صنفت الولايات المتحدة الأمريكية في وقت سابق، الصين كدولة تتلاعب بسعر صرف العملة، مشيرة إلى أنها ستعمل مع صندوق النقد الدولي للقضاء على "الميزة غير العادلة" التي اكتسبتها الصين من خلال خفض اليوان مقابل الدولار إلى الحد الأدنى منذ ديسمبر الماضي.
وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ندد الاثنين الفائت بالإجراء الذي اتخذته الصين، بشأن عملتها، إذ سمحت بكين لليوان بتخطي مستوى رئيسيا عند سبعة يوانات مقابل الدولار، وذلك لأول مرة في أكثر من 10 سنوات، ما جعل ترامب يصف ذلك بأنه "انتهاك كبير".
لماذا جاء قرار الوصف في الوقت الحالي؟
منذ أن وصفت الولايات المتحدة الصين لأول مرة بأنها "متلاعب بالعملة" من عام 1992 حتى عام 1994، اتهم السياسيون الأمريكان الدولة الآسيوية مرارا بتخفيض قيمة اليوان مقابل الدولار لمساعدة مصدريها عن طريق جعل منتجاتهم أرخص في الخارج.
لكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة ظلت ممتنعة عن تكرار هذه الخطوة، مع القلق بشأن التداعيات الدبلوماسية.
والآن ومع توتر العلاقات بين الجانبين بعد أن فرض ترامب تعريفات بقيمة مليارات الدولارات على الواردات من الصين، فإن وصف بكين بأنها "متلاعب بالعملة" أصبح أقل خطورة.
حول هذا الموضوع علق نائب رئيس مركز الدراسات المالية الدولية، في معهد الاقتصاد العالمي والسياسة، خو جيوان "مزاعم ترامب لها غرض مختلف تماما. في الواقع، إنه يحاول الضغط على بنك الاحتياطي الفيدرالي، متهما الاتحاد الأوروبي والصين بالتلاعب بالعملة. أولاً، إن الإحصاءات الاقتصادية للولايات المتحدة في السنوات الأخيرة ليست مواتية للغاية، حيث يقولون إلى حد كبير أن الاقتصاد يتعرض لضغوط. وهذا أمر غير موات بالنسبة لترامب، الذي يريد الترشح للولاية التالية. كما أنه يحتاج إلى اقتصاد قوي للمفاوضات التجارية مع الصين".
هل الصين متلاعب بالعملة فعلياً؟
هذا يعتمد على من يُطرح عليه السؤال، لا يتحرك اليوان بحرية ولكن تتم إدارته باستخدام نظام معتمد إلى حد ما حيث يحدد البنك المركزي السعر المرجعي اليومي.
في حين أن منافسي الصين بما في ذلك دول أخرى غير الولايات المتحدة، ظلوا يشكون منذ فترة طويلة من أن اليوان المنخفض القيمة عن عمد يمنح المصدرين الصينيين ميزة غير عادلة، فقد شهد العقد الماضي اتخاذ الصين خطوات للسماح لتقلب قيمة اليوان مقابل الدولار الأمريكي.
وأصبحت العملة الصينية واحدة من عملات الاحتياطي الخمسة المحددة لصندوق النقد الدولي في عام 2016، وهذا انعكاس على أن الصين بدأت في ممارسة "اللعبة الاقتصادية وفق القواعد"، على حد تعبير رئيس صندوق النقد الدولي المنتهية ولايتها كريستين لاجارد، حتى أن الولايات المتحدة توقفت عن وصف العملة بأنها "أقل من قيمتها الحقيقية" في عام 2016.
ويقول المسؤولون الصينيون إنهم يفضلون عملة مستقرة، فيما يقول خبراء الاقتصاد إن بعض الضعف في قيمة اليوان له ما يبرره مع تباطؤ الاقتصاد.
ومن جانبه قال البنك المركزي الصيني، الذي يرفض ادعاء التلاعب بالعملة، إن السوق حدد انخفاض قيمة اليوان في الآونة الأخيرة وأن تحرك الولايات المتحدة لتسمية "متلاعب العملة" سوف يسبب اضطرابات مالية عالمية.
وأكد جيوان أنه "إذا استمر كلا الجانبين في الحفاظ على الحوار والمشاورات المتبادلة، فإن احتمال نشوب حرب تجارية تتحول إلى حرب مالية ضئيل نسبيًا. أولاً، فإنه منذ آذار/مارس من العام الماضي، عندما بدأت الحرب التجارية، كان اليوان يتقلب صعودا وهبوطًا ، ولم يكن هناك اتجاه هبوطي واضح".
كيف سيؤثر انخفاض اليوان على الداخل الصيني؟
ومن شأن ضعف اليوان أن يخفف أثر الرسوم الأمريكية المفروضة على الصين من خلال جعل السلع الصينية أكثر تنافسية مقارنة بالدولار، ولكن هذا يأتي مع تكلفة على الصين.
والعملة الأضعف تخلق حوافز للعائلات والشركات لنقل أموالهم إلى خارج البلاد وإلى عملات أقوى، وهذا من شأنه أن يجبر الحكومة الصينية على السحب من احتياطياتها - أكبر احتياطي في العالم بأكثر من 3 تريليونات دولار - لشراء اليوان ودعم قيمته.
وفي عام 2015، أدى التخفيض المفاجئ في قيمة العملة إلى إثارة الأسواق العالمية وتسبب في تدفقات رأس المال إلى الخارج، وتسبب ذلك في إنفاق حوالي تريليون دولار من الاحتياطيات لوقف هذا النزوح.
كما أنه من الممكن أن يؤدي اليوان الضعيف أيضًا إلى تسارع التضخم، حيث تصبح الواردات أعلى تكلفة.