وجاء الحديث على لسان الحكومة السورية، عن إحراز تقدم كبير نحو تشكيل لجنة دستورية، وذلك بعد جولة من المباحثات أجراها المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون في دمشق.
وقالت وزارة الخارجية السورية، إنه تم إحراز "تقدم كبير" نحو تشكيل لجنة دستورية، وأكدت الرئاسة السورية، مواصلة الجهود لتشكيل لجنة مناقشة الدستور التي تطالب بها الأمم المتحدة بغرض التوصل لتسوية سياسية للنزاع الذي تشهده البلاد.
وفي حين أكد مراقبون على أهمية تشكيل اللجنة الدستورية، اعتبروا أنها خطوة غير كافية لرأب الصدع في سوريا، ولابد من تحقيق تقدم في ملفات أخرى على رأسها محاربة الإرهاب.
تقدم كبير
أعلنت وزارة الخارجية السورية الأربعاء الماضي، إثر محادثات بين وزير الخارجية وليد المعلم والمبعوث الأممي غير بيدرسون، إحراز "تقدم كبير" نحو تشكيل لجنة دستورية تعمل الأمم المتحدة على تأليفها.
وقال المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، إن "الاتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية بات قريبا"، مضيفا:"أعتقد أننا سنحقق تقدما قريبا، وأعتقد أننا قريبون جدا من التوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل لجنة الدستور".
وذكرت الخارجية السورية أن المباحثات، التي أجراها الوزير وليد المعلم في دمشق، مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، تناولت تشكيل لجنة صياغة الدستور وآليات وإجراءات عملها.
وقالت الخارجية السورية، عبر موقعها الإلكتروني:"وجهات النظر كانت متفقة بين الجانبين على أن العملية الدستورية هي شأن سوري وهي ملك للسوريين وحدهم، وأن الشعب السوري وحده هو من يحق له قيادة هذه العملية وتقرير مستقبله من دون أي تدخل خارجي ووفقا لمصالحه".
وأضافت الخارجية السورية:"الجانبان أكدا أهمية التنسيق المستمر لضمان نجاح مهمة المبعوث الخاص في تيسير الحوار (السوري — السوري) وتسهيل عمل لجنة مناقشة الدستور، وبما يساعد على عودة الأمن والاستقرار إلى كافة الأراضي السورية، والحفاظ على سيادة سوريا ووحدتها وسلامتها الإقليمية".
جهود مستمرة
والجمعة الماضية، أكدت الرئاسة السورية، مواصلة الجهود لتشكيل لجنة مناقشة الدستور التي تطالب بها الأمم المتحدة بغرض التوصل لتسوية سياسية للنزاع الذي تشهده البلاد.
جاء ذلك خلال مباحثات بين الرئيس السوري بشار الأسد وألكسندر لافرنتييف مبعوث الرئيس الروس.
وقالت الرئاسة السورية، في بيان، إن اجتماع الأسد بالمبعوث الروسي "تركز حول الجهود المتواصلة لإحراز تقدم على المسار السياسي، خاصة ما يتعلق بتشكيل لجنة مناقشة الدستور وآليات وإجراءات عملها".
وأشادت بـ"المراحل المهمة التي وصلت إليها"، مضيفة أنه كان هناك "اتفاق حول مواصلة العمل والتنسيق المكثف من قبل الجانبين حول الخطوات التالية، وصولا إلى تحقيق النتائج المرجوة في هذا الإطار".
تسوية أسرع
الدكتور محمد خير عكام، عضو مجلس الشعب السوري، وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق، قال إن "الحديث عن حل قريب للأزمة السورية بعد إعلان إحراز تقدم في ملف اللجنة الدستورية، هو أمل السوريين قبل أي طرف آخر".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الحرب الحالية شنت على سوريا بسبب مواقفها وثوابتها السياسية"، مشيرًا إلى أن "الدول الداعمة لهذه الحرب مازالت تعتقد بأنه من الممكن أن تحقق بالسياسة ما عجزت على تحقيقه بالآلة العسكرية".
وأكد أن "الحكومة السورية تسعى إلى تسوية سياسية، ولكن على الدول الداعمة لهذه الحرب ألا تتدخل في الحوار بين السوريين"، مضيفا:"عندما تعي هذه الدول الأمر، سنصل إلى تسوية بأسرع وقت ممكن".
وبشأن إمكانية ملف اللجنة الدستورية في حلحلة الأوضاع، قال البرلماني السوري، إن "بيدرسون نفسه قال إن موضوع ملف التسورية السياسية ليس فقط إصلاحات دستورية".
