واتفقت واشنطن وأنقرة على إنشاء مركز عمليات مشترك في تركيا لإقامة المنطقة الآمنة شمالي سوريا، لتكون ممرا آمنا لعودة المهجرين إلى ديارهم.
الاتفاق الأمريكي التركي، الذي ينذر بقرب طرح المنطقة الآمنة في سوريا، طرح تساؤلًا مفاده: "ما سيناريوهات المواجهة السورية للتحركات الأمريكية التركية؟"
بنود الاتفاق
اتفقت واشنطن وأنقرة على إنشاء مركز عمليات مشترك في تركيا لإقامة المنطقة الآمنة شمالي سوريا، لتكون ممرا آمنا لعودة المهجرين إلى ديارهم.
وقالت وزارة الدفاع التركية "تم التوصل إلى تفاهم لاتخاذ التدابير اللازمة لتحويل المنطقة الآمنة إلى ممر آمن وعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم".
وأوردت السفارة الأمريكية في أنقرة بيانا مشتركا أكد اتفاق وزارتي الدفاع في البلدين على "تسريع تنفيذ كافة التدابير من أجل معالجة المخاوف والقلق الأمني لدى تركيا"، متابعا: "سيتم تشكيل مركز عمليات مشترك في أقرب وقت ممكن لتنسيق وإدارة المنطقة الآمنة معا".
وأضاف البيان المشترك: "ستصبح المنطقة الآمنة بمثابة ممر سلام، وستبذل كافة الجهود من أجل إعادة المهجّرين السوريين إلى بلدهم".
رد سوري
وأعربت الجمهورية العربية السورية عن رفضها القاطع والمطلق للاتفاق الذي أعلن عنه "الجانبان الأمريكي والتركي حول ما يسمى "المنطقة الآمنة".
وقال مصدر رسمي في وزارة الخارجية السورية إن "الجمهورية العربية السورية تعرب عن رفضها القاطع والمطلق للاتفاق الذي أعلن عنه الاحتلالان الأمريكي والتركي حول ما يسمى المنطقة الآمنة، والذي يشكل اعتداء فاضحا على سيادة ووحدة أراضي سورية وانتهاكا سافرا لمبادىء القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة"، وذلك حسب وكالة الأنباء السورية "سانا".
وشدد على أن "الشعب السوري وجيشه الباسل الذي فدى بالدم الطاهر لزهرة شبابه دفاعا عن سوريا ضد مجموعات الإرهاب التكفيري وداعميه أكثر تصميما وإصرارا على بذل الغالي والنفيس للحفاظ على وحدة وسلامة ترابه الوطني".
وأردف: أن "سوريا تناشد الجماهير العربية التنبه إلى مخاطر النزعة التوسعية للنظام الإخواني التركي الذي ينشر القتل والفوضى في مختلف أرجاء الوطن العربي من سوريا إلى ليبيا مرورا بالسودان والذي لن يوفر أحدا إرضاء لأوهامه في إحياء السلطنة العثمانية البائدة".
وتابع المصدر: "سوريا تناشد المجتمع الدولي والأمم المتحدة إدانة العدوان الأمريكي التركي السافر الذي يشكل تصعيدا خطيرا وتهديدا للسلم والاستقرار في المنطقة والعالم ويطيح بكل الجهود لإيجاد مخرجا للأزمة في سوريا".
اعتداء على السيادة
المحلل السياسي والاستراتيجي والعضو السابق بالوفد الحكومي السوري المفاوض في جنيف، الدكتور أسامة دنورة، قال إن "الاتفاق الأمريكي التركي الأخير بشأن المنطقة الآمنة يعد اعتداءً على السيادة السورية، وخروجا لدولتين مارقتين عن القانون الدولي، ومبادئ الشرعية الدولية".
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "سبوتنيك"، أن " هذه الدول لا تملك أي حقوق على الأراضي السورية، والتنسيقات التركية الأمريكية تصب في صالح الطرف الثالث وهو العدو الإسرائيلي المستفيد من هذه الحالة".
وتابع: "مستقبل هذا الاتفاق متعلق بتخلي الطرف الأمريكي عن حلفائه، لأن الدخول التركي أو الإشراف عن طريق المجموعات الإرهابية التي تعمل تحت قيادة أنقرة، يعني إسقاط ما يسمى بمشروع روج أفا بشكل نهائي".
ومضى قائلًا:
"أعتقد أن هذا الاتفاق لن يتم تنفيذه إلا إذا تخلت أمريكا بشكل نهائي عن هذا المشروع، وفي كل الأحوال ممارسات الطرف التركي السياسية والعسكرية سوف تضر بالأمن القومي التركي في مرحلة لاحقة".
