبنا.#سقطرى_ترفض_الامارات pic.twitter.com/pY1YrIQ5R3
الدور العسكري الإماراتي
أما من الناحية العسكرية، قال صالح: "كان للوجود العسكري الإماراتي القوي على الأرض والمشاركة المميزة لسلاح الجو الاماراتي دورهما في التأثير على مجريات المعركة، وسجل الإماراتيون حضورا قوياً وصادقاً في خوض الحرب على الحوثيين أكثر تفانياً ومصداقية من مشاركة قوى يمنية معنية وأكثر تضررا من الحوثي".
وأضاف صالح:
"كذلك كان للطيران الإماراتي إسهامه في دعم إسناد عمليات المقاومة الجنوبية والتهامية على الأرض، وشل حركة وقوة المليشيات".
وأشار إلى مساهمة "منظومة الدفاعات الجوية الإماراتية في حماية وتأمين مناطق كثيرة وكذا مقرات الشرعية وقياداتها البارزة من صواريخ وطائرات الحوثي وتحديداً في معقل الإخوان "مأرب"، وعلينا أن نتصور أنه لولا وجود الدفاعات والقوات الإماراتية لسيطر عليها الحوثيون في ساعات معدودة وبأقل الخسائر".
التضحية والارتزاق
اقتصاديا وإنسانيا
وأشار المحلل السياسي، من الناحية الاقتصادية: "ساهمت الإمارات العربية المتحدة إضافة إلى السعودية في الحفاظ على الاقتصاد اليمني الهش أصلاً من الانهيار، من خلال حزم مساعدات مستمرة بنحو عشرين مليار درهم (نحو خمسة مليار ريال) قدمتها الإمارات بمفردها، وعلى المستوى الإنساني فقد تجاوز وسبق الحضور الإماراتي الجميع في تقديم الغوث العاجل وحملات الاغاثة التي نفذها الهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية التي سارعت منذ اللحظات الأولى لعاصفة الحزم في مارس 2015 في تقديم الإغاثة العاجلة للسكان بعد هروب الشرعية اليمنية وتخليها عن كل مهامها وتحولها هي بذاتها إلى عبء على التحالف العربي".
وتابع: "كما سارعت الإمارات عند تحرير عدن وكذلك عند تحرير كل منطقة إلى تنفيذ مشاريع عاجلة لاعادة تأهيل البنى التحتية ومنها المرافق الصحية والتعليمية وخدمات المياه والكهرباء وإعادة تأهيل الموانئ والمطارات وإغاثة الأسر الأكثر تضرراً.
وأضاف:
"وصلت الإمارات إلى مناطق نائية بعيدة لم يسبق أن وصلت إليها أيٍ من الحكومات اليمنية المتعاقب، وأحدثت بها طفرة استفاد منها المواطنون، كما حدث في جزيرة سقطرى".
وأشار إلى أن الإمارات كذلك "اهتمت بالجوانب الثقافية والرياضية بل وصل الأمر إلى إقامة مهرجانات الأعراس الجماعية للشباب العاجزين عن الزواج وكل ذلك ساهم في تقديم الإمارات بوجهها، السند القوي والصادق لاشقائه وأظهر كذلك وجهها الانساني الذي حازتقدير الكثير لكنه كذلك أثار حفيظة القوى التي كانت تريد الاستحواذ على هذا الدعم واستثماره لصالح مشاريعها الحزبية وإعادة إنتاج نفسها بعد أن لفظها الشارع وتحديداً في الجنوب".
دعم لوجستي
وفي السياق ذاته قال مأمون المهجمي المتحدث باسم قوات العمالقة في الجنوب اليمني لـ"سبوتنيك"، إن دولة الإمارات العربية المتحدة "لها دور كبير في معركة اليمن ضد الميلشيا الانقلابية الحوثية المدعومة من إيران".
