وأعلنت هيئة الانتخابات التونسية يوم 15 سبتمبر/ أيلول 2019 موعدا لإجراء الانتخابات، وهو ما أجبر المرشحين للانتخابات الرئاسية إلى الإسراع بتقديم أوراق ترشحهم.
تزكيات شعبية مزورة
منتصر الحيزم، واحد من رجال التعليم في محافظة المنستير، اكتشف بالصدفة وجود اسمه بين آلاف الأسماء المزكية لأحد المرشحين المعروفين للرئاسة، وهو ما دفعه إلى تقديم شكوى جزائية مفادها تدليس إسمه في تزكية لأحد المترشحين للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها دون علمه.
ومن جانبه قال الناطق الرسمي باسم محاكم المنستير، والمهدية فريد بن جحا، إن النيابة العمومية بالمنستير أذنت لفرقة الشرطة العدلية بفتح تحقيق في هذا الشأن.
ويقول القاضي الإداري عماد الغربي، في تصريح لـ"سبوتنيك"، إن إثبات التزوير يأخذ وقتا في القضاء الجزائي والمشكلة أن الآجال الانتخابية لم تمنح المحكمة الإدارية سوى 5 أيام للبت في القضايا الانتخابية، مؤكدا أن هناك قضايا لتزكيات مزورة وقضايا تدليس في انتخابات 2014 لم يبت فيها القضاء إلى حد اليوم، مضيفا: "ها نحن اليوم على أبواب انتخابات 2019 ولم يتم حل أي من الملفات المتعلقة بانتخابات 2014".
ويقول عدد كبير من المواطنين أنهم وجدوا أنفسهم ضحية تزوير، ومن بينهم لطفي المازني 29 سنة، الذي قال إنه اكتشف تزوير هويته بعد الجدل، الذي تابعه على موقع التواصل الاجتماعي.
ويضيف آخر، في حديثه لـ"سبوتنيك": "بعد تصاعد هذا الجدل وجدت أحد الأصدقاء قد نشر تدوينة يخبر فيها بكيفية التثبت وعندما قمت بالعملية وجدت نفسي أزكي أحد المرشحين الذي أنا نفسي لا أتفق معه لا في توجهاته ولا في برامجه".
وأكد نشر التزكيات البرلمانية شكوك التزوير، حيث اكتشف النائب بمجلس نواب الشعب ماهر المذيوب أنه قام بتزكية المرشح حاتم بولبيار، وفور اكتشاف اسمه في قائمة المزكيين نشر تدوينة قال فيها "أنا ماهر المذيوب عضو مجلس نواب الشعب أؤكد تأكيدا تاما أنني لم أزك المدعو حاتم بولبيار ولم أوقع له مطلقا".
تدوينة ماهر المذيوب، لم تختلف كثيرا عن تدوينة النائبة بمجلس نواب الشعب كريمة التقاز، التي نشرتها عقب اكتشاف اسمها في قائمة المزكين لنفس المرشح".
حماية الانتخابات من التزوير
من جهته يقول القاضي الإداري عماد الغربي، في تصريح لـ"سبوتنيك" إنه لا توجد ضمانات لحماية الانتخابات من التدليس والتزوير.
و يضيف عماد: "هناك فراغ تشريعي واختلاف كبير بين القضاء الجزائي الذي يأخذ وقتا طويلا في إثبات تهمة التزوير والقضاء الانتخابي، الذي ينتظر إثباتا من القضاء الجزائي".
وحسب رأي القاضي عماد الغربي، فان إثبات تهمة التزوير مهمة صعبة جدا فيمكن أن يكون الشخص أو النائب الذي زكى المرشح قد زكاه حقيقة ثم تراجع بعد ذلك وهذا عند إثباته يبرئ المرشح من تهمة التزوير.
ويؤكد الجربوعي في تصريحه: "الهيئة ليست ضابطة عدلية لتتبع المزورين، لكننا قمنا بكل الجهود المطلوبة منا كهيئة وطابقنا جميع معلومات المزكين، هل هم متواجدون في بنك معلومات الهيئة هل هم ناخبون، وهل قاموا بتزكية أشخاص آخرين، تثبتنا من جميع هذه المعلومات لكننا لا نستطيع أن نجيب على سؤال: هل هذا الشخص أو ذاك زكى فعلا المرشح أم لا؟".
ويقول الفصل الرابع من قانون حماية المعطيات الشخصية "تعتبر معطيات شخصية على معنى هذا القانون كل البيانات مهما كان مصدرها أو شكلها، التي تجعل شخصا طبيعيا معرّفا أو قابلا للتعريف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة باستثناء المعلومات المتصلة بالحياة العامة أو المعتبرة كذلك قانونا".
وبعد تصاعد جدل التزكيات المزورة نشرت الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية بيانا أكدت فيه أن تزوير التزكيات لا يدخل في معالجة المعطيات الشخصية كيفما عرفها الفصل 6 منه، بل إنها تشكل فعلا إجراميا تعاقب عليه المجلة الجزائية.
ودخل ناشطوا المجتمع المدني أيضا على خط الأزمة، وقالت رجاء الجبري الكاتب العام لشبكة مراقبون إنه وخلافا لتجاوزات 2014، التي لم يبت فيها القضاء إلى اليوم ستعمل الشبكة على جمع مختلف الشكايات المتعلقة بالتزوير من أجل التقدم بشكاية في التدليس والتزوير كما تعهدت الشبكة عبر كاتبتها العامة أنها ستتابع الموضوع وستسعى إلى الضغط من أجل معاقبة المزورين.