ومضى قائلا:"علينا أن لا نتفاءل خيرًا كبيرًا بالسير في هذا الملف، هناك ملفات أخرى وتداعيات لهذه الحرب، وعلى الدول أن تتحمل مسؤولياتها كإعادة الإعمار وإعادة المهجرين إلى مكان إقامتهم قبل هذه الحرب".
إنجاز حكومي
بدوره قال الكاتب والباحث السياسي السوري الدكتور أسامة دنورة، إن"التصريحات بشأن قرب التوصل إلى تشكيل نهائي للجنة الدستورية، سبق وأن سمعنا به من قبل ولم يكن دقيقًا، ونأمل أن يكون صادقًا هذه المرة".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "هناك العديد من الأمور التي يجب أن يتضمنها الاتفاق، مثل الإجراءات البروتوكولية واللوجيستية، وما يتعلق بطريقة التصويت على هذه اللجنة".
وأشار إلى أنه "إذا تم الاتفاق على هذه الأمور، يعد ذلك تقدمًا للمسار السياسي، وهذا يحسب للحكومة السورية، فبجانب حرصها على سيادة الدولة السورية، خاصة في موضوع شديد الأهمية، وهو الدستور ذلك العقد الاجتماعي بين السوريين، فهي أيضا حريصة على التقدم في المسار السياسي".
القضاء على الإرهاب أولا
وبشان إمكانية مساهمة اللجنة في حل الأوضاع المشتعلة في سوريا، مضى دنورة قائلًا: "في الحقيقة الحل السياسي لا يمكن أن يقتصر على هذا المعطى بالتحديد، نحن نتحدث عن عملية سياسية يجب أن تراعي وجود مساحات كبيرة من الأراضي السورية تحت الاحتلال الإرهابي، ففي إدلب هناك مساحات خارج السلطة الشرعية للدولة السورية، وأخرى تحت الاحتلال من قبل القوات الأمريكية في منطقة الشمال الشرقي".
وتابع: "في ظل هذه الظروف لن تحظ أي عملية استفتاء على الدستور بمصداقية، مادامت هناك أجزاء من الأراضي السورية محتلة".
وأكد الباحث السوري أن "عملية القضاء على المجموعات الإرهابية التي لا تؤمن بالأساس بأي شكل من أشكال العملية الديمقراطية أو الانتخابات لابد وأن تسير على التوازي مع موضوع اللجنة الدستورية، إذا أريد لهذا الموضوع أن يكون فعالًا في إنتاج وتحقيق الصورة المستقبلية لتعديل الدستور السوري كمفردة أساسية من مفردات الحل".
وأنهى حديثه قائلًا: "الحديث عن اللجنة الدستورية بمفردها وبغض النظر عن مكافحة الإرهاب أو الميلشيات الأجنبية هو أولا ينتهك السيادة السورية، وثانيا يضعف وينال من مصداقية أي عملية سياسية".
اللجنة الدستورية
وفي أعقاب محادثات بين رئيسي روسيا وتركيا — باعتبارهما دولتين ضامنتين للهدنة في سوريا — في سوتشي في 17 سبتمبر/ أيلول 2018، وقع وزيرا الدفاع للبلدين مذكرة حول استقرار الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب في سوريا، واتفقا على إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب، يجري سحب المسلحين والأسلحة منها، على أن تضمن تركيا تنفيذ هذا الاتفاق.
ونص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 على تشكيل لجنة دستورية، إضافة إلى وقف إطلاق النار وعملية انتقال سياسي.
وحسب الخطة المقترحة، فإن اللجنة الدستورية ستشكل من 150 عضوا، تختار السلطات السورية 50 منهم في مقابل 50 تختارهم المعارضة و50 يختارهم مبعوث الأمم المتحدة.
وتعثر تشكيل اللجنة بسبب رفض الحكومة السورية قسما من الأسماء التي اقترحها مبعوث الأمم المتحدة.
ويأمل مبعوث الأمم المتحدة، الذي تولى مهامه في يناير/كانون الثاني 2019، أن يتمكن من إحياء عملية السلام المتعثرة بعد أكثر من 8 سنوات من الحرب في البلاد.
وكان سلفه ستافان دي ميستورا حاول تشكيل لجنة دستورية.
وكان بيدرسون أكد في الأول من مايو/ أيار أمام مجلس الأمن الدولي قرب التوصل لاتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية، التي يرى فيها مدخلا لعملية سياسية تنهي النزاع المستمر في البلاد منذ العام 2011.