وتابع: "لقد لبت أبو ظبي نداء الرئيس هادي عندما طلب النصرة على المخطط الحوثي الإيراني الذي انقلب على الحكومة وسيطر على جميع مؤسسات الدولة، عندها تحرك التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لإسناد الشعب اليمني وحفاظا على الهوية العربية، وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة هي ثاني أكبر دولة في التحالف العربي".
وأضاف المهجمي: "أضف إلى ذلك الدعم السخي بمختلف أنواع الأسلحة والاسناد الجوي للعمليات العسكرية، والتضحية بالأرواح من الإماراتيين والتي مزجت دمائهم بدماء إخوانهم اليمنيين ليعيش الشعب اليمني حرا أبي بهويته العربية، بالإضافة إلى ضرب المخزون البشري للعدو في الساحل الغربي، كما كان الدعم اللوجستي كبيرا ونوعيا جعل الميليشيا الحوثية تصرخ وتستنجد من جبهة الساحل الغربي الممثلة بقوات العمالقة والقوات المشتركة والتي تعمل بدعم كامل من دولة الإمارات العربية ضمن التحالف العربي".
التدريبات والتجنيد على قدم وساق في عموم مدن الجنوب
— صاحب السمو اليافعي (@200Antar) June 25, 2019
تحت اشراف #الانتقالي_الجنوبي
بدعم سخي ولا محدود من دولة #الامارات
من حضرموت حتى عدن وشبوة وأبين ولحج ويافع والضالع
تلبية لنداء الوطن الجنوبي واستعداد لساعة الصفر لسيطرة على الأرض وإغلاق حدود الجنوب العربي مع اليمن pic.twitter.com/gwdhCuU1ti
وأشار الناطق باسم قوات العمالقة، إلى "الانتصارات الكبيرة التي تم تحقيقها في جبهة الساحل الغربي وتحرير 500 كيلوا متر ابتداء من عدن حتى الحديدة كان لدولة الامارات نصيبا كبيرا في هذا النصر العظيم، في الوقت ذاته كان الهلال الأحمر الإماراتي يمثل أكسجين الحياة لأبناء الساحل الغربي، من إقامة المخيمات وتأمين الغذاء والدواء وجميع سبل الحياة للفارين من المحاور المتضررة ومن مناطق سيطرة الانقلاب".
الانسحاب من التحالف
ومن جانبه قال العميد ثابت حسين الخبير العسكري والإستراتيجي اليمني لـ"سبوتنيك"، إن دور الإمارات لم يقتصر على مشاركتها المحورية والحاسمة في الحرب جوا وبرا لتحرير الجنوب وأجزاء واسعة من الشمال فحسب، بل تعدى ذلك لتقديم الدعم اللوجستي للقوات اليمنية في المناطق المحررة والتدريب والتسليح والتأهيل وتكوين شبكة دفاع جوي فعال والقيام بأعمال إغاثة كبيرة ودعم الخدمات ومكافحة الإرهاب والفساد والفوضى التي خلفتها الحرب والعهد السابق.
غموض وشكوك
وأضاف الخبير العسكري، دور الإمارات في اليمن هو الأهم والأبرز على الأرض منذ انطلاق عاصفة الحزم وحتى الآن، وتابع: "كل دول التحالف وعلى رأسها السعودية والإمارات تدخلت في هذه الحرب بناء على طلب الرئيس الشرعي هادي بعد تقديرها للأخطار التي شكلها انقلاب الحوثيين (حلفاء إيران) في صنعاء ومن ثم غزوهم للجنوب على غرار غزو ١٩٩٤".
يا أمة العرب انني لكم ناصح مشفق…
— محمد العرب..Mohammed Al arab (@malarab1) June 25, 2019
الالتفاف حول السعودية هو الحل واستعادة اليمن اهم من استعادة اَي بلد اخر…
ايران تريد كسر هيبة العرب في اليمن وهذا لن يحدث طالما في العرب #سلمان_الحزم
عاشت السعودية وعاشت الامارات وعاشت اليمن وعاشت مصر العروبة ضعوا الف خط تحت اسم مصر..