وأشار إلى أن "الطرف التركي قدم مؤشرًا سلبيًا جدًا على مصداقيته فيما يتعلق بمسار أستانا، وأيضا فيما يتعلق باستعادة منظومة الأمن الإقليمي لما كانت عليه".
تحرك سوري
وأوضح دنورة أن "حال التدخل العسكري على الأراضي السورية يعد عمليا رفض تركيا العودة إلى أي تفهم، واستمرارا لما تقوم به السنوات الماضية من تهديد منظومة الأمن الإقليمي، وأنقرة بذلك مستمرة في إنتاج الفوضى على مستوى الشرق الأوسط".
وفيما يتعلق بالتحركات السورية، قال المحلل السياسي السوري، إنه "ليس من المستبعد أن تنسق سوريا مع الحلفاء من أجل التحرك سياسيًا"، مؤكدا أن "أمريكا ستتحرك حينها لتفشل أي تحرك لإحباط الاتفاق".
وفيما يخص السيناريوهات الأخرى حال فشلت التحركات السياسية، قال:
"التحرك السياسي والعسكري يكملان بعضهما بعض، وبيان وزارة الخارجية السورية أكد أن هناك نبرة عالية تجاه هذا التفهم بين قوتين محتلتين للأراضي السورية".
واستطرد: "لكن طبعا إجراءات المقاومة السياسية بكل أنواعها موجودة ومتاحة، وأيضا المقامة العسكرية سوف تكون خيارًا حتميا إذا حاول الأتراك الاحتفاظ بقواتها المحتلة على الأراضي السورية، وإذا أخلوا بالتفاهمات التي تم توقيعها خصوصا في سوتشي".
وأنهى حديثه قائلًا: "هذه المرحلة سوف توضح إلى أين يسير الأتراك، هل نحو الصدام الشامل أم نحو التزام بما تم الاتفاق عليه مسبقا، والحد من الاعتداء على الأراضي السورية".
وسائل ممكنة
من جانبه قال محمد خير عكام، عضو مجلس الشعب السوري، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق، إن "تركيا بقيادة حكومة أردوغان تسعى جاهدة لإقامة منطقة آمنة في سوريا".
وأضاف في تصريحات سابقة لـ"سبوتنيك"، أن أنقرة تريد أن تقوم بهذه الخطوة بالتوافق مع الولايات المتحدة الأمريكية".
وأكد أنه "رغم الخلاف المعلن، هناك شبه توافق بين واشنطن وأنقرة على إقامة مثل هذه المناطق".
وتأبع "سوريا لا توافق على هذه المناطق، وإذا أرادت تركيا أن تسعى لإقامة مناطق آمنة عليها أن تقوم بها داخل الأراضي التركية، لا داخل الأراضي السورية كما تسعى".
وعن الرد السوري، أضاف "بموجب هذا العدوان، يحق لنا أن نمنع تركيا من القيام بمثل هذه الإجراءات، بأية وسيلة ممكنة، بما فيها الوسائل العسكرية".
المنطقة الآمنة
وتهدد تركيا بشكل متكرر بشنّ عملية في شرق الفرات، وكذلك في منبج السورية، ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية، إحدى فصائل قوات سوريا الديمقراطية، التي تصنفها أنقرة ككيان إرهابي، إذا لم تسحبها الولايات المتحدة من هناك، ولاحقا، قررت أنقرة تأجيل العملية العسكرية بعد إعلان واشنطن سحب قواتها من سوريا.
وكانت أنقرة اتهمت الإدارة الأمريكية بالمماطلة في تنفيذ ما اتفق عليه حول الوضع في شمال سوريا.
ويعقد وفد عسكري أمريكي اجتماعات رفيعة المستوى حاليا في أنقرة، لبحث الأوضاع في شمال سوريا.
وتريد أنقرة إقامة منطقة آمنة بعمق لا يقل عن 30 كيلومترا، فيما اقترحت واشنطن منطقة بعمق ما بين 7 إلى 8 كيلومترات لتنفيذ العملية التركية.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في تصريحات أمس الأربعاء: "الوفد الأمريكي اقترب من آرائنا، وطلبنا حول إنشاء المنطقة الآمنة بعمق 30- 40 كم ما زال مطروحا".
وكان وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، أعرب في تصريحات، عن رفضه لتنفيذ عملية عسكرية تركية في شرقي الفرات السوري، مؤكدا أن الولايات المتحدة ستوقف أي توغل أحادي الجانب بتلك المنطقة.