قريبا
وحول الاتهامات الموجهة للدور الإماراتي في اليمن قال حسين: "بالتأكيد اليمن شماله وجنوبه وموقعها الاستراتيجي كان حاضرا في أجندات التحالف العربي وخاصة السعودية والإمارات ومن خلفهما دول إقليمية وعظمى، لكل أطراف الحرب في الداخل والخارج أجندتها ومصالحها الخاصة، ومن وجهة نظري الشخصية، دور الإمارات ونواياها تجاه الجنوب إيجابية بشكل عام مع وجود بعض الغموض والشكوك التي ربما تكون متعلقة بالموقف السعودي أو الأمريكي".
حماية الممرات الدولية
من جانبه قال الدكتور عبد الخالق عبد الله أستاذ العلوم السياسية — جامعة الإمارات، لـ "سبوتنيك"، إن الإمارات وعبر شركة موانئ دبي العالمية تدير أكثر من 70 ميناء حول العالم شرقا وغربا، ولا تحتاج إلى موانئ في اليمن أفقر دولة عربية، وإدارة الموانئ اليمنية لن تضيف لها قليل أو كثير، لأن القيمة التجارية لها متدنية، أضف إلى ذلك أن قيمتها الملاحية أيضا متواضعة، ولا يمكنها منافسة ميناء دبي في الأجل القريب أو البعيد.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية: "أما بالنسبة للمضايق الدولية مثل هرمز وباب المندب، فهى مضايق دولية، ومهمة حمايتها وأمنها يضطلع بها المجتمع الدولي وليست حكرا على دولة إقليمية، بل تقوم بذلك قوى كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين، لأن 40% من النفط العالمي يمر عبر مضيق هرمز و24% من التجارة الدولية تمر عبر مضيق باب المندب والذي يربط بين آسيا وأوربا أكبر شريكين في العالم".
وتابع عبد الله، وفقا لما سبق فليس من الوارد أن تضطلع الإمارات بحماية تلك المضايق الدولية، والأمارات في اليمن ليست بتلك الأخلاق ولن تكون.
الوضع معقد
وأوضح استاذ العلوم السياسية، أن الوضع اليمني معقد قبل دخول الإمارات والسعودية وقبل الحرب وازدادت تعقيدا الآن بسبب الإحتلال الحوثي لصنعاء، وهناك قبائل متحاربة تاريخيا والصراع بين الشمال والجنوب وأيضا هناك أحزاب متحاربة ولا دخل للإمارات في تلك المناوشات الداخلية والتي كانت موجودة في السابق وحاليا وسوف تظل.
وأكد عبد الله، أن الإمارات كانت تحاول أن تؤدي مهمتها مع السعودية لإعادة الشرعية في اليمن وفق القرارات الأممية وحاولت جاهدة أن تستعيد اليمن عافيتها في الأجزاء المحررة وبشكل خاص في الجنوب، وأحيانا تكون الإمارات متهمة ولا شأن لها.
وتقود السعودية تحالفا عسكريا لدعم قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي لاستعادة حكم البلاد منذ 26 مارس/ آذار 2015، ضد الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء.
وأدى النزاع الدامي في اليمن، حتى اليوم، إلى نزوح مئات الآلاف من السكان من منازلهم ومدنهم وقراهم، وانتشار الأمراض المعدية والمجاعة في بعض المناطق، وإلى تدمير كبير في البنية التحتية للبلاد. كما أسفر، بحسب إحصائيات هيئات ومنظمات أممية، عن مقتل وإصابة مئات الآلاف من المدنيين، فضلا عن تردي الأوضاع الإنسانية وتفشي الأمراض والأوبئة خاصة الكوليرا، وتراجع حجم الاحتياطيات النقدية.